"سيادة القاضي المحترم، أنا ابنكم، وأتمنى من الأب البراءة التامة"، هذه هي الكلمة الأخيرة التي نطق بها المتهم (ب.بوبكر) الملقب أبو ياسر الجزائري، بعد انتهاء قاضي الجنايات من استجوابه في قضية تتعلق بانتمائه لمنظمة القاعدة وعلاقته بأسامة بن لادن كوسيط تجاري، لتنطق محكمة الجنايات مساء أمس بالبراءة في حقه بعد محاكمة مثيرة وشيقة دامت ثلاث ساعات من الزمن، كان الجزائري بوبكر بطلها من دون منازع، لشدة فصاحته وتمكنه من الإجابة على أسئلة المحكمة في ثقة تامة. بعد تلاوة قرار الإحالة كاملا من طرف كاتب الضبط، باشر قاضي الجنايات في الاستماع للمتهم (ب.بوبكر) المكنى أبو ياسر الجزائري، فكان الاستجواب كالتالي: القاضي: أنت بولغيثي بوبكر من مواليد سنة 1970 بالرغاية، متابع بجناية الانتماء لمنظمة إرهابية دولية تنشط بالخارج؟ دافع على نفسك؟ ج: بداية سيدي القاضي، أنا بريء من هذه التهمة ولا علاقة لي بالإرهاب. أما فيما يخص دخولي إلى باكستان وليس أفغانستان، فإنني سافرت سنة 1986 وعمري لا يتعدى 16 عاما إلى مالي، ثم بوركينافاسو رفقة الشيخ أبو رضوان الجزائري، لأنني تأثرت بفكر التبليغ، وهناك تحصلت على جواز سفر من منظمة الأمم المتحدة بمالي للسفر إلى السعودية، وهكذا التحقت برابطة العالم الإسلامي التي تعمل في ميدان الإغاثة بدولة افغانستان خلال فترة الحرب مع الاتحاد السوفياتي. القاضي: ما هو العمل الذي تقوم به في فرقة الإغاثة بالضبط؟ ج: كنت اعمل على تغطية احتياجات مدارس الأيتام في بيشاور، ومساعدة المهاجرين والطلبة العرب بأفغانستان. القاضي: ولكنك ذكرت في التحقيق بأنك دخلت إلى أفغانستان للتدرب على الأسلحة؟ ج: أنا لم أتدرب على الأسلحة في حياتي. القاضي: من يحمي قوافل الإغاثة ومن المسؤول عنها؟ ج: الدولة الباكستانية وحدها من تحمي القوافل، أما التمويل فهو من دولة السعودية. القاضي: وماذا عملت بعد انتهاء الحرب مع الروس، هل بقيت في فرقة الإغاثة؟ ج: سيدي القاضي، رابطة العالم الإسلامي المكلفة بالإغاثة واصلت عملها إلى غاية 1990 تاريخ خروج الروس، وبعد هذا التاريخ تدهورت الأوضاع وبدأت تتقلص الإغاثات بإسلام أباد وبيشاور فرجعنا إلى لاهور، وفكرت في الرجوع إلى الجزائر. القاضي: وماذا عن نشاطك لصالح القاعدة؟ ج: في 1989 تم الإشهار والإعلان للقاعدة بمنشورات وإعلانات وصلتنا كجميع الناس في باكستان وبيشاور، وكانت تدعو الشباب للالتحاق بها، لكننا كفرقة إغاثة لم نكترث لهذا الفكر الجديد، وبدوري لا علاقة لي بالقاعدة. القاضي: التهمة الموجهة إليك هي الانتماء إلى الإرهاب، فهل في يوم ما مارست العمل الجهادي؟ ج: لا. القاضي: ألم تحس بأن عملك في الخارج هو امتداد للإرهاب الذي كان يحصل بالجزائر؟ ج: أنا سمعت بالأحداث الدموية في الجزائر واستنكرتها بشدة. وبالنسبة لباكستان فأنا ذهبت من اجل الإغاثة، وبقيت هناك، لأن زوجتي هناك وأولادي الخمسة مقيمون في مدينة لاهور، وكنت أتمنى دخول الجزائر، إلا أنني لم استطع بسبب تعطيلات من السفارة في باكستان. القاضي: ورد في قرار الإحالة انك اتصلت مع "حكمتيار"، وطلب منك التوسط لهم للذهاب إلى بن لادن، وانك التقيت مع المسؤول على الزراعة في تنظيم القاعدة أبو الهمام المصري، واتفقت على العمل معهم كوسيط تجاري، وانك التقيت بمحاسب أسامة بن لادن الشيخ سعيدا لمصري واتفقت معه على شراء مستلزمات طبية بقندهار، وان الجنرال محمد غول أراد مقابلتك وتنقلت إليه إلى إسلام أباد وكلفك بإخبار أسامة بن لادن بأن أمريكا ستقصف أفغانستان، ولكنك لم تستطع إيصال الرسالة، فما قولك في كل هذه التصريحات؟ ج: أنا أنفي كل هذا، لأن تنظيم القاعدة برز إلى الوجود سنة 1999، وكل ما هو منسوب إلي في 1996، ولم التق بأي شخص من هؤلاء ولا اعرفهم أصلا. القاضي: إذن أنت تنفي التهمة الموجهة إليك جملة وتفصيلا؟ ج: هذا صحيح، لأنني بريء وتم تسليمي من طرف السلطات الباكستانية في سبتمبر 2006، لأنني عربي وليس لسبب الإرهاب، ولقد مكثت 3 سنوات بالسجن عندهم وعائلتي لم أرها منذ 5 سنوات في باكستان. أما النائب العام فقد طالب بتسليط عقوبة 15 سنة سجنا نافذا في حق (ب.بوبكر) لتورطه في الانتماء لجماعة إرهابية تنشط بالخارج لوجود قرائن قوية تثبت انتماءه لمنظمة القاعدة. إلا أن دفاعه رافع على البراءة باعتبار أن الملف يحوي الكثير من التناقضات، خاصة أن الوقائع المنسوبة إلى المتهم كانت خلال سنوات 1996 وتنظيم القاعدة تم إنشاؤه سنة 1999، حيث أكد المحامي سيدهم أمين خلال مرافعته على أن التهمة لا أساس لها من الصحة، قائلا: أيعقل أن يكون المتهم مسؤولا على قسم الزراعة، وان تنشئ المنظمة فروعا لها قبل تأسيس المنظمة أصلا، وهذا هو التناقض بعينه، وأضاف لو كان فعلا المتهم ينتمي إلى منظمة إرهابية لما منحه قاضي التحقيق بسيدي أمحمد الإفراج المؤقت. إلهام بوثلجي