رفع خبراء الشأن التربوي، الأحد، 30 وصفة لإخراج المدرسة الجزائرية من عنق الزجاجة، وجرى التشديد على تفادي التكديس في الابتدائي و"أنسنة" المدارس الخاصة، بما يكفل تفعيل نظام تربوي مبتكر ضمن متطلبات الجودة والشفافية والتنافسية العلمية والبيداغوجية. في أعقاب يومين، توّجت أشغال الندوة الوطنية لتقييم إصلاح المنظومة التربوية بحزمة توصيات وتقارير استعرضتها وكالة الأنباء الجزائرية، وتصدّرها الحثّ على تفادي تكديس المعارف في طور التعليم الابتدائي وتوفير مواقيت للتلاميذ تستجيب للمرحلة الحالية، مع ضرورة "أنسنة" المدارس الخاصة بالتعليم الابتدائي وإخراجها من نمطية الراهن. كما جرت الدعوة إلى توفير الفضاءات الخاصة بتلاميذ المرحلة القاعدية والاهتمام بهم نفسانيا وجسديا، مثلما تمّ التركيز على تعميم تدريس التربية التحضيرية وفتح أقسام إضافية والحفاظ على استقرار الأفواج مع الأخذ بعين الاعتبار المناطق النائية.
توسيع التعلّم والتعليم من جهتها، نادت ورشة تقييم النظام التربوي بتخفيف وتيرة الفحوص والاختبارات لإعطاء حيز أكبر لعملية التعلم والتعليم، وتشكيل فريق عمل يختص في التحول من إجراءات المراقبة إلى الفصل في النظامين، مع ضرورة تقنين وتنظيم الدروس الخصوصية بما يحد من التأثيرات السلبية الناجمة عنها. وأوصي أيضا بتكييف النظام التربوي الجزائري مع المقاييس الدولية في مجال التمدرس، أي ضرورة اعتماد 36 ساعة أسبوعيا، بالتزامن مع تعميم تواجد معاهد التكوين عبر كامل التراب الوطني وتشكيل لجنة وطنية مكلفة بالتكوين للقيام بإعداد مخطط خاص بهذا المجال الهام. وتمت الدعوة أيضا إلى تشكيل لجنة وزارية دائمة ما بين وزارتي التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي تعمل على إعطاء استمرارية للعمل المنجز في مجال تكوين الاساتذة من الناحية الكمية.
إحياء "البكالوريا المهنية" و"التعليم الاختياري" ألّحت ورشة الطور الثانوي على تشكيل لجنة مشتركة مع قطاع التكوين المهني من أجل استحداث "بكالوريا مهنية" بغرض تحضير التلاميذ للتوجه نحو التعليم المهني، وتعدّ الخطوة بمثابة إحياء لمشروع الوزير السابق "عبد الحميد عبّاد" في ربيع 2003، قبل أن يقوم خلفه "الهادي خالدي" بإجهاض ذاك المسار بجرّة قلم. كما دعا فاعلو الندوة إلى اعتماد "التعليم الاختياري" في الطور الثانوي والعمل بالبطاقة التركيبية، وتنظيم اختبارات مسبقة لبعض المواد في امتحان شهادة البكالوريا وإلغاء العمل بموضوعين اختياريين اضافة إلى اعادة النظر في طبيعة مواضيع هذا الامتحان. ودعا المشاركون في ورشة الطور الالزامي وبرامج الجيل الثاني إلى متابعة تكوين الاساتذة في الطور الالزامي واعادة فتح معاهد التكوين للسهر على حسن اختيار المكونين مع ادراج مقياس اخلاقيات المهنة ورفض الدروس الخصوصية من خلال تأسيس مجلس أخلاقيات المهنة. وبالنسبة للتوصيات المنبثقة عن ورشة التوجيه المدرسي، فتمحورت حول إدراج مادة الارشاد والتوجيه المدرسي في الطورين المتوسط والثانوي مع اعادة النظر في مقاييس توجيه التلاميذ في مختلف الشعب.
بلورة المواطنة و"تلاميذ المستشفيات" اقترحت الورشة الخاصة بالتربية والمواطنة ومحيط التلميذ بدورها بضرورة توظيف اخصائيين نفسانيين على مستوى كل المؤسسات التعليمية مع تفعيل وتنشيط النوادي الثقافية والعلمية والرياضية. كما تم اقتراح توفير ميزانية خاصة بالصحة المدرسية وإدراج مواد تعليمية تخص المواطنة من خلال تنصيب لجنة على المستوى المركزي والمحلي تتكفل بالموضوع مع ضرورة الاخذ بعين الاعتبار محيط التلميذ والمؤسسة التربوية. وركزت توصيات الورشة المتعلقة بالتربية المتخصصة من جانبها على ايلاء الاهمية لمختلف شرائح ذوي الاحتياجات الخاصة والاطفال المقيمين في المستشفيات مع ضرورة تعميم الاقسام المفتوحة بالمؤسسات الاستشفائية عبر كامل التراب الوطني. وتضمنت المقترحات ايجاد تدابير واجراءات قانونية متعلقة بالتعليم المتخصص مع وضع جهاز خاص بالمعطيات الخاصة بالتلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة بالتنسيق بين وزارتي التربية والوطنية والتضامن الوطني. وأوصت الورشة الخاصة بالمنظومة التربوية والتفتيش بالتكفل بالجانبين المادي والاجتماعي لفئة المفتشين من خلال اعادة النظر في تصنيف هؤلاء لتمكينهم من أداء مهامهم على أحسن وجه. كما دعت الورشة إلى اصدار قرار ينص صراحة على المهام الموكلة إلى وظيفة التفتيش واعداد مرجعية للكفاءات المهنية للمفتشين واعادة النظر في شروط الترقية.
"بن غبريط": نراهن على قفزة نوعية أكدت وزيرة التربية الوطنية "نورية بن غبريط"، الأحد، على حتمية تحقيق "قفزة نوعية" للمدرسة الجزائرية في ظل توفير الدولة للموارد اللازمة لإرساء دعائم مدرسة للنجاح. وفي ختام أشغال الندوة المذكورة، أوضحت "بن غبريط" أنه "بإمكاننا تحقيق القفزة النوعية التي ينتظرها مجتمعنا خاصة وأنّ الدولة الجزائرية لم تتوقف يوما عن توفير الموارد اللازمة لنجعل من مدرستنا مدرسة للنجاح والارتقاء بنظامنا التربوي الى مصاف النظم الاكثر تقدما". ودعت الوزيرة كل الشركاء الاجتماعيين الى مرافقة قطاعها في هذا المسعى المتمثل في "بناء مدرسة حديثة لا يقتصر دورها على تلقين الكفاءات الضرورية لتكوين أجيال قادرة على المساهمة في تطوير البلاد، وإنما ايضا تلقين قيم اخلاقية وقيم المواطنة". وجدّدت الوزيرة إلى "التحلي باليقظة وبروح المسؤولية حتى نتمكن من احباط كل المحاولات التي لا تريد ضرب استقرار المدرسة فحسب، بل تستهدف بلادنا التي تقع في محيط جيو-سياسي يتميز بعدم الاستقرار". ودعت في هذا الشأن المفتشية العامة للبيداغوجيا بالتعاون مع مديرة التقويم الى اعداد تقارير سنوية تتعلق بمدى تطبيق نتائج التقييم، مشيرة الى ان تحقيق هذه الغاية "يتطلب اعادة النظر في الممارسات داخل القسم الذي يتوقف عليه النجاح".