عاش سكان دائرة قديل - 20 كلم عن وهران - ليلة سوداء عقب اندلاع أعمال شغب تواصلت إلى غاية ساعة متأخرة من الليل، وأسفرت عن تخريب عديد من السيارات والمقرات الإدارية، أبطالها حشود غفيرة من الشباب، ثارت ثائرتهم بسبب ما وصفوه بالتهميش والحفرة، بالإضافة إلى انعدام فرص العمل التي أدت بكثير من أقرانهم إلى ركوب الأمواج لبلوغ الضفة الأخرى، انتهت بغالبيتهم إلى جثث هامدة في عرض البحر. لم تفلح مصالح الشرطة والدرك بقديل، في تفريق الشباب الناقمين على السلطات المحلية، ما استدعى طلب تعزيزات أمنية من وهران، أرزيو ومستغانم، حيث تدخلت قوات مكافحة الشغب لتفريق المتظاهرين، انتهت بعشرات الجرحى والموقوفين من بينهم قصّر. كما أوردت مصادرنا، أن رئيس أمن الدائرة تعرض إلى إصابة خفيفة أثناء المواجهات مع الجموع الغاضبة من الشباب البطال، الذين اختاروا شارع "حمو بوتليليس" الكائن وسط المدينة الذي يتواجد به أهم المقرات الإدارية لإبلاغ صوتهم لرئيسي البلدية والدائرة، اللذين صب المتظاهرون جام غضبهم عليهما، حيث اقتحموا في حوالي الساعة السادسة من مساء أول أمس، مركز البريد عن طريق تحطيم الأبواب والنوافذ، وقاموا بإضرام النيران في مكاتبه التي تحولت إلى دخان ورماد جراء ألسنة اللهب التي أتت على جميع الوثائق والتجهيزات. كما وجد البعض الفرصة سانحة للسطو على أجهزة الإعلام الآلي، مع العلم أن مدير مكتب البريد المخرّب صرّح للشروق اليومي بأن الأموال لم تتعرض للسرقة. الحشود الغفيرة من الشباب الذين كانت تنبعث من أفواههم حمم الغضب نقلوا احتجاجهم إلى المؤسسة العقابية المحاذية لمركز البريد، حيث راحوا يقذفونها بالحجارة، كما قاموا أيضا بحرق السيارات التي كانت بجانبها واقتلاع مخادع الهاتف، مقر المحكمة هو الآخر لم يسلم من أعمال التخريب والحرق، سيما قاعة الجلسات وبعض المكاتب في الطابق الأرضي التي طالتها ألسنة اللهب، الأمر الذي استدعى نقل جلسات المحاكمة المبرمجة أمس، إلى المركز الثقافي الكائن بوسط المدينة. أما مسلسل الحرق، فاختتم بمقر وكالة الضمان الاجتماعي، مع العلم أن بعض الشباب قاموا أيضا، بغلق الطريق الوطني رقم 11 الرابط بين وهران ومستغانم، بواسطة العجلات المطاطية والحجارة، محلات الرئيس هي الأخرى، أشعلت نار الفتنة بين أوساط الشباب البطال الذين أقدموا على تخريب 17 منها، متواجدة بمحاذاة سوق الخضر بالمدينة، احتجاجا على الطريقة "المشبوهة" التي طبعت توزيعها، محملين مسؤولية ما حدث إلى رئيسي البلدية والدائرة اللذين اتصلت بهما الشروق صباحا لمعرفة رأيهما بخصوص هذه الإتهامات، لكن لم تجدهما في مقري عملهما، "...لا نريد منهم شيئا فقط أن يتركونا بسلام..." هي صرخة أحد الشباب البطالين الذي يحوز شهادة جامعية لم تشفع له في الظفر حتى بمحل تجاري، فاضطر إلى بيع الخضر على طاولة بالسوق المذكور. ويشار إلى أن التعزيزات الأمنية لاتزال تتدفق على مدينة قديل خوفا من حدوث أعمال شغب أخرى.