نفى وزير الشؤون الدينية و الأوقاف ما يُشاع عن المناشير الدينية التي تُحرض الناس على مقاطعة الانتخابات بحجة أنها "تقليد غربي كافر"، معتبرا أن هذا المنهج الداعي إلى الانعزال عن المجتمع ومؤسساته "منهج خارجي يماثل مذهب الفوضوية الأوروبي الذي اندثر ولم يعُد له وجود في العصر الراهن". وفي السياق ذاته، نفى وزير الشؤون الدينية والأوقاف وجود أي حساسية من طرفه ضد التيار السلفي في الجزائر، كاشفا أنه تربطه صداقات ببعض السلفيين مما يدل على أنه لا يُكن العداء لهذه الفئة، على خلاف الاستنتاجات التي خلص إليها البعض. وقال بوعبد الله غلام الله إن باب المساجد مفتوح أمام السلفيين بشرط أن تتوفر لديهم الأهلية العلمية وأن يعتمدوا المرجعية المتعارف عليها جزائريا، في إشارة إلى الأخذ بعموم المذهب المالكي الذي يعتبره الوزير ثابتا من الثوابت الوطنية، موضحا في السياق ذاته أن الحثّ على الالتزام بالمذهب المالكي لا يعني أفضليته على المذاهب الأخرى، بل لكونه قاعدة فقهية استقر المجتمع الجزائري على الاحتكام إليها والعمل وفق تعاليمها، كاشفا أن هذا الإجراء لا يعني الالتزام بحذافير المذهب، بدليل أن الوزارة تعتمد في بعض القضايا على ترجيحات بعض المذاهب الأخرى، مثل دفع زكاة الفطر نقدا تبعا لمذهب أبي حنيفة وخلافا لمذهب مالك، لأنه أدعى لتحقيق المصلحة الشرعية. وأكد الوزير أن بعض السلفيين ساهموا في الدعوة إلى وقف الإرهاب في الجزائر عن طريق الاعتماد على فتاوى العلماء وبيان حرمة إراقة الدماء المسلمة وخطورة إشعال فتيل الفتنة في الوطن والمفاسد المترتبة على ذلك، مع توضيح أن البعض الآخر دعا باسم السلفية إلى الجهاد في الجزائر، في إشارة إلى تنظيم "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" الذي يتخذ من السلفية مرجعية لإعلان الجهاد على مؤسسات الدولة، وكذا بعض مشايخ الحجاز الذين دعوا في الحرم المكي إلى نصر "المجاهدين" في الجزائر، في بداية العشرية الحمراء، قبل أن يتراجعوا عن فتاواهم لمّا رأوا ما آلت إليه من دمار وخراب على الشعب الجزائري المسلم. وصرّح وزير الشؤون الدينية والأوقاف أن المشكل الذي يقع فيه بعض السلفيين هو قفزهم على المراجع العلمية الجزائرية، واستيراد الفتاوى لتطبيقها في الجزائر دون مراعاة الخصوصيات الثقافية والاجتماعية للجزائريين، وهو ما يوقعهم في صدام مع المجتمع، مشددا على أن إعفاء اللحية وتقصير الثياب ليس معيارا يتم من خلاله تصنيف الناس إلى سلفي وغيره، لأن كثيرا من الفضلاء يعفون لحاهم ويقصرون ثيابهم، وهم مع ذلك متشبثون بالمراجع الوطنية والتراث الجزائري ويساهمون في إحيائه وبعثه. مصطفى. ف