السؤال الأول: كنت قريبا جدا من والدي قبل أن يموت رحمة الله عليه، وكنت قائما برعايته الطبية دون إخوتي، وكان من نتائج هذا أن أوصى لي بعقد رسمي موثق بشقة تقع في مكان جميل، وبعد أن توفي والدي، رحمة الله عليه، نازعني إخوتي في هذه الشقة وزعموا أنني أنا الذي أمليت على والدي فعل ذلك، فلما واجهتهم بالحقيقة قاطعوني جميعا، ونحن الآن نعيش صراعا مريرا في العائلة، فما الحل وأين وجه الصواب في هذه القضية، وبارك الله فيكم؟ في الموضوع أيها السائل الكريم مسألتان اثنتان: أولا: ما فعله الوالد، رحمه الله، من ترك وصية لأحد أبنائه مخالف لتعاليم الشريعة، وهي تعتبر هذه الوصية باطلة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: »إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث...« (رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسّنه) ولا تنفذ هذه الوصية شرعا إلا إذا أجاز جميع الوارثين ذلك ورضوا به طواعية به نفوسهم أو نزولا عند رغبة والدهم، وإن كان الحديث في ذلك واهيا إلا أنه قال به أكثر أهل العلم، والحديث هو ما رواه الدارقطني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: »لا تجوز الوصية لوارث إلا أن يشاء الورثة« أو بلفظ عنده »...إلا أن يجيز الورثة« قال العيني: »قال المنذري: إنما يبطل الوصية للوارث في قول أكثر أهل العلم من أجل حقوق سائر الورثة، فإن أجازوها جازت، كما إذا أجازوا الزيادة على الثلث (عمدة القارئ، لبدر الدين العيني). وعليه، فإذا أجازك جميع ورثة والدك، رحمه الله، في هذه الوصية فهي لك وإن منعوا فالشرع معهم وإن كان لديك وثيقة رسمية، وفي مثل هذا المعنى يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: »إنما أنا بشر، وإنكم تختصمون إليّ، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع، فمن قضيت له بحق أخيه شيئا فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من النار« (متفق عليه). وأنت إنما تملك حجة قانونية وهي مخالفة صريحة لنص الحديث، ومن ترك من الدنيا شيئا يخاف الله فيه فإن الله يعوضه خيرا من ذلك، فإن رددتها فهي لجميع الورثة بما فيهم أنت. ثانيا: لا يصح أن تكون الدنيا أيها السائل الكريم سببا لقطيعة الرحم، وما أصابكم من غضب الله من هذه القطيعة أعظم مما تجنونه من متاع الدنيا الزائل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: »الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله« (مسلم). السؤال الثاني: أخي متخلف عقليا رفض أن يصوم رغم أنه قادر على الصيام، حاولنا أن نرغمه لكنه رفض وأصر على الإفطار، وتارة يعزم على ذلك ويستيقظ معنا للسحور إلا أنه بمجرد أن يستيقظ بعد ذلك يبحث عن فطور الصباح ووالدتي تسأل وتقول: هل أكون آثمة إن أصرّ على الإفطار وأعطيته ما يريد لأنني لا أستطيع أن أمتنع؟ واضح أيها السائل الكريم من خلال سؤالك أن أخاك غير مكلف شرعا، لأن مناط التكليف العقل وهو فاقد له، وعليه دعوه وشأنه ولا تلزموه بأمر لا يفقه حقيقته وجوهره، فإن أراد أن يصوم فله ذلك، فإن امتنع فهو معذور مرفوع عنه القلم لقوله صلى الله عليه وسلم: »رُفِعَ القلمُ عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل« (أبو داود وأحمد والنسائي وغيرهم). ومعنى »رفع القلم« أي لا مؤاخذة لعدم التكليف، وهو غير مطالب بالفدية، لأن الفدية إنما هي على العاقل العاجز عن الصيام. * السؤال الثالث: مشكلة تتكرر دائما في بيتنا وهي أننا نسكن في مدينة بها خمسة (05) مساجد وقد يقع أحيانا أن يرتفع فيها الآذان في فترات متباعدة للصلاة الواحدة، ولم يطرح الإشكال في غير رمضان، أما في رمضان فإن المشكلة مطروحة في آذان الصبح وآذان المغرب وفي بيتنا يستمر بعضنا في الأكل إلى أن يؤذن مسجد حيّنا في الفجر، رغم أننا نسمع من بعيد آذانا يرتفع قبل ذلك بدقيقة أو دقيقتين وتصل أحيانا إلى أربع دقائق، ونفس الشيء مع آذان المغرب. بداية أقول إن الواجب أن تتحد رزنامة مواقيت الصلاة في المساجد، وهي لله الحمد متوفرة ومضبوطة، وعلى المؤذنين أن يلتزموا بها التزاما كاملا حتى لا يشوشوا على المواطنين عبادتهم، ثم إن العبرة ليست في أن يرتفع الآذان وإنما في دخول الوقت، ومعرفة دخول الوقت أمر متيسر على الناس كلهم، فالساعات موجودة في كل بيت، والمواقيت مذاعة في التلفاز وفي الإذاعة، وهي منتشرة على صفحات كل الجرائد، والعبرة بالتوقيت المعلن فيها لأنه توقيت رسمي، فإن خفي على الإنسان هذا فبالآذان الأول الذي يسمع ولو كان بعيدا وليس من الشرع انتظار آذان الحي، والله تعالى الموفق والهادي إلى الصواب.