عبر بعض المرضى المصابين بالتصلب اللويحي "سكليروز أون بلاك" عن استيائهم من نقص دواء "أنترفيرون" الذي يساعد على كبح تطور المرض وتجنبهم التعرض للإعاقة الحركية، حيث يقدر ثمن العلبة الواحدة بحوالي مليون سنتيم، كونه مستوردا من الخارج. ورغم تكفل وزارة الصحة بتعويضه كون التصلب اللويحي صنف ضمن الأمراض المزمنة، غير أن الكثير من المصابين غير مؤمّنين ويضطرون إلى اقتراض الأموال لشراء الدواء. وعليه يناشد هؤلاء المرضى الذين أغلبيتهم شباب تتراوح أعمارهم بين 20 و40 سنة وزير الصحة التكفل بهم، خاصة فيما يتعلق بالفحوصات المخبرية وأشعة "إيارام" المكلفة التي أرهقت كاهل المرضى الفقراء. وأكد خبراء أن نقص الدواء قد يعرض المرضى لأخطار كثيرة منها الشلل النصفي والكلي. للإشارة، أحصت الجزائر حوالي 10 آلاف شخص مصاب بالتصلب اللويحي أغلبها في المدن الشمالية للبلاد، فيما سجل في العالم مليونان ونصف مليون حالة، حيث وصف الأطباء هذا المرض ب "الغريب" كونه إلى حد الآن مجهول الأسباب. وهو عبارة عن التهابات متتالية على مستوى الجهاز العصبي المركزي يسبب اضطرابات في البصر والحركة والتوازن وينصحون بالتشخيص المبكر الذي يبقى أحسن وسيلة لكبح تطور هذا المرض. التقت "الشروق"، خلال جولتها الاستطلاعية بمصلحة طب الأعصاب بالمستشفى الجامعي محمد لمين دباغين بباب الوادي، ببعض المرضى المصابين بالتصلب اللويحي، حيث لفتت انتباهنا في الوهلة الأولى حنان، 30 سنة من ولاية البويرة، أصيبت بالتصلب اللويحي منذ 2002 عندما كانت تدرس في القسم النهائي، حيث أصيبت بانتفاخ وشلل على مستوى الفم ثم انتقل المرض إلى اليدين والقدمين وهو الأمر الذي جعلها تتوقف عن مزاولة الدراسة. أما جميلة من ولاية المدية 28 سنة، فأصيبت بالمرض منذ 8 سنوات، حيث قصت علينا معاناتها التي بدأت بفشل يدها اليمنى ثم ساءت حالتها وانتقل المرض إلى قدميها ما اضطرها إلى التوقف عن العمل كونها كانت كاتبة على جهاز الإعلام الآلي. أما عن حكاية سمية 20 سنة من باب الوادي، طالبة في الصيدلة، فقد حطم هذا المرض مستقبلها الجامعي وتوقفت عن مزاولة دراستها لأنها لا تملك إمكانات لدفع أجرة سيارة تنقلها إلى الجامعة وتعيدها إلى المنزل. ونفس الحالة تعرضت لها طبيبة أم لطفلين فقد أصيبت بالتصلب اللويحي بعد ولادتها لطفلها الثاني وزادت معاناتها بإصابة زوجها بداء السرطان في نفس السنة، حيث ينصحها الأطباء بعدم القيام بأي جهد قد يعرضها لنكسة غير أنها باستمرار تعتني بزوجها المريض ما جعلها تدخل المستشفى للعلاج. وللتعرف على هذا المرض جمعنا لقاء مع الطبيبة بيصاص، أستاذة مساعدة بمصلحة طب الأعصاب بذات المستشفى، قالت إن التصلب اللويحي "سكليروز أون بلاك" يدخل ضمن الأمراض المزمنة وهو ذاتي المناعة، يقف وراءه عوامل جينية وبيئية، حيث يقوم نظام دفاعِ الجسم الخاص بمهاجمة "myelin" المادة الدهنية الوقائية التي تحيط بألياف العصب في النظام العصبي المركزي. وهذا الضرر يسبب إعاقة لعمل الناقلات العصبية التي تنتقل من وإلى الدماغِ، وتسبّب خدرا في الأطراف، ومشاكل في الحركة، والرؤية، والإعياء. وفي حالة عدم العلاج تؤكد الطبيبة أن المريض يصاب بالشلل. وينتشر لدى الشريحة العمرية التي تتراوح بين 20 و40 سنة وكشفت المتحدثة أنه لا وجود للدواء لمعالجة هذا المرض بصفة نهائية، لكن هناك علاجات من شأنها كبح تطور الداء، من بينها دواء "أنترفيرون" و"فانقوليمود". هذا الأخير الذي صنع مؤخرا من طرف مخابر سويسرية يعمل على تفادي المريض الأعراض المزعجة لهذا المرض ويمنع تقدم المرض وانتشاره في جسمه.