المشرق العربي والمغرب العربي أصبحا في دائرة الخطر بسبب أزمة الغذاء العالمية الناجمة عن استهلاك الحبوب في الوقود الحيوي وشح المياه حيث التعامل غير العلمي مع الثروة المائية وتزايد السكان، اذ بلغ تعداد السكان 370 مليون نسمة، وهو مرشح إلى أن يصبح 600 مليون بعد أربعين سنة..فبعض الدول العربية تستورد قرابة 90 % من احتياجاتها الغذائية.. * تواجه الحكومات العربية هذا التحدي بمشروعات تنقصها الدراسات الإستراتيجية وأحيانا ينقصها الغطاء الأمني الضامن لنجاحها.. ففي حين كانت السودان والباكستان تمثلان أملا في ان تنفق دول الخليج العربي فيهما أموالا كافية للاستثمار في مجال الزراعة الغذائية إلا أن التوترات المقصودة في كلا البلدين تجعل من الاستثمار أمرا متعذرا..وأحيانا لجأت الدول العربية إلى انجاز مشاريع في الصحراء كما فعلت السعودية في مجال زراعة القمح في بداية السبعينيات، وبعد نجاحات في توفير كميات من القمح وأصبحت المملكة بذلك من كبار الدول المصدرة للقمح الا أن المسؤولين السعوديين أعلنوا خلال هذا العام عن أنهم سينهون تدريجيا هذا البرنامج بسبب استهلاكه كميات مفرطة من المياه.. * كما حاولت مصر من خلال مشروع ضخم (مشروع توشكي) ان تزرع مايقارب من 500.000 فدان ونقل ملايين من السكان هناك الا أن المشروع تضاءل لكي لا يشمل الآن أكثر من 30 ألف فدان .. * وبدل التوسع في الزراعة الغذائية في المناطق الزراعية تفقد مصر سنويا 60.000 فدان من أجود الأراضي الزراعية بسبب التوسع العمراني ..أنهم يزرعون المباني السكنية بدلا من القمح، ولعل هذه المشكلة المأساوية متكررة في كل قطر من أقطار العرب حيث تتكدس أطنان الباطون والحديد في أجود المناطق الزراعية فيما تبقى المدن المتمددة عليها محاطة بمايشبه الصحراء. * ان خللا كبيرا في استراتيجيات التنمية تسيطر على حكوماتنا المتلهية في ديماغوجية السلطة والتهريج الدعائي..ان أولى خطوات العمل من أجل مستقبل الأمة وشعوبها تكمن في توفير كل الشروط الأمنية والسياسية والخطط الشاملة والصارمة لتوفير الغذاء وعدم التنازل عن ذلك مهما كانت الظروف.. وهذا يترتب عليه إعادة النظر في خريطة الاستثمار والوظيف العمومي والتعليم والبحث العلمي والاستيراد والتصنيع..ان أولوية توفير لقمة الخبز والغذاء ينبغي ان تخضع لتخطيط ومتابعة تنفيذ طويل المدى، والا فإن ملايين العرب سيجوبون الشوارع بلا لقمة خبز وحينها ستنهار الدول وتتقسم البلد الواحد وتنتشر الرذيلة والجريمة والحروب البينية وتكون النهاية المأساوية لأمة العرب. * وكما أن على الحكومات ان تهتم بهذا الأمر فعلى الأحزاب المنشغلة بالامتيازات ان تخرج من مناخ الشعارات إلى مجال أعداد الخطط والرؤى الأكثر صوابا لإيجاد حلول في مواجهة هذا التحدي الأكثر خطورة..