اختتمت الدورة العادية السادسة للجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني، في حدود الساعة الرابعة مساء السبت، تحت ظرف قاهر وعلى وقع الاختلاف حول من سيقود الحزب العتيد بعد بلخادم، في ظل حالة الغموض بشأن "القائد المجهول" الذي سيخلف بلخادم، ولم تحسم اللجنة المركزية خلافاتها وحالات التشنج والانشطار الذي كان لقسمين ساعة سحب الثقة من الأمين العام السابق، عبد العزيز بلخادم، قبل أن تنقسم توجهات خصوم بلخادم لثلاثة أجنحة بسبب منصب الأمين العام، ليصبح الآفلان متأرجحا بين أربعة توجهات. وانتظر أعضاء اللجنة المركزية ساعات طويلة بفندق الرياض بالعاصمة- وأعصابهم تحترق حول كيفية فض النزاع مع أنصار بلخادم- لاتخاذ قرار موحد بين الطرفين المتنازعين، والذي لم يحصل إلا بعدما تلقى الطرفان "تعليمات فوقية"|، بعد الساعة الثانية زوالا، تقضي بغلق الدورة، وإرجاء انتخاب الأمين العام إلى دورة طارئة، تستدعى في الأيام القليلة المقبلة، حيث غادر الأمين العام السابق عبد العزيز بلخادم دون حضور اختتام الدورة. وكانت اللجنة المركزية قد واصلت أشغالها، صبيحة أمس، بحضور أنصار بلخادم، وتلقت لجنة الترشحيات التي ضمت 6 أعضاء من الموالين لبلخادم فقط، اعتراض الخصوم، وقد أعلن ثلاثة أعضاء ترشحهم للأمانة العامة، ويتعلق الأمر بكل من السيدتين: مفتالي يمينة نائب بالبرلمان عن ولاية تيزي وزو، وإبراهيم حليمة نائب بالبرلمان عن جنوبفرنسا بمرسيليا، والسيد أحمد حنوفة، بالإضافة إلى الثلاثة المترشحين، أول أمس، نور الدين السد، حلاف باية نسيمة والسيناتور جعفر نور الدين. وفي وقت تحفظ فيه عبد العزيز بلخادم عن إعلان رغبته في الترشح من عدمه، للأمانة العامة مجددا، ظل خصومه يتقدمهم عبد الكريم عبادة، في قاعة الاستقبال لفندق الرياض يعقدون لقاءات صحفية جانبية، لإعلان معارضتهم لعمل اللجنة المركزية، متهمين المحضرة القضائية بتسيير الأشغال والإشراف عليها بدل الاكتفاء بالمتابعة والمعاينة، كما رفضوا الكشف عن أسماء مرشحيهم للأمانة العامة وكذا العضوية في لجنة الترشحيات. وقال بلخادم، على هامش أشغال اللجنة المركزية، بأن اللجنة تواصل تلقي الترشيحات، مضيفا: "أنا مجرد عضو في اللجنة المركزية الآن، وما يهمني هو أن لا يبقى الحزب في أزمة، ولم يتصل بي أحد من الطرف الثاني". وقام بوجمعة هيشور، بشبه مناظرة مع المكلف بالإعلام للحزب قاسة عيسى، في الجهة الخلفية للقاعة، أفضت إلى دخول هيشور القاعة وكان أول المعارضين ممن يلتحق باللجنة المركزية، وصعد المنصة ليشيد بالأداء الديمقراطي لبلخادم، مؤكدا حقه في الترشح، وأرجع ذلك إلى الجانب الأخلاقي الذي لا يقدره إلا بلخادم شخصيا، داعيا لإيجاد حل في نفس اليوم وعن طريق الصندوق. ورحب الحضور بخطاب هيشور، غير أن عبد الرحمن بلعياط عضو المكتب السياسي، الذي أدار الأشغال بحكم أنه الأكبر سنا وفقا للمادة 9 من النظام الداخلي للجنة المركزية التي تتيح له القيادة برفقة الأصغر سنا، عبد القادر زحالي، اغتاظ لاعتلاء هيشور المنصة- حيث إنه كان غائبا لبعض الوقت خارج القاعة- وقال لمن حاولوا تهدئته: "لو أن الطيب لوح يأتي ويطلب الكلمة كيف سنفعل معه؟"، مضيفا: "جدول الأعمال هو تلقي الترشحيات وليس لفتح النقاش". وبعد الظهيرة التحق التقويمون بالجلسة، في وقت كان فيه النائب وحيد بو عبد الله وقياديون في التقويمية جالسين مع عبد الرزاق بوحارة، هذا الأخير، الذي يسانده بقوة جناح في التقويمية على أساس أنه مرشح إجماع وقد يكون المقترح من قبل جهات أمرت بالالتحاق بالقاعة التي ظلت على مدار يومين شبه فارغة. ورغم أن عبد الرحمن بلعياط أعلن أن الجلسة تتواصل إلى غاية العاشرة ليلا، حسب الترخيص القضائي، غير أن تلك "التعليمات الفوقية" أنهت الأشغال، وانتهت بتجميع الأطراف المتخاصمين على رفع الجلسة، وأعلن أن المكتب السياسي سيسير الأزمة بقيادة عبد الرحمن بلعياط، هذا الأخير الذي سيتكلف بمهمة استدعاء اللجنة المركزية لدورة طارئة لانتخاب الأمين العام، في 15 يوما أو ثلاثة أسابيع، وهي المهلة التي تسمح بتبلور الرأي على مرشح الإجماع لدى السلطة، وليقتنع به أعضاء اللجنة المركزية، وستواصل لجنة الترشحيات عملها بالمقر المركزي للحزب. . سي عفيف: من خانوا بلخادم تعرضوا لضغوطات من وزرائهم أفاد عبد الحميد سي عفيف، عضو المكتب السياسي للأفلان أن الأصوات التي "خانت" بلخادم، "كانت تحت ضغوطات مورست عليهم"، مضيفا: "أرغم مسؤولون أعضاء في اللجنة المركزية يشتغلون بقطاعاتهم- يقصد الوزراء-"، علما أن هناك حوالي 15 عضوا من اللجنة المركزية يشتغلون بمديريات تابعة لقطاعات وزراء الحزب المعارضين لبلخادم، حسبما أفاد ل "الشروق" عضو اللجنة المركزية. . زياري: سنستشير بوتفليقة ونفضّل التزكية أكد عضو المكتب السياسي لجبهة التحرير الوطني، عبد العزيز زياري، بأن الجناح المحسوب عليه يفضّل التزكية دون اللجوء للصندوق، مضيفا "إذا اقتضت الضرورة سنذهب للصندوق ولا يوجد اسم مقترح، وسنبدأ الاستشارة من اليوم، وسنستشير الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ياعتباره الرئيس الشرفي للحزب". . حجار: لن أترشح وتجديد الثقة في بلخادم عبث قال القيادي في الأفلان، عبد القادر حجار، أنه يستحيل ترشح عبد العزيز بلخادم، أخلاقيا بعدما سحبت منه الثقة، موضحا أن "اللجنة المركزية إذا جدّدت الثقة في بلخادم فإنها لجنة عبث"، وأكد حجار أنه لن يترشح "وقد طلبوا مني ذلك ورفضت"، وأضاف "ينبغي استشارة الرئيس بوتفليقة، في المقترح لمنصب الأمين العام كما ستستشار اللجنة المركزية"، موضحا" منصب الأمين العام ليس منصبا قانونيا فقط، بل هو منصب سياسي وأخلاقي أيضا". . . أصداء: * بمجرد اعتلاء الوزير عمار تور منصة القاعة، حينما عاد الجميع لرفع الجلسة صرخ فيه الجميع: "اهبط.. اهبط". * كان تو وحراوبية ولوح محط أنظار كاميرات الصحافة، في غياب بلخادم الذي غادر، قبل اجتماع اللجنة مجددا لرفع الجلسة، مما دفع بالوزير زياري للنهوض من مكانه والدردشة معهم لأخذ قسطه من عدسات الكاميرات. * تلقت "الشروق" همسة من عضو لجنة مركزية مقرب من دوائر القرار، قال لسي عفيف عضو المكتب السياسي في أذنه بصيغة الأمر: "الرئيس هو من سيعين الأمين العام وليس غيره"، طبعا بعدما وصلت التعليمات الفوقية. * فند عبد الكريم عبادة أن تكون التقويمية قد اتفقت على ترشيح- بإجماع- عبد الرزاق بوحارة نظرا لرغبته في الترشح، وهو ما عزز فكرة الأجنحة داخل التقويمية نفسها بين الوزراء من جهة وأنصار عبادة من جهة ثانية، وطرف ثالث يجمع على شخصية بوحارة. *دخل وزير الصحة عضو المكتب السياسي، عبد العزيز زياري، يمسك بيد بلعياط المكلّف قانونيا بتسيير شؤون الحزب بالنياية، لإيهام الحضور بأن الطرفين متفقان.