انطلقت مشاورات شبه رسمية بين الجناحين المتصارعين لحزب جبهة التحرير الوطني، لاختيار شخصية قريبة من مواصفات المرحوم عبد الرزاق بوحارة عضو اللجنة المركزية الذي وافته المنية أول أمس، لقيادة المرحلة الانتقالية للحزب العتيد، وسط تعالي أصوات من الطرفين تنادي بضرورة لم الشمل وتجاوز الأنانيات والطموحات الشخصية. وأفادت مصادر مطلعة في الأفالان بأن وفدا كان يضم شخصيات معروفة بالحزب ويقوده وزير النقل عمار تو، كان يستعد لمقابلة المرحوم عبد الرزاق بوحارة لإبلاغه بأنه الشخصية التي تم الاتفاق عليها بين الجناحين المتصارعين لتسيير المرحلة الانتقالية للحزب، غير أن القدر كان الأسبق، حيث أبلغوا بتحويل المرحوم إلى المستشفى جراء تعرضه لمضاعفات صحية. وقال عضو اللجنة المركزية ومنسق الحركة التقويمية عبد الكريم عبادة في تصريح ل"الشروق"، بأن الحزب خسر بوحارة وهو في أمس الحاجة إليه، "فقد كان مفتاحا للأزمة، وكنا نتوسم ونعتقد بأنه رجل إجماع"، غير أنه لمح إلى انطلاق مشاورات للاهتداء إلى رجل مثل المرحوم ويحمل مواصفاته، وباستطاعته أن يحقق الإجماع بغرض تجاوز حالة الفراغ التي سببها سحب الثقة من الأمين العام السابق عبد العزيز بلخادم، موضحا بأن الأفالان لديه إطارات من بينهم أعضاء في اللجنة المركزية، وأن المشاورات والمساعي التي بدأت سترمي إلى لم الشمل وتجاوز الأزمة استعدادا لمواعيد قادمة جد حاسمة، ورفض عبادة أن يبقى الحزب العتيد يدور في حلة مفرغة، قائلا: "آملا أن يتمكن الجميع من تجاوز الأنانية والعمل على لم الشمل". في حين توقع عضو المكتب السياسي عيسى قاسا بأن يجتمع أعضاء هذه الهيئة خلال هذا الأسبوع بعد أن تم تأجيله لمرات عدة، وكان من المزمع أن ينعقد قبل وفاة عبد الرزاق بوحارة، قائلا عنه: "هو رجل إجماع سيجمعنا بعد موته"، رافضا الحديث عن شخصية بديلة لتسيير مرحلة الأزمة للحزب العتيد خلفا للمرحوم، بحجة أن الصندوق هو الذي سيفرز رجل الإجماع، مصرحا: "لن يكون هناك أمين عام مؤقتا، لأن القيادة المؤقتة الوحيدة هي المكتب السياسي، الذي سيحاول الاجتماع هذا الأسبوع بعد أن يتحقق النصاب القانوني لتناول وضعية الأفالان"، ومع ذلك تبقى الدورة الطارئة للجنة المركزية التي ستفرز أمينا عاما جديدا خلفا لبلخادم غير قريبة الآجال، رغم جنوح الطرفين المتنازعين إلى تغليب الحكمة والتعقل، والسعي لجمع شتات الحزب، إذ يرى عيسى قاسا بأنه حان الوقت لتوحيد الصفوف، "فالانقسام لا يخدم أي جهة منا"، مصرا على أن ما يعيشه الأفالان هو انقسام مصطنع ومجرد أنانيات لا غير، بحجة أن الحزب العتيد عرف منذ بدايته صراعات حول القيادة، لا تمت بصلة للصراع الإيديولوجي أو صراع الأفكار، وهو يتميز عن تشكيلات أخرى بكونه لديه آليات لتجاوز الخلاف . في حين توقعت مصادر أخرى صعوبة العثور على رجل إجماع يحمل نفس ميزات المرحوم عبد الرزاق بوحارة، ويقول محمد صغير قارة بأن هذه الفاجعة ستكون فرصة لجمع أبناء الحزب.