يثور كثير من اللغط ونقاط الظلّ حول أوبيرات "ملحمة الجزائر 2" التي يعدّها الديوان الوطني للثقافة والإعلام بالتنسيق مع وزارة المجاهدين، في عمل شهد اضطرابا منذ الشروع فيه قبل أسابيع، وبات عرّابوه يسابقون الزمن لعرضه سهرة الجمعة المقبل في غرّة ستينية الثورة الجزائرية الكبرى. على مبعدة 96 ساعة عن العرض المرتقب (150 دقيقة)، يضرب متابعون الأخماس في الأسداس بشأن أفق عمل ضخم غامض الميزانية، سيتطرق إلى أهم منعطفات الجزائر التاريخية منذ عهد نوميديا إلى تجليات 2014، ومبعث القلق يكمن في "التغييرات المتسارعة" التي طغت على المنصب الحسّاس "إخراج العرض". فبعد (ذهاب) المخرج العراقي "جواد الأسدي" في ظروف لا تزال غامضة، (جيئ) على عجل بالفنان "أحمد رزاق" الذي يزاوج بين السينوغرافيا والإخراج، لكن "رزاق" انسحب فجأة (..)، في وقت شدّدت إدارة الديوان على أنّها هي من تخلّت عنه (..)، وتمّ استقدام "عمر فطموش" مدير مسرح بجاية الجهوي، وسط استفهامات، اعتبارا لإشراف "فطموش" بالتزامن مع المهرجان الدولي للمسرح في بجاية (29 أكتوبر - 5 نوفمبر)، أين يشغل منصب محافظ التظاهرة. وفي وقت لم يكلّف "سمير مفتاح" المتحدث باسم الديوان، نفسه – مجددا - عناء الردّ على مكالمات مندوب "الشروق أون لاين"، فسّر "لخضر بن تركي" المدير العام لديوان الثقافة والإعلام، ما حصل مع الأسدي، بكون الأخير "تعوّد على الكلاسيكيات وهو ما يتعارض مع روح العمل القائم على الاستعراض"، فكيف اختارت إدارة الديوان "الأسدي" في الأول، وهل انتبهت متأخرة إلى أنّه لا يليق؟. كما لم يكن "بن تركي" لبقا مع رزاق، إذ شدّد على أنّ مبدع "الصاعدون إلى الأسفل" الحائز على الجائزة الكبرى لمهرجان المدية الأخير، "لم يكن أبدا مخرجا بل هو سينوغرافي" (....)، أكثر من ذلك، اتهمّ الرقم الأول في الديوان "غريمه" ب"إطلاق شائعات كتعود الديوان على التعامل مع الأجانب". وعن استقدام طاقم صيني، أوعز "بن تركي" :"الذي لا يعرف الخسارة لن يربح، وعدم الانفتاح على الطاقات الخارجية لن يمكّن أبدا من الوصول" (...). وفيما لم يتسن التواصل مع "رزاق"، أفيد إنّ الثلاثي "عمر فطموش – رياض بروال وحبال بوخاري" بصدد مضاعفة السرعات حتى يكون العرض جاهزا، لكن هل يمكن إنضاج ملحمة بهذا الوزن في ظرف وجيز؟. بالمقابل، يستهجن مراقبون، ما يسمونه "تغييب" أسماء لا يشق لها غبار على منوال "صافي بوتلة" صاحب رائعة "وطني" (2002)، فضلا عن "زياني شريف عياد" و"فوزية آيت الحاج"، هذه الأخيرة برزت بالعديد من الأعمال في تسعينيات القرن الماضي. وبعد عقدين عن "ملحمة الجزائر" (1994)، جرى توشية الأوبيرات الجديدة، بنص الشاعر الراحل "عمر البرناوي" وكوكبة من الشعراء على غرار: "سليمان جوادي"، "عز الدين ميهوبي"، و"إبراهيم صديقي"، واستنادا إلى مصممي العرض، سيجري استحضار عهد النوميديين، مرورا بمرحلة الفتح الاسلامي، وصولا إلى حقبة الاحتلال الفرنسي واستقلال الجزائر، مع تصوير لفترة العنف الدموي، وما تلاها من "وئام "و"مصالحة" و"تحولات"، عبر تشكيلة من الرقصات والمشاهد التمثيلية على إيقاع الأغاني الثورية في ديكور متنقل. وجرى الاستعانة بثلاثمائة ممثل وراقص، غالبيتهم من خريجي معهد مهن فنون العرض والسمعي البصري لبرج الكيفان، مدرسة ألحان وشباب، بالإضافة إلى أعضاء الباليه التابع لديوان الثقافة والإعلام.