شهدت أماكن التسلية والتنزه، خلال الأيام الأخيرة من العطلة الشتوية، تدافعا وفوضى لأمواج بشرية، اختلط فيها "الحابل بالنابل".. فلا تباعد ولا كمامات ولا بروتوكول صحيا، وكأن الجزائر في منأى عن وباء كورونا، الذي أغرق العالم. والغريب في الأمر، سلوكيات الكثير من العائلات التي أطلقت العنان للفرح والمرح، واصطفت في طوابير طويلة، وسط أمواج بشرية غير معهودة على الألعاب، بحجة إسعاد الأطفال، الذين يعيشون آخر ساعات العطلة الشتوية، التي تزامنت مع أيام ربيعية جميل، أتبعت أشهرا من الغلق والحجر.. تسبب قرار إعادة فتح المتنزهات وحدائق التسلية والشواطئ، خلال الأيام الأخيرة من العطلة الشتوية، اكتساح العائلات لهذه الأماكن وسط تسيب كبير ومخيف في الإجراءات الصحية التي عهدها الجزائريون على مدى أشكر طويلة، وهذا ما ينذر حسب المختصين بعودة ارتفاع الإصابات بفيروس كورونا الذي شهد استقرارا في حدود 240 إصابة على مدى أزيد من 45 يوما، استبشر فيها الجزائريون خيرا باقتراب الفرج، خاصة مع بداية تلقيح الجزائريين نهاية الشهر الجاري، في حدث تاريخي سيشكل فاصلا في نهاية الأزمة الصحية التي قلبت حياة المواطنين رأسا على عقب. طوابير وتدافع وعناق وتسيب بداية جولتنا كانت من غابة الربوة الجميلة بولاية تيبازة، التي تعتبر المقصد الأول للعائلات من مختلف ولايات الوطن، لتمازج الأشجار مع زرقة البحر، وتواجد مساحات واسعة للعب الأطفال. الإقبال كان خلال الأيام الماضية قياسيا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، خاصة بعد غلق هذه الغابة لأشهر طويلة وإعادة فتحها حديثا، وساعد موقعها عند مدخل مدينة تيبازة ومحاذاتها للطريق السريع على إقبال المواطنين عليها، على شكل أمواج بشرية لم تجد لها قدما داخل الغابة، التي اكتسحتها السيارات بترقيم مختلف الولايات بعدما لم تجد لها مكانا في الخارج. طوابير وتدافع على الألعاب، كان فيها الصغار والكبار قدما لقدم وجنبا لجنب، أين غابت الكمامة والتباعد، في مشهد أنسانا نهائيا الوباء، ليغرق زوار هذه الغابة في المرح والفرح وأطلقوا العنان للعناق والتجمعات العائلية والأكل المشترك من نفس الإناء والصحن.. هو مشهد مخيف بكل ما تحمله الكلمة من معنى والجزائر مازالت تعيش تحت وطأت الوباء رغم تراجع الإصابات نسبيا. هذا المشهد، لم يختلف في العديد من أماكن التنزه التي قصدتها "الشروق"، على غرار غابة القرية الإفريقية بسيدي فرج وحديقة الحامة بالعاصمة ومتنزه الصابلات وغابة باينام، والحديقة الأثرية بتيبازة.. وضحى الأولياء بجميع البروتوكولات الصحية في سبيل إسعاد أطفالهم، الذين أطلقوا العنان للعب وسط الطوابير الطويلة والتدافع على شبابيك الألعاب، وحتى القائمون على هذه الأماكن لم يستطيعوا تنظيم هذه الأمواج البشرية في مساحات باتت تجارية بامتياز… أطباء: فتح المتنزهات وأماكن التسلية جاء في غير وقته أكدت الطبيبة في الصحة العمومية بالعيادة المتعددة الخدمات لبن عمر بالعاصمة، حورية زايدي، أن فتح المتنزهات جاء في غير وقته، خاصة أنه تزامن مع الأيام الأخيرة للعطلة، الأمر الذي جعل العائلات تهجم عليها بهذا الشكل، ما سيرفع من دون شك، كما ذكرت زايدي، من معدل الإصابات بفيروس كورونا. وسيظهر الأمر كما قالت بعد 15 يوما من تاريخ فتحها. وأضافت زايدي أن قرار إعادة فتحها أمام الزوار في هذا التوقيت بالذات جاء متسرعا، لأننا كما ذكرت في أولى أيام التلقيح الأولى. وباعتبار الجرعة الأولى كما قالت محدثتنا، تعطي مفعولا بنسبة 50 بالمئة، وكان من المفروض، انتظار تلقي الجرعة الثانية التي تكون بعد 21 يوما من الأولى، وترك الوقت لأن تتبين نتائجها ومفعولها، وبعد ذلك، يتم إعادة فتح المتنزهات، بمعنى بعد حوالي شهر ونصف تقريبا، حسب ما جاء على لسانها. وأضافت محدثتنا في سياق ذي صلة أن العائلات لا تحترم على الإطلاق التدابير الوقائية، كالتباعد الجسدي وارتداء الأقنعة الواقية، وبالأخص الأطفال الذين يعتبرون حسب الطبيبة زايدي أكثر من ينقل الفيروس لغيرهم.