سامي الحاج رفقة فوزي اوصديق كشف الدكتور فوزي أوصديق، رئيس اللجنة الدولية للدفاع عن سامي الحاج، ل "الشروق اليومي" حقائق ومعطيات مهمة حول ما يحدث داخل معتقل غوانتانامو، من أساليب التعذيب والاستنطاق، كشفها له سامي الحاج، مصور قناة الجزيرة الذي اعتقل لمدة تجاوزت 6 سنوات بالمعتقلات الأمريكية، وأطلق سراحه مؤخرا في الأول من ماي 2008. وكما سرد سامي الحاج لفوزي أوصديق أخبارا عن المعتقلين الجزائريين في سجن غوانتانامو وشعورهم تجاه حكومة بلدهم الجزائر، تنفرد "الشروق" بنشرها لأول مرة في هذا الحوار الحصري. * مخدرات في شكل أدوية.. وحقن تحمل فيروسات السيدا * وتوثق رسالة لسامي الحاج أرسلها لمحاميه، كلايف ستافور سميث، بتاريخ 15 جويلية 2005 الطريقة الجديدة التي انتهجها المحققون لاستنطاق السجناء: "يعاني جميع المحرومين من فرش الأسنان بسبب العقوبات الطويلة الأمد من آلام الأسنان. يظل الأسير أسبوعاً وأسبوعين يستدعي العيادة دون جدوى، يضرب عن الطعام، لا حياة لمن تنادي. أخيراً يطلب التحقيق ويقابل المحقق ويعده ويتعهد له بالتعاون التام في التحقيق والإجابة عن جميع الأسئلة، ما يخصه وما لا يخصه، ثم من بعد يستدعيه الطبيب للعيادة ويقوم بالمهمة خير قيام، وبمنتهى الإخلاص يخلع له الضرس السليم ويترك له الآخر حتى يواصل التحدث في التحقيق". * وذكر سامي الحاج في نفس الرسالة "الممرضين والأطباء لا يتم إحضارهم لمعاينة أي سجين مهما كانت درجة آلامه ونوع مرضه إلا بعد أن يقدم السجين تعهدا بالتعاون في التحقيق إلا أن الممرضين والأطباء لا يصفون للسجناء المرضى إلا أمرين الأول هو شراب الماء.. أجل الماء دواء لكل داء، فما من أسير يشتكي من مرض، بدءاً بنزلات البرد ومروراً بآلام الظهر وانتهاء بالحساسية بأشكالها المختلفة، إلا وكانت وصفات الدواء جاهزة على لسان الصيدلي: اشرب ماء، يشتكى من التهاب اللوز: اشرب ماء، اشرب ماء حتى أصبح الحارس عندما يطلب منه السجين زيارة العيادة للطوارئ يسارع بالوصفة الطبية: اشرب ماء.."، وأضاف سامي الحاج في رسالته "هنالك شائعات انتشرت مؤخراً في المعتقل تقول إن التطعيم الذي كانوا يجبرون عليه المعتقلين ما هو سوى حقن أمراض تظهر بعد فترة مثل مرض نقص المناعة والعقم وغيرهما لهذا كان يمتنع المعتقلون عن أخذها.. وكان الجراحون لا يتأخرون في بتر أيدي وأرجل الأسرى السليمة والعليلة وحتى الصيادلة في المعتقل يصرفون بسخاء حبوب المخدرات الغالية على أساس أنها عقاقير طبية". * سامي الحاج يروي قصة الجزائري الذي فقد عقله في غوانتانامو * قال فوزي أوصديق إن سامي الحاج أخبره عن التقائه بالجزائريين المعتقلين في غوانتانامو والذين يبلغ عددهم 24 سجينا جزائريا إلا أن علاقته بهم لم تتعد المحادثة من بعيد بسبب فصلهم في عنابر ومنع أي شكل من أشكال الاتصال بين السجناء في معتقل غوانتانامو، إلا أنه أكد مشاهدته للسجين الجزائري في معتقل غوانتانامو الذي فقد عقله وكان رفقة السجين اليمني أيمن باطرفي والذي فقد هو الآخر عقله في معتقل غوانتانامو، حيث رجح فوزي أوصديق إصابة السجينين الجزائري واليمني بالجنون نتيجة تناولهما القسري لمخدرات وسموم أجبرهما على تناولها إدارة معتقل غوانتانامو أو أنهما تناولاها بعد أن أوهمهما أطباء المعتقل وصيادلته على أنها أدوية وعقاقير طبية خاصة وأن معظم السجناء في المعتقل يعانون من أمراض خطيرة ومن بينهم المعتقلون الجزائريون. * وأضاف فوزي أوصديق أن سامي الحاج نقل له سلام الجزائريين المعتقلين في غوانتانامو وكذا تثمينهم لموقف الجزائر السيادي تجاه قضيتهم، مؤكدا أن هؤلاء المعتقلين فخورون بعدم رضخ الحكومة الجزائرية لشروط الإدارة الأمريكية بمنعهم من الدخول والخروج من الجزائر بحرية في حال نقلهم إلى الجزائر، فضلا عن أنهم يؤكدون أنهم يطالبون الحكومة الجزائرية بالإسراع لإنقاذهم وتحويلهم إلى أرض الوطن. * معتقلو غوانتانامو تحت رحمة استشاريين وخبراء في علم النفس * أكد فوزي أوصديق أن الشهادات المتتالية للسجناء الذين أطلق سراحهم من معتقل غوانتانامو، والتقارير الدولية حول المعتقل تكشف أن من يدير هذا المعتقل هم استشاريون وخبراء في علم النفس، وليسوا عسكريين، وحتى الجنود الذين يقومون بحراسة السجناء في المعتقل وتعذيبهم تلقوا تكوينا في تقنيات الحرب النفسية، ما يؤكد أن ما يحدث داخل هذا المعتقل هو حرب نفسية بكل المقاييس، وهذه هي الحقيقة التي تتطابق تماما مع شهادة سامي الحاج، على حد تعبير فوزي أوصديق الذي أوضح أن سامي الحاج خضع للاستنطاق أكثر من مائة مرة بأساليب التعذيب النفسي، بالإضافة إلى عدم توجيه تهم محددة ضد المحتجزين في معتقل غوانتانامو، واعتبار مصير أي سجين غير محدد قانونيا ويفتقر إلى أية إمكانية للجوء إلى آلية قانونية تحميه. * وأشار فوزي أوصديق إلى أن وضع لا نهاية لنظام الاحتجاز هو القائم حاليا في المعتقل، وهذا بمثابة أكبر عقاب نفسي للسجين، موضحا أن الولاياتالمتحدةالأمريكية صادقت على اتفاقيات جنيف الأربع لسنة 1948 إلا أنها اليوم لا تحترم المادة الرابعة من الاتفاقية الرابعة، والتي تتحدث عن الأشخاص المحميين الذين يجدون أنفسهم في أي لحظة وبأي شكل كان في حالة نشوب نزاع أو احتلال في أيدي طرف في النزاع أو قوة محتلة لا ينتمون إلى جنسيتها. ويحتوي معتقل غوانتانامو على أكثر من 40 جنسية في غوانتنامو ينتمون لهذه الفئة، فضلا عن مخالفة الإدارة الأمريكية لمواد أخرى من ذات الاتفاقية وهي المواد 75 و5 و2، حيث تنص هذه المادة على أنه في حالة وجود أي شك حول أشخاص ارتكبوا فعلا عدوانيا ووقعوا في يد العدو، فإن مثل هؤلاء الأشخاص يستفيدون من الحماية بموجب المعاهدة الحالية إلى حين إصدار الهيئة المختصة حكما، حسب تصريحات ذات المتحدث. * سامي الحاج يحتاج إلى عملية استعجالية على مستوى الركبة * قال فوزي أوصديق إن سامي الحاج أصيب بجملة من الأمراض والأزمات الصحية داخل السجن، وبقيت آثارها واضحة حتى بعد خروجه من المعتقل، حيث يحتاج سامي الحاج حاليا وبصورة مستعجلة إلى عملية جراحية على مستوى الركبة، بعد تآكل غضروف الركبة بسبب الرطوبة العالية بمختلف السجون التي اعتقل فيها، ابتداء من سجن "باغرام" وصولا إلى سجن غوانتانامو. * كما أكد سامي الحاج في تصريحات سابقة "أصبت بعد كل أيام الاعتقال والتعذيب اليومي بمشاكل صحية على مستوى القلب وروماتيزم مستمر في الأقدام وآلم مستمر في الأسنان"، مضيفا "كنت أعاني من مشاكل صحية من قبل ولم أتلق العناية الطبية اللازمة مثل الورم الذي كان قد أزيل لي في السودان سنة 1988 لكني كنت بحاجة إلى تناول عقاقير خاصة إلا أنني لم أتناول منها شيئا وهذا ما أزّم حالتي الصحية". * سامي الحاج أدلى بشهادته حول التعذيب * أكد فوزي أوصديق أن سامي الحاج سافر بعد خروجه من معتقل غوانتنامو إلى مدينة جنيف السويسرية، أين التقى بالعديد من ممثلي المنظمات الحقوقية الدولية التي تعنى بحرية الإنسان وحقوقه والدفاع عن كرامته، حيث أدلى بشهاداته حول معتقل غوانتنامو وما عايشه وشاهده طيلة السنوات التي قضاها بمعتقل غوانتنامو من تجاوزات لا إنسانية في حق المعتقلين، حيث التقى بممثل عن منظمة العفو الدولية وممثل عن المنظمة السويسرية ضد التعذيب وكذا ممثلين عن منظمة الصليب الأحمر، كما أشار فوزي أوصديق إلى أن زيارة سامي الحاج إلى سويسرا سمحت له بلقاء رسميين ومسؤوليين بالحكومة السويسرية، ما سمح له بكشف العديد من الأمور والخبايا عن معتقل غوانتنامو وإدارته وتصادف ذلك مع اليوم العالمي لمحاربة التعذيب. * سامي الحاج لسجانيه: "دخلت زيرو وأخرج منه إيرو (بطل)" * كشف فوزي أوصديق أن سامي الحاج قد أخبره بأن أحد المسؤولين بإدارة المعتقل عند خروجه مساء يوم الخميس 1 ماي 2008 من البوابة الرئيسية للمعتقل سأله حول مشاريعه المستقبلية فرد عليه سامي الحاج بجواب فيه كثير من الصلابة ودلالة على فشل السجان الأمريكي "أشكركم على كل حال.. فقد دخلت إلى هذا المعتقل زيرو وأنا اليوم أخرج منه 'إيرو' بطل". * ونقل فوزي أوصديق امتنان سامي الحاج لجميع من دعا له وآزره بقوله "لومنحت سن سيدنا نوح قد لا أوفي حقوق جميع الأفراد الذين دعولي". * سامي الحاج يذكر "الشروق" بخير.. * أفاد فوزي أوصديق بأن سامي الحاج يعكف في الوقت الحالي على كتابة مذكراته ويومياته في السجون الأمريكية ابتداء من سجن باغرام بالقاعدة الأمريكية في أفغانستان، حيث يصف سامي الحاج الفترة التي قضاها بهذا المعتقل "قبعت بسجن باغرام 16 يوما من 8 جانفي 2002 حتى 23 جانفي 2002، إلا أنني خلتها ست سنوات إذ كانت أطول أيام عرفتها في حياتي" وكذا سرد ما عايشه في سجن قندهار من 23 جانفي حتى 13 جوان 2002 وكشف سامي الحاج عن بعض أساليب التعذيب التي كانت تمارس عليه رفقة السجناء بهذا السجن في رسائل بعث بها لمحاميه وهو في المعتقل، ".. كان البرد قارساً بمعتقل قندهار، حيث لم أعد أستطيع تحريك قدمي وضعوني في أغلال وأرغموني على المشي حافياً في المياه المتجمدة في الطريق، بل وبطحوني على الأرض.. كنا نجبر على الجلوس معاً عراة، ولم أستحمم لمدة 100 يوم، فغزا القمل والحشرات ملابسي، ولم يكن يعطى لي من الماء سوى ماء للشرب وليس لتنظيف نفسي"، بالإضافة إلى سرد التفاصيل الكاملة للمعاناة الطويلة التي تجرعها في معتقل غوانتنامو بكوبا طيلة الفترة الممتدة بين 13 جوان 2002 و1 ماي 2008، فضلا عن تخصيصه لصفحات من الكتاب للحديث عن حملة "الشروق"، "مليون توقيع لإطلاق سراح سامي الحاج" والتي وصفها بالمبادرة الشجاعة الطيبة من الجريدة والشعب الجزائري الذي شكره على موقفه النبيل مع قضيته، داعيا إياه إلى مواصلة الدفاع عن المعتقلين في سجن غوانتنامو والمساهمة في حملة المليون توقيع لغلق المعتقل نهائيا. * في بيت القرضاوي * أوضح فوزي أوصديق أن سامي الحاج زار فضيلة الشيخ القرضاوي وتحدث معه مطولا بخصوص إضرابه عن الطعام لأكثر من سنتين بسبب تجرؤ الجنود الأمريكان بالمعتقل على إهانة المصحف الشريف والمعاملة اللاإنسانية للمعتقلين، حيث أخبره سامي الحاج "لم يهنأ لي بال منذ إضرابي عن الطعام في المعتقل والذي كان كردة فعل على إهانة المصحف الشريف وخوفي كان كبيرا من الناحية الشرعية خاصة وأن إضرابي عن الطعام كان فيه إضرار لنفسي". وأكد فوزي أوصديق أن الشيخ القرضاوي طمأن سامي الحاج وقال له إنه لا حرج عليك باعتبار أن هذا الإضراب عن الطعام كان لوجه الله وغضبا لله بسبب إهانة المصحف الشريف والإسلام. * أكثر من 100 جلسة استنطاق واستجواب تمحورت حول "الجزيرة" * أشار فوزي أوصديق إلى أن سامي الحاج أوضح له بأنه خضع لأكثر من مائة جلسة استجواب واستنطاق تمحورت معظمها حول قناة الجزيرة وليست على سامي الحاج، وهذا ما يؤكد أن اعتقال سامي الحاج كان كابتزاز لقناة الجزيرة وليس لشخص سامي الحاج، على حد تعبير دكتور فوزي أوصديق. * نحو مليون توقيع لإغلاق معتقل غوانتانامو.. * أوضح فوزي أوصديق أن الهدف القادم بعد النجاح في إطلاق سراح سامي الحاج هو المساهمة وإنجاح حملة المليون توقيع لإغلاق سجن غوانتانامو، حيث تعتبر هذه الحملة بمثابة استمرارية لحملة "الشروق"، "مليون توقيع لإطلاق سامي الحاج"، مشيرا إلى أن هذه الحملة تندرج ضمن التحالف الدولي لإغلاق معتقل العار "غوانتانامو".