اعترفت موسكو بصفة ضمنية، ولأول مرة بطريقة رسمية، بوجود خلاف مع الجزائر بشأن صفقة السلاح التي أبرمت في مارس 2006، خلال زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، والتي شكلت محور مباحثات بوتفليقة لدى وصوله إلى روسيا، مساء أمس الاثنين مع نظيره الروسي، تلبية لدعوة بوتن. وقال ديميتري بسكوف الناطق الرسمي باسم الكريملين، في تصريح لوكالة فرانس براس أمس، "إن المباحثات ستتركز على التعاون العسكري بين البلدين، ومن بينها بعض الجوانب المحددة في هذا التعاون". ولم يتطرق المسؤول الروسي صراحة بالحديث، عن طائرات الميغ 29 ال 15، ستعيدها الجزائر إلى روسيا، على خلفية محدودية تطورها التكنولوجي، لكن المتتبعين فهموا من هذا التصريح على أنه إشارة ضمنية لهذا الخلاف. ويذهب خبراء استراتيجيون روس، إلى أن قضية الطائرات المتنازع عليها، لا علاقة لها بمحدوديتها التكنولوجية وهو السبب الذي رفعته الجزائر، ومنهم روسلان بوخوف مدير مركز التحليل الاستراتيجي والتكنولوجي، الذي يرى بأن موقف الجزائر، من طائرات الميغ 29، يعبر عن توجه جديد لدى السلطات الجزائرية، أملاها عليها المحيط الجيوسياسي، فضلا عن رغبتها في تنويع ترسانتها العسكرية. وبحسب الخبير بوخوف، فإن تراجع الجزائر عن قبول طائرات الميغ، إنما مرده إلى ضغوط مصدرها السلطات الفرنسية، التي تبحث عن صفقة مربحة لشركة داسو مصنع الطائرات الحربية، من نوع رافال، التي لازالت تبحث عن زبون أجنبي، بعد ليبيا، التي اقتنت 14 طائرة السنة المنقضية، في محاولة لتعويض الصفقة الخاسرة التي كادت أن تبرم مع المملكة المغربية، قبل أن تتراجع سلطات الرباط، وتولي وجهها نحو المقاتلات من نوع ال "آف 16" الأمريكية الصنع. لكن، يبقى أن موقف الطرف الجزائري المتشبث بإعادة طائرات الميغ 29 إلى روسيا، مبررا من عدة جوانب، أولها أن الدفعة الأولى من هذه الطائرات، والتي تسلمتها في 2006 و2007، أبانت عن عدد من النقائص، بدليل تحطم إحداها قبل حوالي ستة أشهر، بحيث تبين بعد التحقيقات التي أجريت بعد الحادث، أنها لم تكن وفق المعايير المتفق عليها في اتفاق تحويل الديون، في مارس 2006. وتقدر قيمة صفقة طائرات الميغ 29 المتنازع عليها، بمليار و 28 مليون دولار أمريكي من مجموع الصفقة التي تبلغ ما يقارب سبعة ملايير دولار، موزعة على 29 طائرة من نوع ميغ 29 فولكروم، ذات مقعد واحد، وست طائرات من نوع ميغ 29 UB، ذات مقعدين، تستعمل في التدريب، مع إمكانية استعمالها في العمليات الحربية عند الضرورة. وبحسب مصادر مقربة، من الوفد الرسمي المرافق للرئيس بوتفليقة في زيارته إلى روسيا، فإن الجزائر لا تطالب من الطرف الروسي، غير معاملتها بنفس المعاملة، التي تعاطت بها موسكو مع الهند، التي وقعت لها نفس الحادثة مع روسيا، بحيث تم تعويضها عن طائرات الميغ 29 ، بأخرى من نوع ميغ 35 المتطورة، وبنفس السعر. غير أن الطرف الروسي رفض هذا المقترح، وعرض على الجزائر مقابل الطائرات المتنازع عليها، طائرات من نوع سوخوي 35، أو إعادة النظر في مبلغ المليار و28 مليون دولار، في حالة تزويد الجزائر بطائرات الميغ 35. محمد مسلم