عندما أكملت ما كتب علي من شقاء، أو بالأحرى ما كتبته على نفسي من هم وشقوة، وسيقت الغرفة من بابها إلى "بالكونها"، كان النوم قد طار ولكن الإعياء قد أخذ مني مأخذا لم يأخذه من أحد من قبل أبدا! أنا الذي لم يغسل فنجان القهوة، يسيّق الدار؟ لكن ماذا أفعل؟ لم يكن بالإمكان أن أقول لزوجتي ولا لبناتي : تعالوا سيقوا بيتي فقد أخطأت و"توضأت فيه"! أو بالأحرى "توضأت عليه"! ماذا سيقولن عني؟ فضلت أن أجفف منابع النيل الأزرق وبحيرة البحر الميت وأموت لوحدي بالتعب على أن أموت "معايرة" وقلة حياء وقلة ظرافة وقلة عقل! لما عدت إلى النوم بعد ساعة، وكان الظهر قد مر! مع ذلك، لم يقل لي رأسي هذا نتاع الحمار، روح تصلي الظهر! عدت للنوم بعد أن أحكمت الإغلاق والتظليم. الحمد لله الحرارة لم تكن مثل حرارة الأمس، وإلا لكانت الكارثة. بعد ساعة تقريبا، شعرت بأني بدأت أستجيب لدواعي النعاس، "فكويتها" مرة أخرى، وهذه المرة متعفرا و"مبربرا" في "كويت" (قادمة من السعودية)! عندما رن منبه "التافه" المحمول قبل 5 دقائق من آذان المغرب، كنت أتمنى لو أن المغرب لا يزال وقته بعيد المنال، حتى أنال به قليلا من النوم الكثير! الجوع والعطش لم يكن بمقدار التعب والنوم! تصوروا من الصبح إلى الآن، وما زال في النعاس! شكارة نتاع النعاس. أنا هكذا، أنام أكثر مما أستيقظ! خاصة في رمضان. المهم أني أفقت مع ذلك على مضض، خوفا من أن يلتهم أبنائي الأكل دون أخذي في الحسبان! زوجتي "تجيها سبة ووالاتها حدورة"! تقول لهم: "هو بغى! بلع الباب على روحه وقال لكم ما تنوضونيش واللي ينوضني راه يخلصها غالية! (راهم مازال ما عرفوش واش أصرالي اليوم مع التسياق! خلي البير بغطاه!). أسرعت للباب أفتحه، بدون أن أذكر لكم عدد النطحات التي أوكلتها للحائط والخزانة من رأسي وأنفي! لكن زر الكهرباء الذي وضعت علي أصبعي كما يوضع الأصبع على الجرح، وبالصدفة، حل مشكل الطريق نحو الخارج! غادرت البيت باتجاه الحمام الحقيقي (وليس حمام البيت المتمثل في البيدو الأسود في البيت الأسود!)، لكي أتوضأ هذه المرة فعلا، وليس "فعلة"، لكي أصلي الأوقات التي فاتتني (أي اليوم بكامله!) من الصبح إلى العصر. الحمد لله أن تقنية جمع التقصير، وهذه الرخصة التي منحتها لنفسي، جعلتني أصلي الأوقات كلها في 3 دقائق! كنت أقصر حتى في الآيات: لا أقرأ إلا آية واحدة مثلا "ألم: الله أكبر! صاد، الله أكبر. نون.. قاف..! وهذا تقصير إضافي يضاف على جمع التقصير فيعطي "جمع جمع تقصيرة".
كنت في الموعد مع السيجارة في اليد أنتظر صوت المؤذن. وما هي إلا دقائق حتى كنت أشكل غمامة ثم أدخل عليهم وهم يلتهمون ما حضر ومنها وما غاب! والله ما على بالي بللي طاب بللي اتحرق! لا علم بما وجدوا وبما طيبوا، طيب الله قدورهم. لم أسأل، لأنه لا أحد بإمكانه أن يجيب والأكل مشترك، ورحت أكتسح المائدة من الميمنة ومن الميسرة، قبل أن أقوم بهجوم صاعق باتجاه عمق المائدة، حيث بدا لي شيء "مكربع في كاعط"! فرماج...إيييه... كاميمبير..! أدليت بدلوي وأغمست فيه أصابعي ورفعت القطعة الأكبر نحو الأعلى وأنا أقول : الله أكبر.. لا إله إلا الله...اللهم تقبل منا الصيام والقيام.. اللهم لك الشكر والحمد على نعمك وفضلك. الله يخلف.. هيا راني خارج للقهوة.. الصلاة حتى نجي راني مقلق.