تطرح قضايا أرضها المحتلة بصدق وجرأة، وتدافع عن هويتها ووطنها وشعبها، تأمل في غد أفضل لفلسطين، سلاحها الصورة والصوت، سيناريو وحوار، لها فيلمين طويلين: "المرّ والرمان" و"عيون الحرامية" الذي عرض أولّ أمس، بقاعة الموڤار في إطار مهرجان الجزائري الدولي لسينما الفيلم الملتزم، وسط حفاوة كبيرة استقبله بها الجمهور الجزائري، إنّها نجوى النجّار المخرجة السينمائية والمؤلفة الفلسطينية متحدثة عن الفيلم ونقاط أخرى مثيرة عقب العرض في حوار ل"الشروق". فيلم "عيون الحرامية" الذي شاهده الجمهور الجزائري، ماذا تحكي قصته الرئيسية وما القصد من وراء إنجازه؟ الفيلم مستوحى فقط من قصة حقيقية، باعتبار أنّ كتابتها تزامنت مع وضع سيئ في فلسطين، وتحديد اندلاع انتفاضة الأقصى سنة 2002، وكنت لا أرى أملا وصار الوضع سوداويا، وبالتالي دفعتني عديد النقاط والأسباب لكتابة القصة بهذا النحو، منها الثورة الجزائرية ومعاناة الشعب الجزائري وقت الاحتلال، فصارت عندي حرية وبات عندي أمل، فكيف يصبح الشعب الفلسطيني وكلّ هذه الأشياء تعنيني، وفي الوقت نفسه لم نكن نملك الحرية الكبيرة في فلسطين، لذلك ظلت هذه القضية التي حدثت في 2002 ونفذها شاب ذو 24 سنة وقتل الجنود ولم تذكر المرأة رغم أنها مستوطنة إسرائيلية فكانت محاكمته ليس كإرهابي بل كسجين حرب لأنّه قتل جنودا على أراض فلسطينية، في ظل غياب حماس أو فتح والتي تعمل وقتها شيئا وطنيا.
تقصدين بأنّ "عيون الحرامية" لا يوثق للعملية أو لما يجري من قمع إسرائيلي في فلسطين؟ لا الفيلم ليسا وثائقيا، القصة اسمها "عيون الحرامية"، فبحثنا كيف هو حال الوضع، فيمكن أنّه سنة 2002 يعرف العدو بصفة أكثر من هو؟، أمّا اليوم فهناك معطيات وتبعات أخرى، لأنّ الأمراض التي تبعت الاحتلال برزت أكثر في هذه الفترة، وهذه قصه إنسانية تصور جوانب مختلفة من حياة الشعب الفلسطيني فمثلا لما تكون في المقهى وتحكي تتجلى تلك الروح الوطنية والنضالية.
وقع اختيارك على فنانة جزائرية وممثل مصري لتجسيد بطولة فيلم فلسطيني لماذا؟ لم لا، استطعنا عمل شيء لم يحدث سابقا، وانتقينا أحسن شيء للفيلم، ففي فلسطين ليس المجال متاحا لنا بأن نأتي بممثل مصري ولم تحدث أبدا، إلا هذه المرّة في فيلمي "عيون الحرامية"، كما أنّ صديقتي العزيزة سعاد ماسي تشارك في أول تجربة سينمائية لها، لأنها ببساطة تستطيع الوقوف أمام 10 آلاف شخص، وتمكنت من إقناعها للمشاركة في هذا الفيلم، ولهذا أنا فرحة أكثر خاصة وأنّ الاثنين "ماسي وأبو النجا" تقبلا الدورين واشتغلا على أرض فلسطينية محتلة تم تصوير فيها "عيون الحرامية".
كيف وجدت أداء الفنانة الجزائرية سعاد ماسي لاسيما وأنّها أولّ تجربة لها في عالم الفن السابع؟ أعجبني أداؤها كثيرا، لأنني كنت أبحث عن تلك الروح الإنسانية التي وجدتها في سعاد ماسي، الفنانة التي تملك روحا جميلة ومميزة لا يمكن وصفها .
جسدت أغاني عديدة ومختلفة في العمل، ما هي ولماذا بالتحديد؟ طبعا، استخدمت عديد الأغاني التي تمثل الفن في ربوع وطننا العربي الكبير، منها أغان جزائرية لسعاد ماسي، بحيث حاولت أن آخذ من كل البلدان زهرة، فأخذت أغاني قديمة مصرية وفلسطينية وليبية وسورية وذلك بهدف صنع مزيج فني عربي يعكس ألم الأمة العربية وأملها.
تم تصوير الفيلم في الأرض المحتلة ما هي الصعوبات التي واجهتكم؟ تحت الاحتلال لا تعرف ما يحدث لك، فالاحتلال يمكن أن يقلقك ويمكن لا، لكن هو يراقب وحاضرا دائما. ورغم الدمار والخراب والظلم يظل ذلك الجانب الجمالي للحياة والأمل والغربة في العيش موجودا رغم الصعاب، لأننا نسعى ونطالب بأن نعيش بكرامة وشرف، وعلى سبيل المثال لا يمكن أن تعيش بدون ماء أو كهرباء.
موضوع الخيانة سلطّ عليه الضوء في فيلمك، لماذا ركزت على هذه النقطة؟ الخيانة، وجدت في مختلف الثورات والمقاومات في العالم، فحاولت أن أرسم الخائن ليس باللون الأسود بل باللون الرمادي، لأنه يفكر بأنّه يقدم خدمة للفلسطينيين بجلب تصاريح العبور والسكن وتصاريح الاستشفاء من السلطة الإسرائيلية، وهو شيء حقيقي وليس كذبا.
تجاهلت في القصة الجناح السياسي والعسكري لحماس وحركة فتح، هل هو انتقام منك بسرد قصة إنسانية بطلها مواطن عادي وهل هذا دليل أيضا على موقفك من الانقسام الحاصل في حكومة أبو مازن؟ الأهم بالنسبة لي ليس الساسة بل الإنسان الفلسطيني الذي يعاني دائما، وكان أساس الفيلم، بغض النظر عن الإشارة أو التطرق للسلطة الفلسطينية التي هي تعاني مع شعبها.
بعد عرض "عيون الحرامية" في فلسطين، كيف كانت ردود الفعل؟ عرض في مدينيتي "رام الله" وفي "القدس"، أين سجلّ إقبال جماهير منقطع النظير، فتوقع العديد من الناس بأنّه وثائقي لا أكثر ولا أقلّ، لكن الفيلم أدهشهم ونال رضاهم.
لك عملان: "المرّ والرّمان" و"عيون الحرامية" ما أوجه الاختلاف بينهما؟ أعتقد بأنّ كل فيلم يعتبر تجربة خاصة يعود وضعها الى مراحل الحياة، "فالمر والرمان" أنجز في مرحلة معينة من حياتي، والإثنان يقومان في الأساس على الأمل، وماذا سأفعل غدا، وووو...، لتبقى عديد الأسئلة تطرح في شاكلة ماذا سيحدث فيما بعد وهذا الفرق أتركه للمشاهد.
الإنتاج مشترك بين الجزائروفلسطين، ماذا تعني لك هذه التجربة؟ هو أهم من هذه الأشياء المادية، فصحيح الجانب المادي جعلنا نحقق الإيجابيات ونتجاوز العقبات، فكان الإنتاج جزائريا فلسطينيا في الأساس، لكن هناك تمويلا جزئيا من فرنسا وإيرلندا والأردن، خاصة بعد تتويجنا في مهرجاني الدوحة ودبي، حيث قدمت لنا أموال، وكانت لنا الحرية في العمل نظير الأموال التي منحت إيانا. والأهم من هذا الشيء كله هو أنّ الجزائر لما تدخل في إنتاج مشترك فلسطيني شرف كبير لنا ويمنحك الدعم المعنوي الذي نحن بحاجة إليه، فلما تأتي إلى الجزائر تشعر بحب الجزائريينلفلسطين وتحس بأنّ هؤلاء لهم وطن ويؤمنون بفلسطين.
الفيلم مرشح للأوسكار، هل تتوقعين أن يفوز بإحدى جوائز المهرجان؟ لا أتوقع أن يتوج أم لا، لكن ما أستطيع قوله هو أنّه انجاز كونه أولاّ ترشحّ لمهرجان كبير عالمي مثل "الأوسكار" واستطعت أنا أن أوصل فيلما عن المقاومة إلى أمريكا والى كافة العالم وبصورة واضحة، لأنّه عادة هذه الأفلام لا تترشح لمثل هذه المهرجانات.
ما أضافت السينما للقضية الفلسطينية؟ بهذا الخصوص، يمكنني القول بأنّ فيلمي "العربي" انطلاقا من المشاركة الجزائرية والمصرية فيه، يسعى لإعادة القضية الفلسطينية إلى قلب وصميم العرب.
تجربة سينمائية تكلل بفيلمين "المرّ والرّمان" و"عيون الحرامية"، أفي الأفق عمل ثالث؟ إن شاء الله، عمل موسيقي بين فلسطين والإسكندرية. ولا أستطيع تقديم تفاصيل كثيرة.