ذكرت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، أن الجزائر باتت تعتمد على الدبلوماسية لمواجهة الإرهاب الذي يهدد الاستقرار. وقالت في تقرير أعده مراسل الصحيفة في القاهرة، بورزو دراغاهي، نشر الثلاثاء، إن الجزائر تعتمد على الدبلوماسية والمقاتلات والدبابات والبنادق لمواجهة عدد من التهديدات المتصاعدة على حدودها. وأشار الكاتب، كمثال على الدبلوماسية للدور الجزائري في مالي، حيث جمعت الحكومة الجزائرية ممثلين عن الحكومة والقبائل والميليشيات المسلحة في فندق الأوراسي، هذا الخريف لإقناع الماليين المتحاربين فيما بينهم لتشكيل جبهة موحدة ضد الخطر الإرهابي، بعد وقوع نصف مالي تحت سيطرة الجماعات المتشددة العام الماضي، ما أدى لتدخل عسكري فرنسي، وأضاف أن الاجتماع، يظهر "السياسة الحازمة التي تتبناها الجزائر لحماية حدودها من الأخطار المحيطة بها". وأضاف الكاتب أن المنازعات السياسية في العديد من المناطق أدى لإنعاش طموحات الجهاديين، وحول دول الصحراء والساحل إلى مجموعة من الدول الفاشلة، ما قدم التربة الخصبة لتفريخ الإرهاب، وبالتالي تهديد هذا البلد الغني بالنفط. ويفيد التقرير بأن آخر مثال جماعة أطلقت على نفسها "جنود الخلافة"، التي بايعت تنظيم الدولة المعروف ب"داعش". ويجد دراغاهي أنه "بعد عزلة طويلة عن قضايا المنطقة في إفريقيا، أصبح قادة أكبر الدول الإفريقية مساحة لاعبين نشطين في الساحة الخلفية لبلادهم، عسكريا ودبلوماسيا". وينقل التقرير عن كال بن خالد، المقيم في واشنطن والمدون المتخصص في شؤون شمال إفريقيا، قوله "إنهم قوة ضخمة، ولكنهم لا يستخدمون تأثيرهم"، مبينا "الآن يتحدثون بصراحة عن دورهم في دعم الأمن الإقليمي وكقادة". ولفت التقرير إلى أن قتل أحد السياح الفرنسيين على يد "جنود الخلافة في الجزائر" في سبتمبر الماضي زاد مخاوف الحكومة من خطر الإرهاب العابر للحدود، وأثره على البلد، الذي يبلغ تعداد سكانه 36 مليون نسمة، أي ثاني دولة عربية من ناحية الكثافة السكانية، وقد يؤدي الفقر وغياب الفرص بين السكان لانجذابهم للتشدد الديني. وبين التقرير أنه وللرد على التهديد، عززت قوى الأمن الجزائرية من تعاونها مع الولاياتالمتحدة وفرنسا، رغم لوم الجزائريين كلا البلدين على التدخل في ليبيا، حيث تحولت القوى التي قاتلت القذافي لقتال بعضها البعض، وينظر للتدخل العسكري على أنه سبب في التهديد الإرهابي بالمنطقة. ويتابع الكاتب بأن الجزائر عززت من أمن حدودها وقامت بنشر القوات عليها للرد على التهديدات الإقليمية، وشن غارات جوية على مواقع الإرهابيين داخل الجزائر، وقادت عمليات مراقبة للحدود المشتركة مع تونس، وأرسلت قواتها إلى روسيا لتلقي تدريبات على مكافحة الإرهاب. ووقعت الجزائر في أوت اتفاقا مع شركة راينميتال الألمانية للدفاع وعقدا لبناء مصنع عربات مصفحة لنقل الجنود بقيمة 28 مليون يورو. ويرى الكاتب أن الدبلوماسية النشطة تظل أساس جهود الجزائر الدولية لمكافحة الإرهاب. فبالإضافة لجهودها في مالي تعمل الجزائر على جمع الأطراف المتنازعة في ليبيا وإقناعها للتصالح فيما بينها، لعبت الجزائر دور الوسيط بين الإسلاميين والعلمانيين في تونس. ويستدرك التقرير بأن المشكلة تنبع من ليبيا أكثر، حيث تشترك مع الجزائر بحدود طولها 990 كيلومترا، وحتى الآن فشلت الجهود الجزائرية بإقناع الأطراف المتحاربة، حيث أصبحت ليبيا ملجأ آمنا للجماعات المتطرفة، ويتدفق إليها السلاح والمتطوعون من الجزائر، على حد وصفه، ما دعا الحكومة الجزائرية للتفكير في بناء سياج كهربائي طوله 120 كيلومترا.