الفقر يغير موقعه سيغيّر الفقر موقعه من دول الجنوب المتخلف إلى دول الشمال المتقدم بفعل الأزمة المالية الحالية، وسيجبر الدول الغنية على تحويل إعاناتها المالية من الخارج إلى الشؤون المحلية للقضاء على بوادر الفقر التي تترصّدها. * أجمع المشاركون في ندوة تحت عنوان "منبر الفقر"، الخميس، بمركز الأعمال ببرج الكيفان بالعاصمة، على أن الدول الغنية في العالم ستعرف انتشارا واسعا لظاهرة الفقر بسبب مخلفات الأزمة المالية على اقتصادها. * وأكد الدكتور والمختص في علم الاقتصاد، بشير مصيطفى، أن الفقر يغير موقعه وينتقل من الدول الفقيرة إلى الدول الغنية، وهذا ما أثبته سلوك المستهلكين في الولاياتالمتحدةالأمريكية وبريطانيا، التي باتت تتجه نحو الفقر، حيث استغنوا عن استخدام الأشياء باهظة الثمن إلى المعقولة السعر، وصاروا يكتفون بالضروريات متخلين عن الكماليات التي طالما كانت لها مكانة خاصة في حياتهم اليومية. * وذكر أيضا، أن من علامات اتجاه الفقر إليهم فرحهم الكبير بانخفاض سعر البترول في الأسواق العالمية مما يعني انخفاض أسعار مختلف المواد ونزولها إلى القدرة الشرائية للجميع وكان هذا الشعور حكرا فقط على الشعوب الفقيرة والطبقات المعوزة التي يهمّها أن تنزل أسعار المواد إلى قدرتها الشرائية المحدود. * كما سار الأغنياء في هذه الدول إلى التخلي عن شراء السيارات الفخمة التي تتطلب مصاريف كثيرة، مكتفين بالسيارات البسيطة التي تحقق غابة التنقل دون النظر إلى المظاهر والبهارج التابعة لها. * وانتشر الشعور بتوسع طبقة الفقراء وشريحة المحتاجين في الدول الغنية ليس فقط بسبب الأزمة المالية بل أيضا لأن أغلب المؤسسات الاقتصادية بدأت في تسريح عمالها، أين شرعت شركة »طويوطا« في غلق الحقول البحرية وهي الرائدة في الاستكشافات البترولية عبر العالم. وهناك أيضا شعور بوجود بطالة وزائدة مشفوعة بشبح اختفاء السيولة من كل الأسواق قضت عليه أزمة القرن في أمريكا وكامل الدول المتقدمة، وبالتالي فإن متطلبات اللباس، المواد الغذائية والعيش بصفة عامة ستتجه نحو الاستهلاك المتقشف. * وتفرض هذه الأزمة حسب الدكتور مصيطفى أن توجه الدول المتقدمة إعاناتها الممنوحة للدول الفقيرة إلى شؤونها الداخلية، حيث قدرت الأموال الموجهة حاليا إلى الدول المتقدمة ب13 ألف مليار دولار لإنقاذ اقتصادها من الانهيار. * وعليه، يجب أن تنسى الدول الفقيرة بالمفهوم التقليدي الإعانات المالية التي كانت تمنح لها من هذه الدول، لأنه من الآن فصاعدا ستكون أولويتها الأولى شعوب الدول الغنية فقط، لأن المطلوب من هذه الدول أن تنصف في استغلال الثروة ليكون التبادل متكافئا بين الشمال والجنوب. * وأوضح رئيس جمعية الإرشاد والإصلاح، عيسى بلّخضر، أن 50 ألف شخص أغلبهم من الأطفال يموتون بسبب الفقر الشديد وتتوسع الفجوة بين الأغنياء والفقراء في العالم، في حين تمتلك البشرية الموارد لتغيير ذلك، لذلك حان الوقت ليذوق العالم المتقدم بعض مرارة الفقر وتداعياته من أمراض وبؤس وشقاء. * من جهته المختص في الاقتصاد، الأستاذ عبد الوهاب بوكروح، أشار إلى أن سبب هذه الأزمة هو قرار الرئيس الأمريكي جورج بوش سنة 2001 القاضي بإلزام الأمريكيين بامتلاك منازلهم وضيّع ذلك العديد من الوظائف في أمريكا. * وذكر أن الحل الآن بيد بلدان الجنوب التي تمتلك الثروة وبها الكثير من المدن العذراء التي تنتظر فرص التصنيع ومناطق خلق الثروة.