ما زالت قضية إقالة الدكتور أمين الزاوي من المكتبة الوطنية، تثير الكثير من ردود الفعل العربية في أوساط المثقفين والإعلاميين، حيث تناولت صحيفة الأخبار اللبنانية أمس هذه القضية على أنها "تراجع في حرية التعبير وتضييق على الحريات في الجزائر. * وكتب بيار أبي صعب في صحيفة الأخبار مقالا طويلا تحت عنوان "تحولات مناضلة جزائرية" تطرق عبره إلى التحول الجذري في مواقف وزيرة الثقافة خليدة تومي، التي عرفت بنضالها إلى جانب حرية التعبير والفكر والرأي، لتفاجئ الساحة باعترافها أنها كانت وراء توقيف كتاب محمد بن شيكو وإقدامها على رفع تقرير ضد مدير المكتبة "تتبرأ فيه من الانزلاقات الفكرية التي حدثت في المكتبة الوطنية بعد استقدام أدونيس إلى الجزائر". * في الجريدة نفسها، كتب كل من عدلان مدني وجيلالي نجاري، مقالات عادوا من خلالها إلى أبعاد القضية وتداعياتها على الساحة الثقافية خاصة وأنها جاءت عشية انطلاق معرض الجزائر الدولي للكتاب. وقال نجاري، إنه مستعد لمعاودة الكرة في استضافة أدونيس الذي لم يعبر إلا عن رأي يشاطره فيه الكثير من رجال الثقافة. وما تزال تلك الآراء محل نقاش واختلاف فكري وسط المثقفين والمفكرين، مؤكدا أن "الإقالة التي جاءت في وقت غير مناسب تماما، من شأنها أن تسيء إلى سمعة الجزائر دوليا وعربيا بوصفها دولة تحاول النهوض من أزماتها المتعددة". * وغير بعيد عن الرأي الأول وقف الشاعر والكاتب العماني سيف الرجبي، في موقع "كيكا" في مقال مطول إلى جانب الزاوي، وقال إن الإقالة خسارة للمكتبة والثقافة الجزائرية، حيث قال إن معرفته بالزاوي التي تعود إلى أيام الدراسة في دمشق وعهد هواري بومدين يوم كان الرحبي يزور الجزائر ويكتشف فيها ذلك البلد الساعي إلى النهوض من عزلته. وعاد الرحبي إلى زيارته الأخيرة للجزائر للمشاركة في ليالي الشعر العربي في المكتبة الوطنية التي وصفها بأنها "المنارة التي كان يديرها الزاوي المدير برتبة وزير في بلد يحاول تخطي تركة العنف الثقيلة، عنف الأبناء والأخوة والأقارب، حيث تحاول الثقافة الجزائرية الغنية بمشاربها ولغاتها واختلافاتها، لملمة أشلائها المبعثرة، نحو أفق آخر. المكتبة الوطنيّة طليعة هذا المسعى وروحه المتدفقة بالعطاء والتعدد والانفتاح". و يتساءل الرحبي قائلا "لصالح من وأد هذه الإضاءات الطليعيّة في هذا الزمن الصعب؟!". كما بعث الدكتور حسن حنفي رسالة تضامن إلى المدير السابق للمكتبة الوطنية جاء فيها "إن المكتبة الوطنية تحولت في عهدكم إلى منارة ومنبر لسماع وقبول الرأي الآخر دون تخوين أو تكفير" معبرا عن عميق حزنه وأسفه للخبر، وأضاف "إن ذكراك ستظل دائما عطرة بما فيها من الأثر الطيب". * وفي اتجاه مماثل جاءت كتابات بول شاوول في جريدة "النهار" البيروتية، كما عبرت الكاتبة المغتربة فضيلة الفاروق عن مساندتها للدكتور المخلوع بالنظر إلى ظروف الإقالة، كما تحدث البعض عن بيان عربي تقوده مجموعة من الشخصيات الثقافة والإعلامية، مماثل للبيان الذي صدر في الجزائر الأسبوع الماضي ووقعته 46 شخصية ثقافية وإعلامية. من جهة أخرى يتحدث الشارع الثقافي في الجزائر عن بيان مضاد يقوده بعض الكتاب والإعلاميين للتقليل من حجم الردود الصاخبة التي أحدثتها إقالة الزاوي، الذي يتفق الجميع على أنه كان مديرا نشيطا وصاحب فكر مؤمن بالاختلاف والحوار، وأن المشكلة لا تكمن في الإقالة بقدر ما تكمن في أسلوب وأسباب وخلفيات و توقيت الإقالة.