استولى خبر الوباء الغريب الذي استيقظت ولاية سيدي بلعباس على انتشاره مع بداية الأسبوع الجاري على كثير من اهتمامات الناس اليومية، حيث يسود تخوف كبير لدى أوساط هؤلاء المواطنين من إمكانية انتقال العدوى إليهم في الوقت الذي فشلت فيه كل البيانات التطمينية التي أرسلتها الجهات المسؤولة في استرجاع المواطن البلعباسي لحياته العادية، بما يؤشر مرة أخرى على فقدان الثقة في البيانات الرسمية، وهي ظاهرة عامة وسلوك منتشر لدى كل الجزائريين منذ عقود. مستشفى عبد القادر حساني الجامعي، أصبح المكان الأكثر نشاطا وحركة خلال الأسبوع الجاري في بلعباس بسبب خبر الوباء الغريب، الكثير من المسؤولين والأطباء قطعوا إجازاتهم الصيفية التي تعودوا على أخذها في مثل هذا الوقت من السنة بغية البحث عن حلول ناجعة لوباء فشلت كل معارفهم الطبية والعلمية في إيجاد حل أو تفسير له حتى الآن، كما رضخ مسؤولو المستشفى وفي مقدمتهم المديرة إلى فكرة الاتصال بالإعلام من خلالها إشرافها على ندوات يومية لتوصيل الناس بالأخبار الجديدة رغم أنها في كل مرة كانت تعيد الكلام ذاته طالما لم تتوفر على تقارير طبية مفصلة تكشف اللغز الذي أدخل ولاية بأكملها في حالة طوارئ غير مسبوقة. ومن بين الأمور التي كشفت صعوبة الاتصال في الأزمة هو القول أن عدد المصابين في المرحلة الأولى كان 37 مواطنا فقط، ثم الرجوع شيئا فشيئا إلى أرقام أخرى كالقول أن العدد ارتفع إلى 55 مصاب، رغم أن أطباء بالمستشفى قالوا في الأيام الأولى لانتشار الوباء أنهم استقبلوا أزيد من 100 حالة لديها نفس الأعراض، أي الارتفاع في درجة الحرارة والانتفاخ في بعض مناطق الجسم ناهيك عن الإسهال الحاد المصحوب بانخفاض في ضغط الدم..الوزير عمار تو الذي نزل إلى مدينة بلعباس أسبوعا كاملا عقب ظهور الحالات الأولى وبعد ثلاثة أيام من انفجار القضية إعلاميا، حاول من جهته إتباع أسلوب التقليل من الخطر المحدق بالمواطنين قائلا أن التضخيم لن يفيد أحدا وأن المرض لم يكن سببه الماء وبالتالي فهو ليس معديا وسيتمكن الأطباء من احتوائه خلال الأيام المقبلة". تصريحات الوزير عكست مأزقا آخر وجد المسؤولون في قطاع الصحة أنفسهم في مواجهته، وهو المأزق المرتبط بالسبب الذي يقف وراء الوباء، ففي الوقت الذي قال الوزير عمار تو أن سببه ليس الماء الملوث، كذّبت تقارير طبية أخرى هذا الكلام مما حمل المسؤولين إلى عقد اجتماع طارئ يوم أمس يضّم عددا من الجهات القائمة على تسيير شبكة المياه وتوزيعه، لبحث إمكانية ارتباط ذلك بالانتشار الكبير للمرض، كما أن القائلين أن الوباء ليس معديا، دفع بآخرين الى التشكيك طالما أنّ معظم الحالات التي تم تسجيلها كانت في أحياء شعبية معروفة بالكثافة السكانية المرتفعة مثل السوريكور والروشي..والخوف الكبير هو من انتقال الوباء إلى أحياء أخرى أكبر مثل سيدي الجيلالي وقمبيطا، وإلا بماذا يمكن تفسير ظهور هذا الوباء لدى سكان هذه الأحياء إن لم يكن معديا؟ أسئلة كثيرة قالت مديرة مستشفى بلعباس أنها لن تجد إجابة لها سوى بعد ظهور نتائج التحاليل الأولية للمرض، والتي قد تطول لمدة أسبوع، وهو ما يضع المختصين في حرج، إذ يتساءل البعض كيف للعديد من المخابر العمومية والخاصة أن تفشل في تعريف الوباء وأسبابه بعد عشرة أيام كاملة من ظهور أولى نتائجه؟..وما ذا لو كان الأمر يتعلق بوباء خطير ومعدي..كيف سيكون التصرف حينها؟.. قادة بن عمار