بعد رفض المشرعين الأمريكيين لحزمة الإنقاذ للقطاع المالي المضطرب، أصبحت الولاياتالمتحدة على شفا أسوأ أزمة اقتصادية تواجهها منذ الأزمة التي شهدتها عام 1929 والمعروفة بأزمة الكساد العظيم، فأسواق الأسهم في حالة انهيار، والكونجرس يعاني من الفوضى، أما البيت الأبيض فيعاني من تخبط كبير. * وقال وارين بافيت الملياردير والمستثمر الأمريكي الشهير الأسبوع الماضي: "إذا لم يساعدنا الكونجرس في هذه الأزمة، فليس لنا سوى السماء". * وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" ذات التوجهات المحافظة، فإن القوة العظمى في العالم، بدت قبل خمسة أسابيع فحسب من إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في الولاياتالمتحدة، مندفعة بقوة صوب ركود محتوم. * ومن الواضح أن قادة الكونجرس أساؤوا تقدير حجم التأييد المتوافر لصفقة الإنقاذ، والذي انخفض من 228 صوتا إلى 205 فقط خلال التصويت على هذه الخطة الطارئة التي اقترحتها إدارة بوش وتقدر بنحو 700 مليار دولار. * وتوارى الساسة في واشنطن خلف جبل من الاتهامات المتبادلة، غير أنهم شعروا جميعا في اليوم التالي للتصويت بالرفض على الخطة بأنهم خاسرون. فبوش ووزير خزانته هنري بولسون لم يستطيعا إقناع مجلس النواب بالموافقة على الخطة رغم كل الإيماءات والكلمات والمناشدات. * ووفق بعض التقارير الإعلامية فإن بولسون بدا الأسبوع الماضي وكأنه ينحني أمام رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، وهي من الديمقراطيين، راجيًا ألا تعترض طريق الاتفاق المبدئي الهش على الخطة. * وفي الوقت نفسه تملق بوش الكونجرس والرأي العام الأمريكي وتوسل إليهما على مدار سبعة أيام متتالية، مرددًا ما بدا وأنه أسطوانة مشروخة، بهدف ضمان الحصول على تأييد للخطة. وقال بوش أمس الثلاثاء: "الحقيقة هي إننا في موقف صعب، والعواقب ستزداد بصورة أسوأ يوما بعد يوم إذا لم نجد حلا". * وذهل قادة الكونجرس من الديمقراطيين والجمهوريين من نتيجة عملية التصويت بعدما وحد غلاة الليبراليين والمحافظين صفوفهم خلالها سواء بسواء للإجهاز على الخطة، فالمحافظون، وبإيمان أعمى في قدرة السوق على تصحيح نفسها، شعروا بالخوف من أن الناخبين قد يعاقبونهم خلال الانتخابات القادمة إذا ما وافقوا على الخطة التي لا تحظى بالشعبية والتي تستهدف إنقاذ وول ستريت من خلال أموال دافعي الضرائب. * كما انزعج الجمهوريون بدرجة كبيرة من التصريحات شديدة اللهجة التي أدلت بها بيلوسي قبيل التصويت، والتي أنحت باللائمة خلالها في حدوث الأزمة على "الميزانية المتهورة" لإدارة بوش وافتقار بورصة وول ستريت للتنظيم والإشراف الكافيين. * أما الديمقراطيون الذين يقف بعضهم في أقصى اليسار فشعروا أن الخطة لم تقدم ما يكفي من العون لمساعدة أصحاب المنازل الذين يناضلون من أجل الإبقاء على سقف يظللهم ، وذلك في ظل الأزمة الحالية في السوق العقارية.