تعدّ بعض الطقوس التي دأب الجزائريون على إحيائها في حفلات الزفاف من المسلّمات التي لا يمكن الاستغناء عنها، حتى لا تندثر الثقافة والهوية الجزائرية، إلا أن بعض هذه العادات بدأت تتلاشى شيئا فشيئا، بفعل تغير المفاهيم والعلاقات الاجتماعية التي تربط بين الأفراد، على غرار عادة ربط الحنة للعريس أو العروس التي تخلت عنها الكثير من العائلات الجزائرية خلال السنوات الأخيرة بسبب تخوفها من السحر الذي انتشر في مجتمعنا. وتعدّ عادة ربط الحنة للعريس والعروس منذ القِدم من بين العادات والطقوس المميزة التي تمنح العرس الجزائري خاصية وتعطيه نكهة مميزة، ويقال إن هذا التقليد توارثه الجزائريون عبر العصور من الحضارة العثمانية، حيث يمارس الجزائريون نفس الطقوس التي يقوم بها الأتراك خلال ربط الحنة للعرسان، حيث يضعون حبة "ويز" داخل اليد، ويضعون فوقها الحناء ثم يربطون بقطعة قماش تكون من نوع الحرير، إلا أن الأتراك يفضلون اللون الأحمر بينما يختار الجزائريون اللون الأبيض أو الوردي، كما تميز سهرة ربط الحناء بعض الأغاني الخاصة ب"الحنة" والتي ترددها بعض النسوة متمنيات حياة سعيدة للعريس والعروس. وبالرغم من أن اسم ليلة "الحنة" مازالت تُتداول على ألسنة الكثير من الجزائريين، إلا أن تجسيدها فعلا بدأ في الزوال مؤخرا نظرا لممارسات الشعوذة التي أصبحت بعض النساء يقمن بها يوم "الحنة" حسدا وغيرة من أجل التسبب في المشاكل للعريسين والتفرقة بينهما، حيث تستغل الكثير من النساء فرصة ربط الحنة لأخذ القليل منها وممارسة السحر بغرض فسخ الرباط المقدس بين الزوجين، أو حتى ربط الزوج من خلال إصابته بعجز جنسي أو عقم، حيث لا تتوانى هذه النسوة في ممارسة شعوذتهن التي تمليها عليهن نفوسهن المليئة بالبغضاء والحسد والغيرة، حتى وإن كلف الأمر خراب بيوت قبل أن تُعمّر. هي قصص كثيرة حدثت في عديد حفلات الزفاف لعرسان فرق بينهما "سحر الحناء" حتى قبل أن يعيشا تحت سقف واحد، بينما طلقت بعض الفتيات قبل الدخول بهن لاستحالة ذلك بسبب "ربط" الزوج يوم "الحنة"، حيث حدثتنا "مليكة" عن جارتها التي طلقت بعد شهر من زواجها، دون أن يتم دخول زوجها عليها، بسبب عجزه الجنسي، وبالرغم من أنها صبرت عليه إلا أنها لم تستطع التحمل أكثر وطلبت الطلاق، وبعد مدة قصد الطليق أحد الرقاة الذي أخبره بعد جلسات علاجه أنه مصاب بسحر "الربط" الذي يمنعه من الاقتراب من زوجته، وهو حاليا يخضع للعلاج بالرقية. وفي ظل ارتفاع عدد ضحايا "الربط بالحناء" قرر الكثير من الجزائريين التخلي عن هذه العادة ليلة العرس، حيث قالت "سميرة" إن والدتها رفضت رفضا قاطعا ربط الحنة لشقيقها الذي تزوج الشهر المنصرم خوفا من سحره في صحن "الحنة"، بما أن بعض المدعوات معروفاتٌ بالسحر في المنطقة التي يسكنون فيها على حد قولها، مضيفة أن الكثير من العائلات ألغت هذه العادة من أجندة حفلات الزفاف تجنبا للوقوع في ما لا يحمد عقباه.