قُتل 28 شخصاً وأصيب العشرات في العاصمة التركية أنقرة، مساء الأربعاء، في انفجار سيارة ملغومة لدى مرور حافلات عسكرية قرب مقر القوات المسلحة والبرلمان ومبان حكومية. وشجب الجيش التركي ما وصفه بالهجوم الإرهابي على الحافلات العسكرية التي كانت متوقفة عند إشارة مرور في المركز الإداري للعاصمة. والهجوم هو الأحدث في سلسلة تفجيرات منذ العام الماضي أُلقيت بالمسؤولية فيها على تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، ووقع بينما تدخل تركيا أكثر في الحرب الدائرة بسوريا المجاورة وتسعى لاحتواء العنف الدائر منذ عقود في جنوبها الشرقي الذي يهيمن على سكانه الأكراد. وقال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن تصميم تركيا على التصدي لمن يقفون وراء تلك الهجمات يتزايد وإنها لن تتردد عن ممارسة حقها في الدفاع عن النفس. وأضاف في بيان مكتوب: "سنستمر في قتال البيادق الذين يشنون مثل هذه الهجمات ولا يعرفون حدوداً إنسانية أو أخلاقية والقوى التي تقف وراءهم بتصميم يتزايد كل يوم". وقال نعمان كورتولموش نائب رئيس الوزراء والمتحدث باسم الحكومة التركية، إن 28 شخصاً قتلوا وأصيب 61 آخرون نتيجة الانفجار، الذي وقع بالقرب من تقاطع مزدحم على بعد أقل من 500 متر من مبنى البرلمان أثناء الذروة المسائية. ووصف وزير العدل بكير بوزداج الهجوم بأنه عمل إرهابي. وقال للبرلمان الذي كانت جلسته منعقدة وقت الانفجار، إن السيارة انفجرت في جزء من الشارع اصطفت على جانبيه السيارات العسكرية. وقال مسؤول في مكتب رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو، إنه ألغى زيارة كانت مقررة في وقت لاحق الأربعاء، إلى بروكسل. كما قام الرئيس أردوغان بتأجيل زيارته المرتقبة إلى أذربيجان. ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الحادث على الفور. وقال مسؤول أمني تركي رفيع المستوى، إن المؤشرات الأولية تؤكد مسؤولية حزب العمال الكردستاني عن الانفجار. لكن مصادر أمنية منفصلة في جنوب شرق تركيا ذو الأغلبية الكردية قالوا إنهم يعتقدون أن متشددي "داعش" هم المسؤولين عن الانفجار. وقال شاهد من وكالة رويترز للأنباء: "سمعت صوت انفجار ضخم. كان هناك دخان ورائحة قوية برغم أننا كنا على مسافة عدة مبان سكنية. وعلى الفور سمعنا صوت صافرات سيارات الإسعاف والشرطة التي هرعت للمكان".
وقت الذروة قال مسؤول في وزارة الصحة، إن السلطات تحاول تحديد عدد القتلى والمصابين الذين نقلوا إلى مستشفيات عديدة في المنطقة. وأظهرت صور منشورة على مواقع تواصل اجتماعي الحطام المحترق لحافلتين على الأقل وسيارة. وتسبب الانفجار الذي وقع بعد الساعة 06:30 مساء (16:30 بتوقيت غرينتش) في سحابة كثيفة من الدخان فوق وسط أنقرة. وأدان البيت الأبيض، التفجير، وقال نيد برايس المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض: "نقف سوياً مع تركيا - وهي حليف في حلف شمال الأطلسي وشريك قوي وعضو مهم في الائتلاف المناهض لتنظيم الدولة الإسلامية - في مواجهة هذا الهجوم". بدوره، أدان ينس ستولتنبرغ الأمين العام لحلف شمال الأطلسي الهجوم وقال "الأعضاء في حلف شمال الأطلسي يقفون جنباً إلى جنب في المعركة ضد الإرهاب". وتواجه تركيا تهديدات أمنية متعددة. وهي جزء من تحالف تقوده الولاياتالمتحدة لمحاربة تنظيم "داعش" في سوريا والعراق المجاورتين. وقصفت مقاتلي الميليشيات الكردية في شمال سوريا على مدار الأيام القليلة الماضية. كما تحارب المقاتلين المنتمين لحزب العمال الكردستاني في جنوب شرق البلاد، بعد انهيار وقف إطلاق النار الذي استمر عامين ونصف في جويلية الماضي، مما أدخل المنطقة في أسوأ موجة عنف تشهدها منذ التسعينيات. واستهدف حزب العمال الكردستاني - الذي يكافح منذ أكثر من ثلاثة عقود لإقامة حكم ذاتي للأكراد - مراراً أهدافاً عسكرية فيما سبق، على الرغم من أن عملياته تركز بدرجة كبيرة على جنوب شرق تركيا ذي الأغلبية الكردية. جاء التفجير عقب هجوم في أكتوبر ألقي باللوم فيه على تنظيم "داعش"، عندما هاجم انتحاريان تجمعاً لنشطاء مؤيدين للأكراد ونشطاء عماليين خارج محطة القطارات الرئيسية في العاصمة، مما أدى إلى مقتل أكثر من 100 شخص. كما قتل 10 سائحين ألمان في هجوم انتحاري في القلب التاريخي لإسطنبول في جانفي، ألقي بمسؤوليته على "داعش" أيضاً.