شيّع سكان ولاية البيض، رفقة الوفد الوزاري الذي أوفده رئيس الجمهورية إلى ولاية البيض صبيحة الأحد، جثامين ضحايا انفجار أنبوب الغاز مساء السبت، في جو جنائزي مهيب قلّما عرفت المدينة مثيلا له. تقدم المشيعين، أهالي الضحايا المنتمين إلى ثلاث عائلات، وملامح الحزن العميق بادية على الوجوه، من هول الفاجعة. واستمع الحضور إلى كلمة الإمام عبد الجبار التي أبكت حينما راح يؤبن الضحايا، ويرفع يديه بالدعاء لهم، سائلا الله أن يجعلهم من الشهداء، كونهم ضحايا الحريق والهدم. وذكر وزير الداخلية كمال بلجود للمعزين، بأن طائرة تابعة للحماية المدنية كانت قد أقلعت إلى العاصمة وعلى متنها 4 جرحى من ضحايا الحادث، إلى مستشفى الدويرة وعيادة الأطفال المحروقين في شارع باستور، وتفقد بلجود رفقة وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات عبد الرحمن بن بوزيد، والمدير العام للحماية المدنية بوعلام بوغلاف، والرئيس المدير العام ل"سونلغاز" شاهر بولخراص، باقي الجرحى وعدهم 12، بينهم الفتاة "ط.م" شقيقة إحدى المتوفيات في الانفجار، التي راحت تروي ل"الشروق" تفاصيل الفاجعة، وأوردت أن الانفجار العنيف كان بمثابة زلزال قوي تسبب في انهيار سكنهم، الذي كانت متواجدة بداخله رفقة إخوتها الثلاث، وقامت بإدخالهم داخل برميل ماء لإطفاء النار التي مست أجسادهم في حين لم تتمكن من إنقاذ أختها أميمة (15 سنة)، التي لفظت أنفاسها الأخيرة قبل الوصول إلى مستشفى محمد بوضياف. أما والدتها فقد تم تحويلها إلى مستشفى الدويرة، كون حالتها جد خطيرة وهي ترقد بالعناية المركزة، كما ذكرت المصابة بأن تسرب الغاز بدأ منذ الساعة الحادية عشرة صباحا، في وقت أن عناصر فرقة التدخل ل"سونلغاز" لم يحضروا إلى عين المكان إلا على الساعة الواحدة والنصف زوالا. من جهته، روى لنا والد أحد الضحايا، أنه لم يكن متواجداٌ بالمنزل ساعة وقوع الحادثة، مضيفا بأنه مازال تحت الصدمة، ولم يصدق بعد ماذا حصل. وقال إنه سمع دوي انفجار، ووصف المشهد بأن الحي بدا وكأنه تعرض للقصف الجوي، كما هو حال المدن والقرى التي تقصف في مناطق الحروب والنزاعات. كيف لا، والأساسات الإسمنتية تصدعت، وحديد البناء تصدع، واستحال قطعا متناثرة، ما صعب مهمة رجال الحماية المدنية، الذين وصلوا دقائق بعد الكارثة، وشاركهم المواطنون، جهود إخماد الحريق، وانتشال الضحايا. وعن ظروف الحادث، أوضح وزير الداخلية بأن الأمر، وراءه مقاولة لأحد الخواص، أنيط بها تجديد قنوات الصرف الصحي، وباشرت أعمالها من دون التنسيق مع سونلغاز، ما تسبب في إحداث ثقب واسع على مستوى الأنبوب الرئيسي، الذي يزود الحي بالغاز، فحدث الانفجار، وتسبب في سقوط بناية من 3 طوابق، حيث انهارت بصفة كلية. في حين أصيب منزلان آخران بتشققات وتصدعات كبيرة للغاية. وأمر وزير الداخلية بتشكيل لجنة مكونة من المصالح التقنية، لتقييم الأضرار التي على أساسها يحتسب التعويض المادي للمتضررين، وفي انتظار نتائج التحقيق النهائية، التي باشرها فريق أمني مختص، يضم منتسبين إلى مختلف الجهات الأمنية. وتوعد كمال بلجود بأن العدالة ستأخذ مجراها وسيعاقب كل المتسببين "بصفة مباشرة وغير مباشرة"، في وقوع الحادث، موجها تحذيرا لكل مقاولات الإنجاز على المستوى الوطني، من مغبة عدم احترام مقاييس الأمن والسلامة في الأشغال.