تساور الأم مشاعر القهر والقلق عندما تتدخل عائلة الزوج في تربية أطفالها بطريقة لا تناسبها ما يفتح الباب على الكثير من الصدامات. وكثيرا ما تتسع دائرة الخلاف وتأخذ منعرجا سيئا، عندما يكون الطرف المتدخل في تربية الأطفال هو الحماة ذلك لأنها لا تمتلك قواعد التنشئة الصحيحة حسب اعتقاد زوجة الابن. فتنزعج عندما تطلب الحماة مثلا من حفيدها أن يذهب إلى فراشه قبل العاشرة ليلا، لتعارضها الحماة بقولها: "دعيه يجلس معنا، مازال الوقت مبكرا". حينها يبتسم الطفل ابتسامة المنتصر، ويحوّل بصره عن أمه وكأنه لا يراها، ويكمل سهرته حتى ساعة متأخرة من الليل، لتجد الأم صعوبة في إيقاظه في الصباح للذهاب إلى المدرسة. وتشعرين كأم، بأنك ستنفجرين غضبا عندما تجدين حماتك "تغرغر" مشروبا غازيا لطفلك الذي لم يكمل عامه الأول، وهي تقول له مسرورة: "بالصحة والهنا". وعندما تحاولين توجيه عقاب معنوي أو جسدي لطفلك لتدخله في شؤون الكبار، أو لإساءته الأدب، تتدخل حماتك لإنهاء الموضوع لصالحه، فيتعوّد على الاستنجاد بها والاختباء وراء ظهرها، كلما ارتكب خطأ أو اقترف حماقة. وتشعرين شيئا فشيئا أنك فقدت السيطرة على طفلك، وضاعت مهمتك التربوية في مهب التدخلات العشوائية حتى وإن جاءت بحسن نية. تأكدي، أنك تشتركين في هذه المشكلة مع الكثير من الزوجات اللواتي يعشن مع أهل الزوج، ولعلك تدركين أن رسم تكشيرة على وجهك استعدادا لدخول معركة فاصلة تنهي بها هذه التدخلات السافرة في تربية أطفالك، من شأنه أن يوسع دائرة الخلاف، ويصعّد من المشكلة دون أن يحلها أو ينهيها. وتوقعي أنك ستسمعين حماتك، وهي تقول لك: "إنك لم تأت به من بيت أهلك" تقصد ابنك، أي أنه "ملكية" عامة لأهل الزوج وليس "ملكية" خاصة لك. وهذا صحيح بالتأكيد، فمع كونك أمه التي ولدته، فهذا لا يعني أن جديه وأعمامه وعماته لا يملكون الحق في تعليمه وتوجيه النصح له، أما إذا كانوا غير ملمين بأساليب التربية الصحيحة والحديثة، ويساهمون في إفساد أخلاقه وتعويده على سلوك وعادات سيئة، فمهم جدا أن توضحي لهم أن انتماء طفلك لهم أمر لا يحتاج إلى نقاش، وحبه لهم، وحبهم له هو ما تطمئنين له وتسعدين به، ولكن من الضرورة بمكان أن يتلقى الطفل ما يحتاج إليه من تربية صحيحة حتى ينشأ نشأة بعيدة عن العقد والاضطرابات النفسية وقلة الأدب، وهذا الأمر بالتأكيد ليس هناك من يعترض عليه. أما إذا كانت حماتك وباقي أفراد عائلتها من النوع الذي يستهين بهذه الأمور المهمة، ولا يجد أي مشكلة في أن يعيش الطفل بحرية، وبدون خطوط حمراء حتى ينشأ "رجلاّ" كما يعتقدون، فعليك أن تطبقي نصائح الخبيرة الاجتماعية، ديبي مانديل التي نشرتها في كتابها" إدمان الضغوط"، حيث قالت: "بدلا من الإجابة، يمكنك رسم ابتسامة لطيفة، وتقبّل النصيحة بامتنان، وبأنك ستحاولين تطبيقها إذا وافق عليها طبيب أطفالك." مضيفة:"يجب أن تتذكري بأن كلماتك ليست كل ما يهم حماتك، فهي تنظر بانتباه للغة جسدك، ويمكنها قراءة الاستهزاء جيدا، لذا لا تحاولي النظر بعيدا أو النظر إلى زوجك ورفع حاجبك بامتعاض، حافظي على هدوء أعصابك ولتكن إجابتك بلهجة ودية". "تكلمي بأدب وحاولي أن تتصرفي بلياقة، فهي سيدة كبيرة في السن أولا، وأم زوجك ثانيا، فكري في النصيحة على أنها ايجابية أو على الأقل هدفها مصلحة الطفل، واشكري السيدة على نصيحتها أولا واهتمامها بالأمر، ولكن أضيفي عبارة، "كل شخص يتعلم أفضل من خبرته الخاصة، لأن المواقف تختل وشخصيات الأطفال تختلف أيضا" بهذه العبارة تكونين قد قمت بإيصال المعلومة وإثبات دورك كأم دون أن تقللي من احترام حماتك. إذا شعرت بأنك لا تستطيعين تحمل الكم الهائل من الانتقادات التي تبدو ظالمة لك في معظم الأحيان، فالأفضل أن تمتنعي عن الرد وتستعيني بزوجك. تحدثي معه بلطف وهدوء، اسأليه إذا ما كانت تربيتك سيئة، ثم اطلبي منه التحدث مع عائلته بشأن هذه الملاحظات (إذا كانت غير حقيقية)، لأنهم لن يتقبلوا حديثك وهم في موقف معاد لك. حتى إذا شعرت بأن انتقادات عائلة زوجك لك ولأطفالك مبالغ بها، تذكري بأنهم أهله، وقد يكون لديهم نوايا طيبة ولكنهم لا يعرفون التعبير عنها إلا بطريقة قاسية، يمكنك دائما استيعابهم بصدر رحب، ثم الضحك على ملاحظاتهم لاحقا مع صديقتك أوأختك، ولكن لا تقومي بالرد على الاستفزاز بالعنف الكلامي أو الرفض القاطع، لأنك حينها تثبتين ما يقولونه عنك من أنك بحاجة للنصيحة.