فقدت الجزائر مطلع هذا العام المؤرخ الجزائري وعميد أساتذة جامعة باتنة الدكتور رابح بلعيد، الذي انتقل إلى الرفيق الأعلى يوم الأحد 12 جانفي المنصرم عن عمر ناهز 87 سنة إثر جلطة دماغية مفاجئة، الفقيد ورغم مواقفه المثيرة للجدل، إلا أنه عُرف بصبره وتدقيقه في كل صغيرة وكبيرة تخصّ تاريخ الجزائر، يفضل مبدأ التمحيص ويقارن الوقائع ويبحث عن الأدلة.. فانطلق في أبحاث فكرية كثيرة ومتعمقة لنفي العديد من المسائل التي قيلت بخصوص الحركة الوطنية، وفي مقدمة ذلك "الخيانة" التي طاردت مصالي الحاج، فألف عدة كتب مثار جدل عنيف منها "هكذا خطفت جبهة التحرير الثورة من مصالي الحاج" (غير مطبوع) والذي نشرت "الشروق اليومي" مقاطع مهمة منه في شكل حوار مطول لنقضه مسلمات تاريخية عن جبهة التحرير وبعض زعمائها، كما رُفعت ضده دعاوى قضائية من طرف مسؤول منظمة المجاهدين لولاية باتنة. وبوفاته، فقدت الجزائر مؤرخا أكاديميا متميزا، عرف عنه عناده في سرد الوقائع التاريخية التي لا تساير الاتجاه العام، الدكتور رابح بلعيد عرفه الكثير باحثا في تاريخ الجزائر قليل الكلام ولكنه كثير البحث والتوثيق.. عانى الكثير بسبب بعض مواقفه خاصة حين يتطرق إلى قضايا وحقائق عن مسيرة ونضال مصالي الحاج، عُرف عن الرجل حسب العارفين به وفاؤه لخطه وكفاحه من أجل الدفاع عن رأيه إلى آخر يوم في حياته.. شأنه في ذلك شأن شيخ المؤرخين أبو القاسم سعد الله، وكأن الرجلين سارا على نفس الخطى واشتركا في نفس الغاية وفضلا الرحيل في الوقت نفسه تقريبا. "الشروق" تعود إلى أهمّ المحطات في حياة الرجل بمناسبة أربعينية وفاته. توفي قبل أن يضع آخر اللمسات لمذكراته انتقل المؤرخ رابح بلعيد إلى الرفيق الأعلى دون أن يضبط آخر اللمسات بخصوص مذكراته التي حرص على تدوينها منذ عدة سنوات، حيث اقترب من 90 بالمائة وتطرق فيها إلى مختلف الأحداث والحوادث التي ميزت حياته اليومية والعلمية والنضالية، سواء ما تعلق بنشأته في "دوّار" وادي السبت ثم عمله في مزارع المتيجة وحياته في العاصمة كماسح أحذية وافتراقه عن أهله سنة 1942 ثم هجرته إلى الولاياتالمتحدة عبر ايطاليا وعمله في السفن التجارية الأمريكية ودراسته بالمراسلة إلى غاية 1953 سنة دخوله إلى جامعة سان فرانسيسكو 1953/1957 وحصوله على ليسانس علوم سياسية موازاة مع نضاله في الأوساط الطلابية والسياسية في سان فرانسيسكو ونيويورك من أجل التعريف بقضية الشعب الجزائري وعدالة ثورته، ثم التحاقه بالثورة.. حيث دخل إلى المغرب سنة 1958 ثم انتقل إلى القاهرة في نفس السنة حيث عمل إطاراً في الحكومة الجزائرية المؤقتة إلى غاية 1962، دوره في الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين 1962 / 1963، حياته في القاهرة إلى غاية 1980 تاريخ دخوله إلى الجزائر واستقراره في باتنة، وفي تصريحاته لأحد المواقع الالكترونية، أكد أنه بصدد كتابة مذكراته التي بدأ التفكير فيها منذ مدة ووصلت إلى أكثر من 1200 صفحة.
خاف على ضياع تاريخ الثورة كان المرحوم رابح بلعيد قد علم في الأشهر الأخيرة عن وفاته بأنه مصاب بسرطان البروستات، لكن رد فعله كان مفاجئا ليس لخوفه على مستقبله من هذا المرض الخبيث ولكن الأمر فاجأ المقربين والطبيب نفسه بسبب طريقة رد الدكتور رابح بلعيد التي كانت في منتهى البساطة والراحة وكأنه حسب الأستاذ إبراهيم زراري تعرض إلى زكام فقط أو نزلة برد مؤقتة، في الوقت الذي طرح الفقيد سؤالا عميقا على الطبيب حين قال له "هل يمكنني أن أعيش أربع سنوات أو خمسا حتى أكمل ما بدأته من عمل يخص مذكراتي والبحوث التاريخية حتى أغادر هذه الحياة وأنا مطمئن على أداء دوري من ناحية التأريخ والتوثيق وكشف الحقيقة من أجل مستقبل الجزائر والجزائريين؟"، وهو ما يؤكد أن الدكتور رابح بلعيد كان متخوفاً على ضياع التاريخ الحقيقي للثورة الجزائرية أكثر من خوفه على حالته الصحية رغم الأمراض التي عانى منها تزامنا مع ثقل السنين والمتاعب والضغوط التي عانى منها طيلة حياته. وحسب آخر شهادة من ابنته أنه كان حتى أواخر أيام حياته يطلب منها دائما مساعدته في حفظ ما تيسر له من سور الجزء الأخير من القرآن الكريم.
من بومدفع إلى العاصمة الدكتور رابح بلعيد عرفه الكثير باحثا في تاريخ الجزائر قليل الكلام ولكنه كثير البحث والتوثيق.. عانى الكثير بسبب بعض مواقفه خاصة حين يتطرق إلى قضايا وحقائق عن مسيرة ونضال مصالي الحاج، عُرف عن الرجل حسب العارفين به وفاؤه لخطه وكفاحه من أجل الدفاع عن رأيه إلى آخر يوم في حياته. في يوم 20 نوفمبر من سنة 1927 ولد الدكتور رابح بلعيد بدوار وادي السبت بلدية بومدفع، دائرة خميس مليانة ولاية عين الدفلى، عاش الدكتور رابح بلعيد طفولة قاسية لم يعرف فيها سوى مهنة رعي الأغنام في وديان وجبال وادي السبت، ثم مسح الأحذية في شوارع ومقاهي العاصمة في رحلة بحث مضنية عن رغيف الخبز، جعلته يضع خطواته الأولى في طريق اكتشاف حقيقة المعاناة التي يعيشها شعبُه، نزحت عائلته وعمره 12 سنة إلى العاصمة واستقرّت بحي بلكور، حيث اشتغل في طفولته ماسحا للأحذية لإعانة أسرته، وقد كانت حادثة شجاره مع ابن أحد المتغربين وما تعرض له بسببها من ضرب وسجن، نقطة انعطاف مهمَّة في حياته، دفعته إلى التفكير في إيجاد أفضل السبل للتغيير، وهنا ساورته فكرة الهروب من هذا الواقع البائس، ولم تكن حينها الوجهة قد تحددت في تلافيف عقله المراهق الصغير المشحون بالغبن والمرارة.
دخل سجن بربروس وعمره 16 سنة تعرف على كتيبة أمريكية غداة نزول الحلفاء إلى العاصمة في 8 نوفمبر 1942 من خلال عمله ماسحا للأحذية فمنحته هذه الكتيبة عملا بمقرها فاشتغل غسّالا في المطبخ وتعلم في تلك الفترة بعض الحروف اللاتينية والكلمات، لكنه صفع أحد أبناء المتجنسين الجزائريين فاقتيد إثرها إلى سجن بربروس وعمره 16 سنة، ليتم إطلاق سراحه بعدها لصغر سنه. فكر في الهجرة هربا من المعاناة، وفي 20 أكتوبر 1944 تسلل داخل باخرة أمريكية وبقي داخلها 18 يوماً بعدما تأخر إقلاعُها من وهران، وكاد يلقى حتفه نتيجة الجوع والظلام والكآبة لولا مساعدة أحد البحارة الزنوج، وحينما كشف أمره تخلى عنه ربابنة الباخرة في مدينة ليفورتو شمال ايطاليا ليمكث هناك سنتين.
حبّه كان كبيرا للعلم كان الدكتور رابح بلعيد محبا للعلم منذ طفولته، ولا يتوانى عن إبداء طموحاته للذهاب بعيدا في هذا المسار، متسائلا من حين لآخر: لماذا يدرس أبناء المعمرين ولا تتاح الفرصة لأبناء الفقراء؟ وفي عام 1946 انتقل إلى نيويورك واضطُر إلى العمل في البواخر التجارية متنقلا من دولة إلى أخرى وقد كان القانون الأمريكي لا يسمح للأجانب بأكثر من 29 يوماً مكوثا فيها، وفي أثناء ذلك كان يدرس بالمراسلة التي أهّلته للحصول على الشهادة الابتدائية والثانوية وأتقن عدة لغات بما فيها الانجليزية التي يكتب بها. في عام 1953 تمكَّن من الحصول على الإقامة الدائمة في الولاياتالمتحدة وقرَّر المشاركة في امتحان الانتساب إلى جامعة "سان فرانسيسكو" بمعهد العلوم السياسية الذي اجتازه باقتدار وواظب على الدراسة أربع سنوات تكللت بالنجاح، فكان بذلك أول جزائري يحصل على شهادة ليسانس في العلوم السياسية سنة 1957، وجلس أول مرة في حياته على مقاعد الدراسة في جامعة سان فرانسيسكو وعمره 25 سنة، اتصل أول مرة بالحركة الوطنية عن طريق سيدة أمريكية دلته على السيد العربي دماغ العتروس الذي مكّنه بدوره الاتصال بزعماء الحركة الوطنية، فاتصل بالسيد محمد خيضر مسؤول وفد القاهرة الخاص بحركة انتصار الحريات الديمقراطية ليسند إليه مهمة استقبال آيت أحمد ومحمد يزيد بنيويورك.
رسالة احتجاج لأيزنهاور وجه بلعيد رسالة للرئيس الأمريكي إيزنهاور وإلى مندوب رئيس وفد الولاياتالمتحدةالأمريكية بالجمعية العمومية احتجاجا على معارضته إدراج قضية الجزائر في جدول أعمال الجمعية العمومية لهيئة الأممالمتحدة، وقد رد عليه المندوب هينري كابوت لودج بأن أمريكا ليست ضد تقرير مصير الشعب الجزائري، وإنما عارضت بسبب وحدة هيئة الأممالمتحدة بعد تهديد فرنسا بالانسحاب منها. حصل الدكتور رابح بلعيد على شهادة الليسانس في 23 أوت 1957 في العلوم السياسية، شعبة العلاقات الدولية، وكان بذلك أول جزائري يحصل على شهادة في العلوم السياسية حسب قول أمحمد يزيد، وقد كان له أثناء فترة دراسته نشاط سياسي مكثف وفعال في سعيه الدؤوب للتعريف بقضية الشعب الجزائري في سان فرانسيسكو ونيويورك بين المعاهد والكليات وصولا إلى هيئة الأممالمتحدة التي تمكن من مقابلة وفود بعض الدول المشاركة في جمعيتها العامة لإقناعهم بعدالة القضية وضرورة طرحها للنقاش كقضية تصفية استعمار وليست كشأن فرنسي داخلي، لأنها لم تكن أبدا كذلك.
الالتحاق بالثورة من بوابة القاهرة قرر بلعيد العودة إلى الجزائر والالتحاق بالثورة قبل أيام قليلة من استيفاء المدة القانونية التي تخوله الحصول على الجنسية الأمريكية، حيث التحق بالمغرب، غير أن الأوامر كانت قد صدرت إليه بالذهاب إلى تونس بدل الجزائر والالتحاق بصفوف جبهة التحرير هناك، لكنه قرر في مغامرة وصفت بالجريئة تحويل وجهته إلى القاهرة والتي دخلها في مستهل شهر سبتمبر 1958، حيث لم تمض إلا أيام قلائل حتى تم الإعلان فيها عن تأسيس الحكومة الجزائرية المؤقتة والتي انضم إليها كإطار سامٍ في صفوفها بناءً على طلب العقيد سليمان دهيليس، فاشتغل سكرتيرا عاما لفرحات عباس رفقة محمد الصديق بن يحي المكلف بالقسم الفرنسي وإبراهيم مزهودي المكلف بالقسم العربي. انتقل من مكتب فرحات عباس إلى وزارة الخارجية بقيادة محمد الأمين دباغين، ثم عمل مساعدا للرائد رابح نوار قائد المدرسة العسكرية للحكومة الجزائرية المؤقتة بالقاهرة كمن سنة 1961 إلى 1962 وفيها عرف مسارُ حياته تحولاتٍ كبرى عندما أتيحت له فرصة الاطلاع عن قرب على وثائق الثورة وأرشيفها وجعلته يكتشف حقيقة الصراع الحضاري الذي يخوضه الشعب الجزائري الذي كان يتعرض لحرب إبادة شرسة ضد قيمه المعنوية والثقافية الروحية بكل الأسلحة والوسائل، والتي كان من بينها للأسف أكثرها فتكا وهم أبناء المتغربين الجزائريين الذين صنعتهم رسالة التمدين وكلفتهم نيابة عنها بمهمة مسخ الشخصية الجزائرية وتحريف وجهة ثورته نحو تكريس الوجه الثاني الحديث للاستعمار الغربي بديلا عن الاستعمار التقليدي المباشر الذي انتهى دوره التاريخي فاسحا المجال أمام الاستعمار الناعم الأكثر خطورة والأشد تدميرا، وهو ما فتئ الدكتور رابح بلعيد يطرحه ويبرهن عليه في مواقفه وكتاباته وجولاته وسجالاته عبر رحلة بحث تاريخي علمي مؤسَس استمرت قرابة الستين عاما.
عارض انقلاب بومدين عاد رابح بلعيد إلى الجزائر في سبتمبر 1962 بعد غياب دام 18 سنة، وأوكلت له مهمة نائب رئيس الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين مكلف بالشؤون الخارجية، بعد الانقلاب الذي قام به الشيوعيون والمتغربون على اللجنة التنفيذية للاتحاد، تمت تنحيته وتنحية رئيس الاتحاد، اقترح الرائد رابح نوار تعيينه في المكتب السياسي لحزب جبهة التحرير الوطني، إلا أن طموحه في الدراسة دفعه إلى الهجرة نحو القاهرة لإتمام دراسته فغادر الجزائر في 7 سبتمبر 1964. بعد أن أعلمه الطبيب بإصابته بسرطان البروتستات، طرح الفقيد سؤالا عميقا على الطبيب حين قال له "هل يمكنني أن أعيش أربع سنوات أو خمسا حتى أكمل ما بدأته من عمل يخص مذكراتي والبحوث التاريخية حتى أغادر هذه الحياة وأنا مطمئن على أداء دوري من ناحية التأريخ والتوثيق وكشف الحقيقة من أجل مستقبل الجزائر والجزائريين؟" وأثناء تواجده بالقاهرة وقع انقلاب 19 جوان 1965 واتهم بتنظيم مظاهرات طلابية للاستيلاء على سفارة الجزائربالقاهرة التي كان يشرف عليها الدبلوماسي الأخضر الإبراهيمي، اتصل بالسفير وقال له "لقد ارتكبتم خطأ فادحا في حق الشعب الجزائري الذي لم يسترح بعد من حرب 7 سنوات ونصف، لقد فتحتم على كل جزائري يوجعه رأسه أن يحمل السلاح والصعود إلى الجبل، كان عليكم أن تحلوا الخلافات مع بن بلة عن طريق المؤسسات (المكتب السياسي، اللجنة المركزية، المجلس الشعبي الوطني)، فرد عليه الأخضر الإبراهيمي "لا يا أخ بلعيد "الصحّاح استولوا على السلطة وسوف ينهون حالة الفوضى وعدم الاستقرار"، وحُجز جواز سفره بعد ذلك وقطعت عنه المنحة الدراسية.
ضغوط بسبب مصالي خلال فترة استقرار الدكتور رابح بلعيد بعد الاستقلال بالقاهرة حصل على شهادة الماجستير وكانت تتويجا لبحث تاريخي موثق ضخم عن الجزائر ضمّنه أطروحته الفكرية حول طبيعة الصراع في الجزائر منذ 1830 إلى ما بعد الاستقلال، إلا أنه تعرض لضغوط قوية أثناء إعداده الرسالة التي ضمنها فصولا عن مصالي الحاج مدعمة بوثائق هامة ونادرة، ما دفع المشرف المصري السيد عزالدين فودة إلى الوشاية به إلى سفارة الجزائربالقاهرة، ومن جهة أخرى حاول المشرف المصري ثنيه عن الكتابة حول مصالي الحاج بعدما رشاه البعض بتذكرة سفر القاهرة- الجزائر ذهابا وإيابا، بعد ذلك اتصل بالعميد خيري عيسى عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية الذي نحى عز الدين فودة وقبِل الإشراف على رسالة الماجستير حول الحركة الوطنية وكان السيد بطرس غالي عضواً في لجنة المناقشة.
خلاف مع بطرس غالي بسبب استهانته بالشهداء أثناء مناقشة الرسالة وقعت بينه وبين بطرس غالي الذي احتج على إدراج جواز سفر رابح بلعيد كوثيقة في الرسالة، حيث حاول بلعيد إثبات أنه بعد 16 سنة من استقلال الجزائر لا يزال جواز سفر الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية كما هو مثبَّت على الغلاف يحمل دمغة الجمهورية الفرنسية بالداخل، حاول بطرس غالي تهوين المسألة محتجا على ذلك ومتحججا بأن عملة الملك المخلوع فاروق لازالت هي نفسها عملة الثورة المصرية، فرد عليه بلعيد "مع كل احتراماتي لشخصك الملك فاروق مصري، أما أنا هل اعتبر جزائريا أم فرنسيا إذا كان طابع الدمغة باسم الجمهورية الفرنسية؟ هل ذهب دم مليون ونصف المليون شهيد هدرا؟" فصاح بطرس غالي وهو يضرب على الطاولة "خلينا من شهدائكم" فوقف الحاضرون الجزائريون الموجودون في القاعة محتجين على بطرس غالي إلى أن تدخل المشرف خيري عيسى قائلا: "عيب يا بطرس.. عيب يا بطرس"، وهو ما جعل بطرس غالي يراجع حساباته ويتأكد من وفاء الجزائريين لهويتهم رغم الظلم والمتاعب التي لاحقتهم طيلة فترة الاستعمار الفرنسي.