توقّع الباحث والخبير الاقتصادي بشير مصيطفى أن تقلب الأزمة المالية العالمية الراهنة الموازين الحالية، حيث سيغيّر الفقر في السنوات المقبلة موقعه، وينتقل من الدول الفقيرة إلى الدول الغنية، بسبب الغلاء الذي تشهده هذه الدول مما أضعف القدرة الشرائية للمواطنين، وبالتالي الالتحاق بالطبقة الفقيرة، مشيرا إلى أنه من الممكن تفادي هذا الانقلاب إذا وجد نوع من التحرك على مستوى هذه الدول للاستقلال من النظام الرأسمالي والتحول النسبي إلى الاشتراكي. وخلال ندوة نظمت أول أمس من طرف جمعية الإرشاد والإصلاح بالجزائر تحت عنوان ''الأزمة المالية وتداعياتها على الدول الفقيرة''، أوضح مصطفى الأستاذ بجامعة الجزائر أن المواطنين بالدول الغنية تغيرت أساليب استهلاكهم بسبب الأزمة الراهنة، وأصبحوا لا يتعاملون بالجودة، كما عبروا في عدة مناسبات عن فرحتهم بانخفاض أسعار البنزين، وتابع الخبير شرح أسباب توقعاته بالتسريح المتواصل للعمال من المؤسسات الرأسمالية، مما سيولد بطالة زائدة مشحونة بشح الإقراض من البنوك، وتفضيل المواطن الإبقاء على الأموال عوض الإنفاق والإسراف في الاستهلاك. من جهة أخرى، أكد المحلل الاقتصادي أن الأزمة المالية الراهنة قديمة والتجليات جديدة، مبينا أن الأزمة لم تبدأ مع أزمة الرهن العقاري في أمريكا وإنما انطلقت مع ظهور المدرسة التقليدية في القرن ال 17 لأدام سميث الذي حوّل بفكره الاقتصاد الحقيقي إلى اقتصاد نقدوي، ونتجت عنها وعود بإرجاع القروض بطلها الأسر الأمريكية والبنوك التي حولت النقود إلى أوراق مالية استثمرتها في البوصات، ما أدى إلى تشكيل كتلة نقدية غير حقيقية تنتج فوائد، حددت هذه الأخيرة في بداية الرهن ب 1 بالمئة لتصل إلى 5 بالمئة مع تطوره وتوسع الاقتراض لقاء وعود ممن يتلقون النقود لأشخاص لا يملكون الضمانات، مما أدى إلى اختفاء النقود من الساحة وبالتالي نقص للسيولة. وفيما يتعلق بتداعيات الأزمة على الدول الفقرية، أكد المتحدث أن هذه الأخيرة ستتأثر جراء تقليل الدول الغنية من مخصصات العون الخارجي والمنح وستوجهها للإعانات الداخلية لمساعدة بنوكها، كما أن الخطر محدق بالدول الفقيرة التي تعتمد على البترول في مداخيلها بنسبة تفوق 40 بالمئة، لأن الدولار سيضعف أكثر أمام العملات الأخرى وبرميل النفط سيواصل التوجه إلى حوالي 40 دولار. وتابع بشير مصيطفى شرحه بالقول إن الأزمة ليست أزمة سيولة وإنما يرجع إلى العمل بالنظام الرأسمالي السيولي، والحلان المتبعان حاليا من قبل البنوك المركزية بضخ سيولة مالية في الأسواق وخفض معدلات الفائدة غير سليمين، وهي بصدد تكرار نفس الخطأ الذي سيؤدي إلى تأجيل الأزمة، مبرزا أن الحل يكمن في إعادة رسملة البنوك بتوسيع مكاسبه وقاعدته وحماية الودائع.