أيام معدودة تفصلنا عن موعد الذكرى الستين لاندلاع الثورة التحريرية، وما تزال التحضيرات جارية على قدم وساق ليكون الاحتفال الرسمي جاهزا عشية الفاتح نوفمبر ب "خيمة المركب الأولمبي" في الجزائر العاصمة، غير أنّ ما وقفت عليه "المساء" رفقة عدد من الصحفيين ضمن الزيارة التي نظّمها الديوان الوطني للثقافة والإعلام إلى عين المكان، يوم الأربعاء المنصرم، يحيل إلى التخوّف من ألا يكون العمل الملحمي والمسرحي الموسوم "ملحمة الجزائر" جاهزا ويليق بأهمية الحدث، بيد أن الجهة المنفذة ومخرج العمل فطموش أكدا العكس. شرع الديوان الوطني للثقافة والإعلام في منتصف شهر سبتمبر الماضي، في التحضير للاحتفال بهذا الموعد التاريخي الهام من تاريخ الجزائر المعاصر، وهو عمل أُسند للمخرج عمر فطموش واشتغل على السينوغرافيا بوخاري حبال وأعدّ الكوريغرافيا رياض بروال، وحسب لخضر بن تركي المدير العام للديوان الوطني للثقافة والإعلام، فإن عملا ملحميا راقيا يحتاج إلى أشهر حتى يتم إنجازه، وتأسف لذلك، لكنه في نفس الوقت أكد أن كل الظروف تم توفيرها للوصول إلى نتيجة إيجابية، وكشف عن أن 600 إلى 700 فرد تم تجنيدهم حتى تكون "ملحمة الجزائر" جاهزة في الموعد. سيتم الاعتماد على الأداء المسجّل (البلاي باك) الأمر الذي سيسهل تجسيد العمل على الخشبة، بالنسبة للفنانين والمغنيين، بينما القسط الكبير من الجهد سيكون من نصيب الراقصين في اللوحات الكوريغرافية، وحسبما لاحظته "المساء"، فإن عددا كبيرا منهم كان مصابا، وفترات الراحة قليلة جدا، فالوقت بالفعل يداهمهم لإنهاء العمل ووتيرته تتسارع كل يوم، ويُخشى أن تكون الحالة البدنية والصحية للمصابين ناقصة لتقديم أحسن أداء. وضبط الديوان الوطني للثقافة والإعلام كلّ الشروط التقنية من إضاءة وصوت لتقديم عرض راق، واقترح "ملحمة الجزائر" التي كتبها الشاعر الراحل عمر البرناوي وعدد من الشعراء سنة 1994 للاحتفال بالذكرى الستين للثورة على وزارة المجاهدين، مع إضافة تعديلات لفترة ما بعد التسعينات، قام بكتابتها الشاعر إبراهيم صديقي، تخص فترة الوئام المدني والمصالحة وفترة الإنجازات، ووفق المخرج عمر فطموش، فإن العمل سيكون على شكل لوحات غنائية سيتم عبرها استعراض المحطات التاريخية الكبرى على غرار أحداث 8 ماي 1945 والثورة والاستقلال وأحداث أكتوبر والعشرية السوداء وخروج الجزائر إلى راحة البال والنفس، ستجسد في مدة ساعتين ونصف ساعة، وأكد أنه ما تزال 140 ساعة للعمل الذي سيكون جاهزا للتقديم ليلة 31 أكتوبر في ظروف مسرحية وتقنية جيدة. وفي استفسار عن تقديم عرض مسرحي وملحمي داخل خيمة عملاقة، قال فطموش بأنّه بطبيعة الحال يجب أن تكون الظروف متوفرة، ويرى أن هناك ترسانة من الأجهزة الصوتية والإضاءة وبلاطو مساحته ألف متر مربع، وهي شروط مناسبة لتقديم عرضه، وأردف أنّ أكبر العروض الناجحة عرضت في خيم عملاقة، وحاليا هناك منشآت مصنوعة على هذه الشاكلة، وحتى في المسرح العصري. من جهته، قال سمير مفتاح المكلّف بالإعلام والاتصال بالديوان، أن مدة العرض في البداية كانت خمس ساعات وتم تقليصها إلى النصف دون المساس بالحقب التاريخية وشخصياتها، ثم إضافة فترة ما بعد التسعينات، ويشارك في العمل فنانون ومغنيون من خريجي مدرسة "ألحان وشباب" وبالي الديوان الوطني للثقافة والإعلام وخريجي معهد برج الكيفان وفرق كوريغرافية حرّة. يرفع الديوان التحدي ضد الزمن لعرض الملحمة في الحفل الرسمي سهرة 31 أكتوبر ويعاد تقديمه يوم أوّل نوفمبر للجمهور العام. وعلى صعيد آخر، تفقّد الطيب زيتوني وزير المجاهدين أجواء التحضيرات وشاهد بعض لوحات الملحمة، وكانت المناسبة للشد على أيدي الفنانين، وصرح للصحافة أنه من المهم أن يكون الاحتفال بستينية الثورة من لدن الشباب الجزائري، مبديا استعداد الوزارة تقديم المزيد من المساعدة والدعم والتشجيع. وقال؛ "نريد أن تكون ثورة أول نوفمبر رسالة نرسلها بطرق علمية وتقنية وفنية للشباب والشعب عامة، ليفتخروا بوطنهم وأسلافهم، يحبونها أكثر ويدافعون عنها من خلال تمسكنا ووحدتنا من خلال زرع الأمل والثقة بيننا".