مبادرة "خيّرة" صدرت عن 100 كاتب ومثقف عربي من ضمنهم وزراء سابقون وقادة رأي وأساتذة في أرقى الجامعات بالعالم، وجَّهوا من خلالها نداءً من أجل وقف التّوتّر والتّصعيد بين المغرب والجزائر داعين إلى حلّ الخلافات بينهما بالتّفاوض والوسائل السّلمية. لكن ما يُؤسف له أنّ الموقّعين على البيان تجاهلوا حدثا خطيرا وسلوكا نشازا من المخزن يصل إلى درجة الخيانة بإقدامه على مقايضةٍ حقيرة يقوم بموجبها بتطبيعٍ كامل للعلاقات مع الكيان الصّهيوني الغاصب، مقابل انتزاع اعتراف من رئيس مهزوم يستعدّ لمغادرة البيت الأبيض ب"سيادته" المزعومة على الصحراء الغربية! كان على الموقّعين على بيان الوساطة أن يسمّوا الأسماء بمسمّياتها، وأن لا يتجاهلوا الخنجر المسموم الذي غُرز في ظهر الجزائر عندما استعان المخزن بالصّهاينة، ودخل معهم في تعاون سياسي وأمني بهدف الاستقواء على الجيران. صحيح أنّ الموقعين على البيان يحرّكهم الخوف على الجزائر والحبّ الذي يكنونه لبلد الشهداء الذي يرفض الهرولة نحو التطبيع ويقف صامدا أمام المغريات والضغوط، لكن كان عليهم أن يصدحوا في البيان بالحقيقة القائلة إنّ التوتر بين الجزائر والمغرب ازداد حدّة عندما فُتح البابُ أمام الصهاينة الذين دمّروا المشرق العربي وأدخلوه في حروب ونزاعات، والتفتوا الآن إلى المغرب العربي ليُشغلوه بالأزمات والتّوترات، وكلُّ أعينهم على الجزائر التي ترفض الرضوخ للإملاءات والضغوط. ثم إنّ الطّرف الذي يدفع نحو التّوتر هو المخزن الذي يحاول التّغطية على فضيحة التّطبيع والعمالة للصهاينة بافتعال الأزمة مع الجزائر والترويج بأن السّبب وراء لجوئهم إلى إسرائيل هو الجزائر، وهو تبريرٌ لم تجرؤ دولة مطبِّعة على تقديمه، فلا الإمارات اتهمت قطر بدفعها نحو التطبيع، ولا السودان برّرت تطبيعها مع الصهاينة بافتعال مشجب لدفع عار الخيانة والعمالة! إنّ البحث خارج ضجيج الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي عن سيناريوهات واقعية لحلِّ المشاكل العالقة بين البلدين على حد تعبير أصحاب مبادرة الوساطة، يجب أن يبدأ من نقطة الخيانة التي وقع فيها المخزن، وأول خطوة هي تحييد الصهاينة وإزالة الخنجر المسموم من ظهر الجزائر والمتمثل في التواجد "الإسرائيلي" في قاعدة عسكرية مغربية لا تبعد سوى ب38 كلم عن الحدود الجزائرية. إذا تم تحييد هذا الخنجر المسموم، حينها تكون مبادرة الإخوة الإعلاميين والمثقفين العرب بألف معنى ومعنى، أما إذا استمر المخزن بالاستقواء علينا بالصهاينة، فإن الكلام عن وقف التوتر بين البلدين هو مجرّد "حكة" في غير مكان الألم!