هم باحثون عن الحياة من رحم الموت، هجروا أوطانهم وديارهم أملا في غد أفضل، ترسمه لهم الأقدار في أرض الله الواسعة التي أوصد أغلب حكّامها الأبواب في وجههم، فكانت ألمانيا الملجأ الأوفر حظا بالنسبة لهم.. شدّوا الرّحال إليها فبذلوا لأجل ذلك الغالي والنفيس وباعوا ممتلكاتهم حماية لأرواحهم وأرواح ذويهم، حاملين معهم قصصا مبكيات محزنات يتألم لها الحجر قبل البشر. "الشروق أونلاين" زارهم في مخيّمهم بمدينة دوسلدورف الألمانية ووقف على معاناتهم الإنسانية ورحلتهم قبل الوصول إلى ألمانيا وأحوالهم ويومياتهم في المخيم، فكان لنا معهم هذه الدردشات التي ننقلها إليكم عبر هذا الروبورتاج.. أول ما وصلتُ إلى ألمانيا كنت أبحث عن طريقة للوصول إلى مخيمات اللاجئين هناك، لكن الدخول إليها لم يكن سهلا، فحاولت الاستعانة بأصدقاء يعرفون المخيم جيدا.. كانت عقارب الساعة تشير إلى حدود الثامنة مساء، عندما قصدنا المخيم الذي لم يكن واضحا للعيان وهو يضم حوالي 350 عائلة تقريبا من سوريين وألبان وعراقيين وأذريّين (نسبة إلى أذربيجان) وغيرهم، دخلنا مع أحد المقيمين لزيارة عائلة سورية تعرّضت الوالدة فيها إلى وعكة صحية اضطرت على إثرها لزيارة الطبيب. ونحن في انتظار عودتها قصدنا غرفة مجموعة من الشباب السوريين.. بادرنا بالسلام بينما كان الجميع منهمكا يلعب الدومينو والبعض الآخر يتفرج ويدخّن وعلى الفور رحّب بنا هؤلاء وتركوا ما بأيديهم. قدّمنا أنفسنا كصحافة جزائرية تريد نقل صورة حيّة عن أهلنا اللاجئين في ألمانيا، فرحبوا بالفكرة واندمجوا معنا على الفور في الحديث.
مصطفى إسماعيل.. الألمان عاملونا جيدا ونحن مدينون لهم البداية كانت مع إسماعيل مصطفى مهندس كهرباء من منطقة عين العرب "كوباني" في سوريا، يبلغ من العمر 30 عاما.. انتقل إلى ألمانيا منذ حوالي 9 أشهر. يروي مصطفى رحلته التي بدأها بالانتقال من سوريا إلى تركيا وبعدها إلى المغرب لينتقل إلى اسبانيا ومن ثم إلى ألمانيا وهي - كما قال - رحلة محفوفة بالمخاطر والمتاعب كلّفته إرهاقا بدنيا واستنزافا لأمواله حتى أنه اضطر إلى الاستدانة وبيع ما يملك، فالرحلة من تركيا إلى المغرب كلفته 3200 دولار إضافة إلى 720 أورو دفعها كغرامة في المغرب بعد سجنه في مليلية لمدة 4 أيام، ناهيك عن بقية المصاريف التي كان يدفعها عند كل نقطة عبور لشبكات معروفة تسهل له طريقه. ويضيف مصطفى "كنت في مدينة دورتموند في مخيم روتن وبعد شهرين من المكوث هناك استقدموني إلى مخيم دوسلدورف.. وأنا هنا منذ 3 أشهر لم يحدد مصيري إلى الآن، لدي موعد لإجراء مقابلة في المحكمة يوم 5 نوفمبر إلى الآن لا جديد يذكر.. والحقيقة تقال أن الالمان عاملونا جيدا ونحن مدينون لهم.. أريد الحصول على الإقامة لأبدأ العمل وتعلم اللغة كي أتمتع بحياة عملية عادية.
سعد هويدي.. جلدني "داعش" لأنني احتفلت بزواج أخي! يقول سعد "جئنا عبر قارب أنا و17 فردا من إخوتي وأبناء عمومتي من منطقة الرّقة (معقل داعش) دخلنا ألمانيا عبر مسار تركيا اليونان ثم مقدونيا وصربيا وهنغاريا والنمسا. يضيف سعد "كنت في مناطق يسيطر عليها داعش ولم يكن بإمكاني العمل أو حتى التنقل إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام لأنني لم أؤد الخدمة العسكرية والتي سأوجه حتما إليها لو أنني قصدت تلك المناطق.. المهم حاولت العيش في بلدتي، لكن داعش لم يترك أحدا في حاله.. بعدها قررت الذهاب إلى تركيا وكنت أتردد بين تركيا وبلدتي حين اشتاق إلى أهلي رغم أن والدي كان ينبه علي أن لا أعود في كل مرة وأن أنفذ بجلدي من الطرفين.. بعدما تملكني اليأس والإحباط قررت الذهاب مع إخوتي إلى ألمانيا فخضنا تجربتنا التي بدأناها بتركيا واليونان وأنهيناها هنا في مخيم اللاجئين بدوسلدورف. وعن تجربته في سورية مع تنظيم "داعش" يقول سعد "كنت في تركيا حين سمعت بموعد زواج شقيقي الأكبر وقررت العودة إلى سوريا لأشارك أهلي الفرحة وأصريت على أن أزف أخي في سيارة مزينة بالأزهار وأن أضع له بعض الأغاني التي تعبر عن فرحتنا به، لكن بعد مدة معينة حضر أفراد من التنظيم واقتادوني إلى معسكرهم وهناك عذبوني وجلدوني لأنني - حسبهم - ارتكبت معصية وأخلّيتُ بقواعد النظام العام للدولة الإسلامية.. وبالكاد تم تخليصي بعد دفع كفالة وتعهد بعدم معاودة الأمر بعدها فورا قررت ألا أبقى في سوريا لأن التنظيم لن يرحمني في المرات المقبلة.. هربنا من القصف والتقتيل والدمار لنحيا بكرامة لكن للأسف إلى الآن لم تسو بعد وضعياتنا، واشتياقنا لأهلنا يحرقنا".
أبو أحمد.. لم أر ابني الصغير منذ 3 سنوات أبو أحمد- كما أراد أن نسميه - ينحدر من مدينة الحسكة، يبلغ من العمر 28 عاما متزوج منذ عام 2009 وأب لطفل في العامين و8 أشهر الآن. يروي بألم مغادرته سوريا بسبب القصف والدمار الذي لحقه وأهله، وكيف هجر بلده أملا في أن يجتمع بأهله في ألمانيا بعيدا عن الدمار والقتل والتعذيب. يقول أبو أحمد "كنت أعمل في الشام ولم يكن في وسعي زيارة أهلي، حيث انقطعت عنهم لظروف أمنية 3 سنوات، وخلال تلك الفترة كلها لم أر ابني إلاّ مرة واحدة عندما كان في عمره شهر تقريبا.. بعد اشتداد الخطر قرّرت الهجرة فذهبت إلى تركيا وهناك عُّذبت وضُربت ما اضطرني للدخول إلى المستشفى والبقاء فيه أربعة أيام ومكثت في تركيا حوالي عامين ونصف، بعدها قرّرت المغادرة إلى اليونان أين بقيت أربعة أيام ثم قصدت مقدونيا أين تعرضت أيضا للضرب ومن ثم توجهت إلى صربيا وعومِلت بصفة جيدة ومن ثم إلى هنغاريا مرورا بالنمسا.. سلّمت نفسي فقيل لي "نحن لا نقبل السوريين" ومن ثم حوّلوني إلى ألمانيا بعد أن حجزوني لمدة 5 أيام". ويضيف أبو أحمد وصلت ألمانيا بتاريخ 27/07/2015 مسكوني في ميونيخ وبقيت هناك 11 يوما، بعدها حوّلوني إلى مخيم دورتموند مكثت فيه يومين ثم انتقلت إلى بيليفيلت وبقيت 3 أيام ثم إلى مخيم بازازوفلي لمدة شهر وآخرها الآن هو مخيم دوسلدورف.. المهم أنّني مررت عبر 6 مخيمات تقريبا وفي كل مرة لا تقدم لي أي توضيحات بشأن نقلي من مكان لآخر. وعندما سألناه عن أحوال عائلته التي تركها في سوريا قال "أحوالهم سيئة للغاية.. فنفسيتهم متعبة وأحوالهم المادية في الحضيض بعد أن كنت ادعمهم بقوا الآن يكابدون الحاجة، سيما وأن أسرتي الآن تعيش مع أهلي حماية لها لكن لو كنت أعمل لساهمت على الأقل في مصروفهم ولتمكنت من ضمهم للعيش معي هنا.." ويضيف أبو أحمد "عزائي الوحيد هو تواصلي معهم عبر الوسائط الاجتماعية فقط لاقتفاء أخبارهم.."
السيدة الإيزيدية.. داعش شرّدنا من قريتنا كانت متكأة تراقب طفليها عندما دخلنا غرفتها التي يشاركها فيها 6 أشخاص آخرون من جنسيات مختلفة، استأذناها في أن تعرض علينا قصتها في الانتقال من العراق إلى ألمانيا فقبلت بعد تحفظ شديد. تقول السيدة الإيزيدية التي تحدّثنا إليها ورفضت الإفصاح عن اسمها أنها هجرت قريتها في إطار نزوح جماعي بسبب اقتراب خطر "داعش"، الذي غزى جبل الزمار بالعراق على الحدود السورية، أين كانوا يقيمون، فاضطرّت للعيش عند أمها مدة معينة في منطقة "دهوك" لكن الخطر لم يزل وهو ما جعلها تفكر في الهجرة مع سكان قريتها إلى ألمانيا، وكان عددهم يقارب 120 فرد. وتقول السيدة الايزيدية "دخلت إلى ألمانيا وسلّمت نفسي في 16/6/2015 مع ابني وابنتي، تركت زوجي في العراق فهو لم يتمكن من الالتحاق بنا لظروف قاهرة". وتضيف "خلال مسيرتنا واجهنا مختلف أنواع الخطر من قبل قطاع الطرق الذين تربصوا بنا وجرّدونا من أموالنا..وكانت نقطة انطلاقنا كانت عبر تركيا بمساعدة شبكات تهريب تنشط في المنطقة بأسماء مستعارة" "أنا انتظر منذ 5 أشهر ولا جديد يذكر بشأن وضعيتي.. ما ذنب أطفالي في ترويعهم واضطرابهم.. هم يبكون عندما يرونني أبكي ويتألمون ويسألون كثيرا لماذا نحن هنا ولماذا لا نملك مسكنا خاصا بنا ومن هم هؤلاء الذين ينهروننا في كل حين (يقصدون شركاءهم في الغرفة)" تقول السيدة ذاتها، وتضيف أنها انتقلت عبر 7 مخيمات للاّجئين في مناطق مختلفة من ألمانيا، لكن إلى غاية الآن لم تحظ بمحاكمة تؤهلها للاستفادة من الإقامة التي تمكنها من العيش بصفة عادية مع طفليها.
عوائل تنتظر التسوية منذ أشهر محطتنا ما قبل الأخيرة كانت مع عائلة سورية من حلب متكونة من الزوجين وبنت وولد أعمارهما بين 5 و6 على التوالي انتقلوا إلى ألمانيا منذ شهرين ونصف تقريبا، أبديا استياءهما من الوضع الحالي، فبعدما كانوا يعيشون في شقة وحدهم تم تحويلهم إلى هذا المخيم ليتشاركا غرفة ضيقة مع 4 أشخاص آخرين. يقول الزوج "بعنا كل ما نملك، لكننا الآن متعبون ونفسياتنا محطمة، زوجتي باتت منكسرة وولدانا مضطربان ومنعزلان.. كنا نأمل في عمل نسد به رمقنا ويحفظ لنا كرامتنا.. فعلا لقد صدمنا فليست هذه ألمانيا التي كنا ننتظر".. "لا نستطيع النوم ولا الراحة.. نحن لا نبحث عن الفخامة والشياكة فقط باب يسترنا ويضمن لنا خصوصياتنا ويعيد الثقة والأمل في نفوس أطفالنا، صدقونا إذا قلنا لكم أننا ننام بملابسنا وأحذينتا أمامنا خوفا من أي طارئ قد يحدث نحن لا نستعجل الإقامة بل نريد عملا ومسكنا لنعيش بكرامة". وختمنا زيارتنا مع عائلة سورية حلبية تتكون من الوالدين وطفلتين ومولود ينتظر قدومه خلال أشهر قليلة.. العائلة كانت تعيش في ليبيا، لكن بعد اندلاع الحرب فيها هربت عن طريق البحر إلى ايطاليا ومن ثم إلى ألمانيا..تتقاسم هي الأخرى غرفة مع أشخاص غرباء. رب الأسرة طالب مرار بتوفير غرفة مستقلة لكن دون جدوى لذا فهو يستعجل تسوية وضعيتهم والنظر في حالتهم، سيما وأن زوجته حامل وتحتاج إلى عناية خاصة، والغريب هو وجود أشخاص أتوا من بعدهم ودون عائلاتهم وتم النظر في حالهم اما هم فلا يزالون يراوحون مكانهم.
13 ألف أورو.. للتهريب إلى ألمانيا عبر تركيا والمغرب أجمع من تحدثنا إليهم من اللاجئين المتواجدين في المخيم أنهم دفعوا أموالا باهظة للوصول إلى ألمانيا لا تقل عن 13 ألف أورو في حدها الأدنى وقد تتعدى إلى ما هو أكبر بكثير، حيث اضطروا إلى بيع ممتلكاتهم والاستدانة من أهلهم وأصحابهم لتأمين خروجهم سالمين من سوريا. وتتولى شبكات تهريب مختصة ناشطة في هذا المجال عملية تسهيل العبور لهؤلاء. وعن كيفية التعرف على تلك الشبكات أكد بعض اللاجئين أنهم يتعرفون عليهم من خلال معرف لهم سبق لهم الاعتماد عليهم موضحين أن الدفع لا يتم إلا بعد حدوث العبور إلى الضفة الأخرى وهكذا في كل منطقة وذلك بواسطة الاعتماد على أناس ثقة يتمون دفع المبلغ بعد الاتصال بهم والتأكد من بلوغهم النقطة المتفق عليها. ويطرق اللاجئون إلى ألمانيا بوابتين أساسيتين، البوابة الأولى وهي الأكثر إقبالا تتمثل في مسار تركيا ومن بعدها اليونان مرورا بمقدونيا وصربيا وهنغاريا أمّا البوابة الثانية فتتمثل في مسار المغرب عبر مليلية ومن ثم اسبانيا وصولا إلى ألمانيا. ويشهد اللاجئون أنهم لاقوا معاناة مريرة في كل دولة يحلّون بها من سجن واستنطاق وجوع وبرد وقطّاع طرق يتربصون بهم في مختلف تنقلاتهم، سيما وأن المسيرة تأخذ أحيانا وقتا أطول مما كان متوقعا.
نساء وعوائل يشتكين الاختلاط في الغرف! في غرف صغيرة لا تتعدى 4 متر على 4 يقيم ستة إلى 7 أشخاص ينحدرون من جنسيات مختلفة، لكن ما يثير استنكار العديد من اللاجئين هو الاختلاط الموجود، حيث أن بعض النساء يجدن أنفسهن في غرفة واحدة مع أجانب عنهن وكذلك الأمر بالنسبة للأزواج الذين يتقاسمون غرفا مع ألبان ورومان دون وجود أية حواجز أو ستائر تفصل بينهم. وبهذا الشأن حدّثتنا سيدة ايزيدية عن وجودها لوحدها مع طفليها الصغيرين في غرفة مع ألباني وعراقي وبقية الجنسيات وعندما تقدمت بطلب للنظر في وضعها قيل لها أنه لا مجال من تغيير الأمر وما عليها سوى القبول أو العودة من حيث أتت. والتصريحات ذاتها أكدّها لنا زوج سوري رفقة ولدين لهما اتخذا من "إزار أبيض" حائلا بينهما وبين شركائهم في الغرفة، غير أنهم أبدوا امتعاضهم من الوضع إلى درجة أنهم شاركوا أبناءهم نفس السرير خشية أي مكروه قد يصيبهم. زوج سوري آخر قال لنا أنه لا يستطيع النوم ملء أجفانه لوجود أجانب معهم في الغرفة، فهو لا يستطيع الخروج إلا وزوجته وبنتاه معه، سيما مع المناوشات التي تحدث من حين لآخر في المخيم بين مختلف الجنسيات أو حتى بين أبناء البلد الواحد.
طفولة مرعوبة.. يواجه أغلب أطفال العائلات السورية والعراقية الموجودة في المخيم اضطرابات اضطرت الأولياء إلى نقلهم لدى مختصين نفسانيين لعلاج آثار التي خلفها القصف والرعب الذي عاشوه في سوريا، لكن الملفت أكثر هو تواصل الاضطراب حتى في المخيم نظرا للخناقات التي تحدث من حين لآخر بين المقيمين، سيما من جنسيات أخرى ويشتد الأمر في الليل، حيث يتواجد بعض السكارى في حالات لا وعي تامة ويدخلون في مشادات مع بعضهم البعض. وتقول إحدى الأمهات أن طفلتيها باتتا انطوائيتين وتميلان إلى العزلة، سيما بعد مشاهدتهما لاعتداء حدث بالمخيم بين شابين قام أحدهما بجرح الآخر بسكين. وكثيرا ما تنشب شجارات بين أطفال العرب والألبان أو غيرهم وتتعداها إلى الكبار وهو ما يجعل كثيرا من الأهل السوريين يمنعون أبناءهم من الخروج خارج الغرفة تجنبا لأي مشاكل هم في غنى عنها.
جئنا لنعمل ونحيا بكرامة لا أن نتسول المساعدات أجمل ما لمسناه في هؤلاء اللاجئين السوريين والعراقيين هو اعتزازهم وكرامتهم، فهم كما قالوا لا يطلبون أموالا من الدولة الألمانية ولا يريدون أن يكونوا عبئا على المجتمع هناك، بل يستعجلون تسوية وضعهم ولإقامتهم للتمكن من تعلم اللغة الألمانية وتأهيلهم لخوض الحياة العملية بما يقيهم سؤال الناس، رغم أن ألمانيا تقدم لهم مساعدة مالية تناهز 186 أورو لسد حاجياتهم الأساسية بعيدا عن الوجبات الرئيسية والتغطية الصحية التي تضمنها لهم. واستغرب من تحدثنا إليهم السياسة المنتهجة في تسوية وضعية اللاجئين فهناك، حسبهم، من جاء بعدهم وبدون عائلة وتمت تسوية أموره في حين ينتظر الآخرون دون تقديم أية معلومات، وفي كل مرة يسألون تكون الإجابة "انتظروا فدوركم لم يحن بعد".
لاجئون يقاسموننا خبزهم وماءهم رغم أنهم لا يملكون إلاّ قوتا هزيلا بالكاد يسد رمقهم، إلا أنهم آثروا ضيافتنا ولو بكأس ماء وقطعة خبز.. "هكذا نحن السوريون" قال أحدهم "لا يدخل بيتنا أحد إلا ويأكل طعامنا كي يصبح بيننا خبز وملح.. ولأننا ارتحنا لكم وأحببناكم سنتقاسم معكم طعامنا".. وهو فعلا ما لمسناه في كل غرفة كنا نطرق بابها إلا ويسارع أصحابها إلى توفير الكراسي وتقديم العصير والفواكه، ويستسمحوننا في أنهم لا يملكون أكثر من هذا لتقديمه. وما رسخ أكثر في ذاكرتنا وطبع في قلوبنا هو التذكار الذي قدمه لنا أحد الشباب السوريين كان محتفظا به في كيسه الصغير، حيث قال بالحرف الواحد "لن أجد أعز منكم لتقديمه له".. حينها عجزت ألستنا عن وصف شعورنا أمام كرم وعطاء وإنسانية لم يقتلها رصاص النظام ولا إرهاب "داعش".