قالت صحيفة الإندبندنت البريطانية، الأحد، أن رئيس وزراء بريطانيا الأسبق وينستون تشرشل (1874-1965) الذي قاد بلاده للانتصار على ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية، كان مأخوذاً بالإسلام وثقافة المشرق، ما دفع بعائلته إلى مراسلته لمحاولة إقناعه بعدم اعتناق الإسلام. وأشارت الصحيفة، إلى أن رسالة تعود إلى العام 1907 تم العثور عليها مؤخراً كشفت أن "عائلة تشرشل دعته إلى مقاومة رغبته في اعتناق الإسلام". وفي الرسالة التي يعود تاريخها إلى أوت من العام 1907 كتبت زوجة أخ تشرشل: "رجاء لا تعتنق الإسلام، لقد لاحظت حقاً في سلوكك ميلاً للاستشراق، ورغبة في أن تصبح مثل الباشاوات". وأضافت في رسالتها التي بعثت بها إلى تشرشل: "إذا أصبحت قريباً من الإسلام سوف يكون تحولك إلى هذا الدين أكثر سهولة مما قد تتوقع، حارب ضد هذا الأمر". هذه الرسالة التي عثر عليها الباحث في التاريخ في جامعة كامبريدج "وارين دوكتر"، كتبت من قبل الآنسة "غويندولين بيرتي" التي تزوجت بأخ تشرشل "جاك". ويقول دوكتر لصحيفة الإندبندنت، إن "تشرشل لم يكن يفكر جدياً باعتناق الإسلام"، ويضيف أنه "كان في ذلك الوقت ملحداً إلى حد ما على كل حال، لكنه كان مفتوناً بالثقافة الإسلامية التي كانت شائعة في أوساط الفيكتوريين (أثنا حكم الملكة فيكتوريا في الفترة بين 1901-1937)". وأتاح انضمامه إلى بعثة الجيش البريطاني في السودان كضابط، فرصة عظيمة لتشرشل مكنته من مراقبة المجتمع الإسلامي عن كثب. وفي رسالة بعث بها في العام 1907، قال إنه "يتمنى لو أنه كان "باشا"، تلك الرتبة الرفيعة التي كان يحظى بها البعض داخل بلاط الإمبراطورية العثمانية". وعرف عن تشرشل أيضاً ولعه بارتداء الملابس العربية في أوقاته الخاصة، حماس كان يشاركه فيه صديقه المقرب الشاعر ويلفريد بلانت. غير أن لدى دوكتر اعتقاداً بأن عائلة تشرشل لم تكن بحاجة مطلقاً للقلق بخصوص اهتمام تشرشل بالإسلام. ويضيف: "لعل الآنسة بيرتي كانت قلقة لأن تشرشل غادر في رحلة إفريقية، ولأنها كانت على علم بلقائه صديقه ويلفريد بلانت الذي عرف كشاعر مستعرب ومعاد للإمبريالية، لكن على الرغم من أنه وتشرشل كانا صديقين ويتشاركان في عشقهما لارتداء اللباس العربي في بعض الأحيان، إلا أنهما نادراً ما كانا يتفقان". وفي العام 1940 عندما كان تشرشل يقود حرب بريطانيا ضد النازيين الألمان، منح دعمه لخطط بناء ما أصبح يعرف بجامع لندن المركزي في حديقة ريجنت، الذي خُصص له حوالي 100 ألف جنيه إسترليني، على أمل أن يكسبهم ذلك دعم الدول الإسلامية أثناء الحرب. وقد أخبر تشرشل بعد ذلك مجلس العموم البريطاني، بأن العديد من الدول الإسلامية الصديقة لبريطانيا عبرت عن امتنانها لهذه "الهدية". وإذا كان تشرشل قد جاهر بإعجابه بالإسلام، فإن ذلك لم يثنه عن إبداء نقده، فمذكراته التي كتبها في العام 1899 عندما كان يقيم في السودان، تضمنت انتقادات حادة للدين الإسلامي منها قوله: "إن كون المرأة في الشريعة المحمدية تابعة للرجل وكأنها ملكيته الخاصة، طفلة كانت أم زوجة أو خليلة، سوف يؤخر عملية القضاء النهائي على العبودية، إلى أن يتوقف الدين الإسلامي عن البقاء كقوة عظمى بيد الرجال". وقال تشرشل أيضاً: "إن المسلمين قد يظهرون صفات رائعة بشكل فردي، لكن تأثير الدين يشل التطور الاجتماعي لأتباعه"، مضيفاً: "لا توجد قوة رجعية أقوى في العالم، وبعيداً عن كونها تحتضر، العقيدة المحمدية عقيدة نضالية وتبشيرية". يذكر أن دوكتر، الذي ساعد عمدة لندن بوريس جونسون في كتابه عن تشرشل، اكتشف الرسالة أثناء بحثه في إطار إعداد كتابه المقبل ونستون تشرشل والعالم الإسلامي: الاستشراق، الإمبراطورية والدبلوماسية في الشرق الأوسط.