رغم تجربة جائحة فيروس كورونا المستجد والحجر الصحي الذي دام في الجزائر لشهور، ورغم الحاجة الملحة للرقمنة، والحديث عليها في الخطابات الرسمية للمسؤولين، إلا أن حلول سنة 2021، لا يبشر بتحقيق الكثير من المشاريع المتعلقة بالتكنولوجيا الحديثة والرقمية، في وقت قريب، وعلى العكس فإن الإرادة الحقيقية والجادة تنتظر خطوة أخرى أكثر صرامة قبل الحديث عن العملة الرقمية والمدن الذكية. وأكد مختصون في المعلوماتية، أن تعامل بعض المؤسسات الرسمية والهيئات العامة والحكومية في الجزائر ومع دخول سنة 2021، ب"الفاكس" والبريد التقليدي هذا التعامل بوثائق غير رسمية وغير محمية، خير دليل على أن الخطوة الحاسمة لولوج عالم الرقمنة ومواكبة التكنولوجيا الحديثة، لم تبدأ بعد ويجب أن يعي المجتمع الجزائري ذلك. وقال خبير المعلوماتية، الدكتور عثمان عبد اللوش، إن حلول سنة 2021، أثبت أننا لم ندخل العصر الرقمي لحد الساعة، وإن أمام الجزائر سنوات أخرى حتى تحقق بعض المشاريع المتعلقة بالرقمنة كالعملة الرقمية، ولا تزال حسبه، مناطق الظل تعيش عزلة رقمية لانعدام خدمة الانترنت أو لتذبذب في التدفق. ويرى ذات الخبير، أن بعض المسؤولين، لم يستغلوا التكنولوجيا في عملهم وتعاملهم مع المواطن، ودليل ذلك أن مواقع إلكترونية لبعض الوزارات والهيئات الرسمية، لم تستحدث أو أنها موجودة وغير متفاعلة مع المستجدات والأحداث الآنية. وانتقد الدكتور عبد اللوش، التعامل ب"الفاكس" وتجاهل البريد الالكتروني، وخاصة عندما يأتي هذا التعامل من المسؤوين والمؤسسات العمومية الكبرى والخاصة، وفي التعاملات الرسمية، حتى التجارية منها، والسياسية، والإعلامية، موضحا أن "الفاكس" وثيقة غير رسمية وغير محمي قانونا، كما انه غير مدرج في القانون الجزائري كوثيقة رسمية مثل" التيلكس". وأكد عثمان عبد اللوش، أن الملايين تضيع في ورق "الفاكس"، وأن الهواتف الثابتة المرتبطة به، هي أيضا، خسارة اقتصادية، في وقت تتحدث فيه الجزائر عن التطور الاقتصادي والاقتصاد الرقمي. ودعا إلى ضرورة ربط العمل البحثي في الجامعات بكل المؤسسات وحسب الاختصاص، وجعل معاهد البحوث كهيئات مشاركة في المشاريع المرتبطة بالمعلوماتية والرقمنة، مشيرا إلى أن المستشفيات الجامعية وفي تعاملها مع الجامعات واستقبالها لطلبة الطب، مثال يقتدى به، ويمكن تطبيق ذلك مع معاهد أخرى ومراكز التكوين، وجعلها جهات تلجأ إليها المؤسسات ومسيريها لطرح الإشكاليات سيما المتعلقة بالمعلوماتية والعالم الالكتروني. وفي السياق، قال خبير تكنولوجيا الاتصال والمعرفة، يونس قرار، إن الرقمنة في الجزائر تحتاج إلى إستراتيجية تدوم 5 سنوات أو 6 سنوات على الأقل، وتشمل مؤشرات المتابعة مع تحديد التاريخ الرسمي بدقة، كما أن، حسبه، مشاريع الرقمنة تمس الكثير من القطاعات التجارة الالكترونية والمالية والتجارة والتأمين أي تأمين المنتوجات الالكترونية وذلك بالتعامل مع شركات التأمين، وشركات "اللوجيستيك"، أي وسائل النقل العادية ونقل السلع، حيث يكون التطوير والرقمنة شركة بين كل هذه القطاعات، وبذلك تحتاج إلى وسائل النقل الالكترونية. وأكد قرار، أن الحاجة إلى الانترنت هي حاجة الكثير من القطاعات، حيث لا يكفي "أن تعلن وزارة ما لوحدها عن مشروع الرقمنة، فوزير المالية لديه رأي، ووزير التجارة لديه رأي، وهي اقتراحات شخصية تتطلب اتفاقا رسميا وجادا وبمشاركة جميع الأطراف". ويقترح خبير المعلوماتية، يونس قرار، إنشاء هيئة تابعة لرئاسة الجمهورية، تضع إستراتيجية لمدة 5 أو 6 سنوت، ثم تضع ورقة طريق تلتزم بها جميع الوزارات وتقوم هذه الهيئة بالمتابعة، بحيث لا تبقى مجرد إعلانات. وفيما يخص"الفاكس"، يرى يونس قرار، أنه دليل التناقض الموجود بين الوعود الخاصة بخوض عالم الرقمنة والاقتصاد الرقمي، وبين واقع يشير إلى أننا لا نزال بعيدين كل البعد عن مواكبة العصر، حيث رغم، حسبه، أن لبعض الوزارات والهيئات الرسمية مواقع وتطبيقات الكترونية، إلا أن التعامل ب"الفاكس"، وعدم الاعتراف بالبريد الالكتروني، إشكالان كبيران يتركان المواطن الجزائري حائرا، هذا مع العلم أننا يمكن سحب جواز سفر إلكتروني، ووثائق أخرى أقل أهمية لا يمكن سحبها إلكترونيا.