مادي ومنصر...موعد مع الحلم/ صورة: الشروق ربما كان البعض يعتقد انه ضربا من الخيال او الجنون ان يتأهل مادي نبيل ومنصر نجيم لنهائي سباق 800م، وهو احد اصعب السباقات، لكن ما عسانا ان نقول بعد ان فرض هذا الثنائي نفسه عنوة فوق المضمار وبلغا المسابقة الختامية، في سابقة هي الاولى في تاريخ ألعاب القوى الجزائرية. * ويدخل الثنائي مادي نبيل ومنصر نجيم مساء اليوم في نهائي ال800م لأول مرة بالنسبة لهما في مشوارهما الرياضي، وكذلك للمرة الاولى التي يتواجد فيها ثنائي جزائري في نهائي هذا الاختصاص. * وقلب هذا الثنائي الطاولة في وجه اصحاب الاختصاص، وبذلا مجهودات كبيرة مادية ومعنوية رغم لامبالاة الاتحادية، لكنهما بالمقابل رفعا التحدي وتحولا من المشاركة من اجل المشاركة الى البحث عن ميدالية تاريخية. * وكان مادي نبيل قد قدم اداء رائعا في المجموعة الثالثة المشكلة من افضل الاختصاصيين، وسير السباق وفق هواه، حيث تصدره منذ البداية الى الامتار الاخيرة، ليقصي بذلك ابرز المرشحين وصاحب افضل نتيجة لهذا الموسم، السوداني ابوبكر كاكي، والاوغندي شيبكيروك. * وكان منصر نجيم اول من دخل المسابقة في المجموعة الثانية وحل في المركز الرابع بتوقيت قدره 1د 45ثا 54ج، وهو رقم سمح له بالتأهل بأفضلية التوقيت. * وكان على منصر نجيم ان ينتظر ما ستسفر عنه تصفيات المجموعة الثالثة؛ لأن تحقيق صاحب المركز الثالث توقيتا أفضل منه سيجعله خارج المنافسة. * ومن حسن حظ منصر، أن قائد المجموعة الأخيرة كان زميله نبيل مادي الذي سير السباق، كما ينبغي وحاول التقليل من ريتم السباق ثم العدو بسرعة فائقة في الأمتار الأخيرة، وهو ما جعله يضمن التأهل له ولزميله، في انجاز تاريخي لهذا الثنائي. * * نبيل مادي: "حضرت جيدا و كنت أفكر في زميلي منصر" * وفي أجواء تغمرها الفرحة مع نهاية السباق، قال مادي نبيل لموفد الشروق انه شعر بوضع معنوي وبدني أفضل، مشيرا إلى التصريحات التي أطلقها عبر الشروق أثناء حلوله ببكين، حينما أكد بأنه في وضع أفضل وانه سيسعى إلى الوصول إلى النهائي، وهو وعد وفى به هذا العداء، رغم المشاكل الكبيرة التي عانى منها. * وعن سباق نصف النهائي قال: "كنت جاهزا للمنافسة واعرف جيدا خصومي، بالموازاة كنت افكر في زميلي منصر الذي حقق توقيتا جيدا وكان لزاما علي ان اقلل من سرعة السباق لكي يكون ذلك في مصلحتي ومصلحته". * واشار مادي ان هذا التأهل هو ثمرة مجهودات كبيرة بعد موسم شاق مليء بالمتاعب والمعاناة وان التوفيق كان من الله. * منصر نجيم: "أنا في حلم وانتظروني مستقبلا" * أما العداء الواعد، منصر نجيم، فقد بدا منبهرا بالانجاز المحقق، حيث يعد اصغر المتأهلين لنهائي 800م، بعدما لم تتأكد مشاركته في هذا الأولمبياد الا في الايام الاخيرة التي سبقت الأولمبياد. * وبات منصر نجما واعدا لرياضة ألعاب القوى التي تتخبط في الفضائح والمشاكل، ما يعطي بارقة امل في الأفق، حيث يرشحه اهل الاختصاص ليكون ڤرني الجديد. * وتابع منصر سباق ال800م من المدرجات، حيث كانت فرحته لا توصف لتأهل زميله مادي وكذلك لبلوغه النهائي. * وقال نجيم للشروق: "الفرحة لا تسعني، فهي أول مشاركة لي في حدث كبير، والآن أنا من بين الكبار، الآن وجب التفكير في المستقبل". * وتابع يقول "الشكر كله لله، وكل الثناء لزميلي مادي الذي تأهل بجدارة وسمح لي بأن أكون ضمن هذا النهائي الكبير". * وأوضح نجيم بأن الغرور لن يتسلل إليه، وسيعمل بجد لتحسين رقمه الشخصي وبلوغ أعلى المراتب في السنوات المقبلة، حيث يرشح لأن يكون احد أبطال اولمبياد لندن 2012. * * نهائي تكتيكي اليوم والجزائر تحلم بميدالية إضافية * ويجرى السباق النهائي اليوم في منتصف النهار ونصف بالتوقيت الجزائري، ضمن ختام منافسات ألعاب القوى والأولمبياد. * ويتمنى الجميع ان تكون هذه المسابقة ختام مسك للمشاركة الجزائرية، خاصة وان أشد المتفائلين بمستقبل ألعاب القوى لم يكن يرشح بلوغ احد من العدائين الى المسابقة النهائية. * وقال مادي في حديثه للشروق ان بلوغ ثنائي جزائري نهائي 800م يعد تحديا كبيرا، وان الفرصة مواتية لاتباع تكتيك موحد للظفر به. * وحول طموحاته بعد خروج ابرز المرشحين، حيث بات الاختصاصيون يرشحونه ليكون بطل السباق، قال مادي بان السباق سيكون صعبا للغاية؛ لأن كل عداء سيدرس كل الاحتمالات وسيتبع تكتيكا مختلفا، وهو ما يصعب المأمورية. * لكن مادي لم يغلق باب الاحتمالات واكد بأن طابع النهائي يحمل الكثير من المفآجات، وفي مثل هذه المنافسات كل شيء محتمل، بل والتتويج بالذهب يبقى ممكنا لكل عداء مثلما هو ممكن ان تكون في المركز الاخير. * اما منصر نجيم (20 عاما) والذي قدم من اجل كسب الخبرة، فاعتبر ان كل شيء ممكن في النهائي ومشاركته تعد فوزا بالنسبة له. * وقال منصر: "تعرفون ان نجوم الاختصاص منهم البطل الاولمبي وصاحب افضل نتيجة لهذا الموسم والكثير خرجوا، هذا يعني ان المستوى متقارب، وسأسعى انا ومادي لتشريف الالوان الوطنية" * وشهدت مسابقات نصف النهائي خروج البطل الاولمبي في اثنيا، الروسي بورزاكوفيسكي، وصاحب افضل توقيت لهذا العام السوداني ابوبكر كاكي. * وسيكون السباق النهائي صعبا للغاية؛ لأنه سيعرف وجود الكيني ويلفرد بانغي، وهو اكبر المرشحين للتتويج باللقب الاولمبي، وكذلك الكوبي لوبيز يمار، والكندي ريد ڤاري، والبحريني كمال يوسف سعد. * ومن الصدف، سيدخل مادي نبيل السباق في الحارة الاولى مثلما كان الحال في سباق نصف النهائي، بينما سيكون منصر في الرواق الثامن، وهو نفس الرواق الذي شغله في نصف النهائي، وربما سيكون ذلك فأل خير عليهما. * * كانا عرضة للتهميش فرفعا التحدي * مادي ومنصر .. الانتصارات تولد من رحم المعاناة * * قد تلوح في الأفق بارقة امل توحي بأن ألعاب القوى الجزائرية بخير، وان ظهور عداء واعد مثل منصر نجيم هو تأكيد لذلك. * لكن واقع الحال ينفي كل هذه الافتراضات، فمنصر نجيم لم يكن ليشارك في الأولمبياد لولا انه حقق الحد الادنى (أ) في ملتقى روما، وربما هو الملتقى الدولي الوحيد الذي شارك فيه، فكان من بين الحاضرين، بل يعد من بين القلائل ممن حققوا الحد الأدنى (أ) من بين الوفد الجزائري لألعاب القوى، بغض النظر عن أصحاب اختصاص 1500م. * منصر نجيم من مواليد 8 جوان 1988، حمل رقم 8 الذي يتفاءل به سكان بكين، وبدأ مشواره في فرق بجاية ضمن اختصاصات السرعة والعدور الريفي، قبل ان ينتقل لفريق مولودية الجزائر حيث يشرف على تدريبه عمار براهمية. * ونشأ منصر نجيم في عائلة متواضعة، وهو ما منحهه روح التحدي، ولما كان مراهقا كان كثير الحركة، قبل ان يندمج كلية في الوسط الرياضي بالمولودية، حيث أجرى تحضيراته طيلة هذا الموسم بتيكجدة. * ويعزو مقربوه تفوق منصر إلى العمل الكبير الذي قام به رفقة مدربه بأعالي تيكجدة، حيث كان كثير القيء والبكاء لشدة المجهود الذي يبذله، لكن الغريب في الأمر انه لم يلق الدعم من طرف الاتحادية التي لم تمنحه أية مساعدات، بل أن مستحقاته المتمثلة في مشاركة في الألعاب الإفريقية العام الماضي لم يحصل عليها لحد الآن. * * مادي استدان الأموال من أجل التحضر للأولمبياد * أما حكاية مادي نبيل، فهي مؤسفة للغاية، إذ لم يكن بإمكانه حضور الأولمبياد لولا انه اقترض الأموال من مقربيه لكي يكون جاهزا للحدث. * مادي نبيل (27 عاما)، بدأ في اختصاص 1500م قبل أن يعود إلى مسابقة 800م، ولم يشارك هذا الموسم سوى في سباق واحد ل800م، بينما أجرى مسابقتين في ال1500 ببرلين والمغرب، وكان يطمح للمشاركة في هذه المسابقة بعد ان تعرض زرڤ العين للإصابة، وربما تعافي هذا الأخير فوت عليه الفرصة، لكنه عمل وفق قاعدة عسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم. * يقول مادي في حديث للشروق انه تعرض لمصاعب كبيرة هذا الموسم، فقد منع من اصطحاب مدربه المغربي، والفرنسي الجنسية، حسان الإدريسي. * ويقول مادي أن اختياره لهذا المدرب جعله عرضة للتهميش من الاتحادية التي حرمته من إجراء التربصات والمشاركة في الملتقيات، قبل أن يجد مساعدة فريق مولودية الجزائر. * ويقول مادي: "لقد اضطروت لاستدانة الأموال من اجل التحضير، والله لقد اقترضت الكثير من الأموال من اجل التحضر، لكن الحمد لله لم يذهب ذلك سدى"