قال كتاب صحفيون و مشائخ مصريون بأن الدكتور يوسف القرضاوي تعرّض لتجاهل كبير من المسؤولين الرسميين في مصر بعد عودته من مرضه الأخير في الجزائر. وأوضحوا بأن القرضاوي عاد الآن إلى قطر، وهو يواصل برنامجه الديني على قناة الجزيرة "الشريعة و الحياة"، وقد وجّه من خلاله تحية حارّة للرئيس بوتفليقة، امتنانا له على العناية الخاصة التي أحاطه بها خلال إقامته فبمستشفى عين النعجة بالعاصمة. وبحسب، الكتّاب والمشائخ، فإن أحدا من المسؤولين لم يكلف نفسه عناء سؤال الدكتور يوسف القرضاوي عن حاله ولو عبر الهاتف، واستمر الحال منذ عودته إلى القاهرة من الجزائر في طائرة رئاسية وضعها الرئيس بوتفليقة تحت تصرّفه، كما لم يزر أحدٌ من المسؤولين الشيخ في بيته. وقد أوضحت مصادر مقربة من الشيخ بأن أصدقاءه و محبوه استاءوا كثيرا من المعاملة التي قوبل بها بعد عودته من الجزائر، غير أن مدير مكتب الشيخ، الأستاذ أكرم عبد الستار، تجنّب الربط بين ما حدث له في مصر وبين قراره التوجه إلى قطر، حيث قال بأن موعد عودة الشيخ إلى الدوحة كان محددا سلفا، وأنّ عودته ليست ردة فعل على عدم السؤال عنه وأضاف "الطائرة الخاصة التي نقلت الشيخ إلى الدوحة، جاءت بناء على موعد المغادرة المحدد من قبل من الشيخ نفسه"، مؤكدا بأن الشيخ لم يتأثر نفسيا بما حدث له، وأردف قائلا " بخصوص عدم الاتصال به أو عدم زيارته من المسؤولين المصريين فهذا ليس أمرا جديدا، لأن آراء الشيخ وأفكاره لا تحوز الرضا عندهم منذ فترة طويلة"، وهو كلام يؤكّد صحّة تجاهل المسؤولين المصريين لشيخ العالم الإسلامي الأوّل، الداعية الدكتور يوسف القرضاوي. من ناحية أخرى، قال الأستاذ عبد الستار بأن الشيخ بدأ منذ يوم فقط صيام رمضان، حفاظا على صحته، حيث نصحه الأطباء الجزائريون بالإفطار، مضيف بأنه لا يخرج للمسجد لأداء صلاة التراويح مراعاة لحالته الصحية. غير أن هذا السلوك الذي عومل به الشيخ "أحبطته" الحفاوة الكبيرة التي أحاطه بها نخبة من المثقفين والسياسيين والدعاة وعلماء الأزهر خلال الفترة التي مكثها في بيته بالقاهرة، وقد امتنع الأستاذ عبد الستار عن التعليق بالإيجاب أو النفي عما إذا كان شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي قد قام بزيارته في مرضه أم لا. وقد استغرب كثيرون في مصر التجاهل الذي تعرض له الدكتور القرضاوي في بلده فيما حظي بتكريم على أعلى مستوى في غير بلده، حيث عبرت بعض المصادر عن اعتقادها بأن هذا الأمر أثّر في نفسية الشيخ كثيرا، رغم أن المسألة لا تعنيه من الناحية المادية ولا تقلل من اعتباره أو مكانته. ويشار إلى أن اسم القرضاوي كان إلى وقت قريب مدرج على قوائم ترقب الوصول في مطار القاهرة، وكان في كل مرة يزور فيها بلده يخضع للتحقيق من قبل ضباط أمن الدولة. وقد تم رفع اسمه مؤخرا بعد تدخل شخصيات كبيرة لدى القيادة السياسية في مصر. ولم يستغرب دعاة مصريون من أمثال الدكتور محمد عمارة سلوك التجاهل هذا من السلطات المصرية تجاه علماء من طينة القرضاوي، حيث ذكّر بأن شيخ الأزهر الراحل جاد الحق علي جاد الحق توفي وهو في حاجة إلى أنبوبة أكسجين، في حين استفاد آخرون من عناية خاصة و من تسفير للعلاج في الخارج. وبهذا السلوك المشين، تُثبت أطراف في الأنظمة العربية نظرتها "الاحتقارية والتهميشية لعلماء الأمة"، وهو السلوك الذي جعل الأمة تقبع في ذيل الأمم، ففيما يوقّر العالم علماءه، يُعامل العالم عندنا ب"التجاهل". م.هدنه/الوكالات