أكدت مصادر مؤكدة ل "الشروق اليومي" على صلة بالملف الأمني، أن تراجع النشاط الإرهابي للجماعة السلفية للدعوة والقتال تحت إمرة عبد المالك درودكال في الأسابيع الأخيرة يعود إلى انشغال قيادة درودكال بالتغييرات التي يكون قد قام بها مؤخرا، وشملت أهم السرايا والكتائب وامتدت هذه المرة الى الهيئة الشرعية والقضائية. * إعادة "ترتيب" الجماعة السلفية خضع للخسائر والفتاوى و"فدية" النمسا * كما تربط مصادرنا هذه التغييرات بالخسائر التي واجهها التنظيم على خلفية الضربات المتتالية لقوات الجيش وتسليم عديد من أتباعه أنفسهم وتفكيك أهم خلايا الدعم والإسناد، إضافة الى "الفدية" التي تحصلت عليها الجماعة السلفية للدعوة والقتال مقابل الإفراج عن السائحين النمساويين بعد مفاوضات حقيقية منتصف شهر رمضان الماضي. * قالت مصادر تتابع الملف الأمني، إن تراجع الاعتداءات الإرهابية من اغتيالات وتفجيرات وعمليات اختطاف بشكل لافت في الأسابيع الأخيرة، خاصة في المعاقل الرئيسية للتنظيم التي عرفت خلال هذه الفترة هدوءا مقلقا، يعود الى انشغال الأمير الوطني للتنظيم الإرهابي ب "ترتيب" البيت، وقيامه بحملة تغييرات شملت عديدا من هياكل الجماعة الإرهابية. * ويكون درودكال، استنادا الى تصريحات تائبين وإرهابيين موقوفين، قد قام بتغييرات على مستوى قيادات الكتائب والسرايا على خلفية الضربات المتتالية لقوات الجيش التي أسفرت عن القضاء على أهم أمراء هذه السرايا والكتائب أهمها "الأنصار"، "الفرقان"، "النور" بالمنطقة الثانية في محاولة لتفعيل النشاط الإرهابي بالمعاقل الرئيسية، وقالت مصادرنا استنادا الى هؤلاء، إن درودكال يكون قد حدد لهؤلاء "خطة طريق " المرحلة المقبلة، خاصة بعد تجديد رئيس الجمهورية رسميا في خطاب للأمة تمسكه بمسعى المصالحة الوطنية باتخاذ إجراءات تكميلية قد تشجع عديدا من المسلحين على النزول، حيث علم في هذا السياق أن قيادة درودكال قامت مجددا بتحويل العناصر المشتبه في ترددها الى مناطق بعيدة عن أحيائها الأصلية التي ينحدرون منها لإحباط أي محاولة لفرارهم والاتصال بأهاليهم، حيث تم تبني خريطة انتشار جديدة استنادا الى التقسيم الجديد بعد تقليص عدد مناطق النشاط من تسع الى أربع مناطق "جهوية"، وهو ما سبق أن أشارت إليه "الشروق اليومي" في عدد سابق، ويكون درودكال، حسب المعلومات المتوفرة، قد حث أمراءه على تعديل استراتيجيتهم وتغييرها دوريا وتحديد المخططات واللقاءات مع التحلي بالحذر وعدم الوثوق في الجميع بعد أن نقل لأتباعه وجود "اختراق" للتنظيم في محاولة لتبرير نجاح العمل الإستخباراتي الذي تقوم به مصالح مكافحة الإرهاب وأثمر في تفكيك نواته. * الى ذلك، تم أيضا إجراء تغييرات على مستوى الهيئة الشرعية والقضائية للتنظيم دون تفاصيل عن "الضابط الشرعي" الجديد للتنظيم، لكن درودكال يكون أيضا قد اعتمد هذا التغيير لوضع حد لموجة التململ الداخلية على خلفية الاعتداءات الانتحارية في ظل مطالبة عديد من أتباعه بتبريرات شرعية وعجزت الهيئة الشرعية عن تقديم أدلة مقنعة. * مصادرنا لم تكشف عن هوية القياديين الجدد في "حركة التغييرات" التي تكون شملت أيضا ما يسمى ب"الهيئة العسكرية" التي تضم مستشارين عسكريين، لكن متتبعين للشأن الأمني لا يستبعدون تعيين المعارضين لأي مسعى للمصالحة والسلم لضمان استمرار نشاط التنظيم وتحسبا لاعتداءات إرهابية مخطط لها مستقبلا للعودة للواجهة، وقد يكون هؤلاء أيضا من بقايا عناصر "الجيا"، كما يكون قد تم تعيين مسول جديد للمالية خلفا للمدعو عبد الحميد سعداوي (يحيى أبو الهيثم) أمير كتيبة الأنصار سابقا ومسؤول المالية والعلاقات الخارجية في التنظيم الإرهابي الذي تم القضاء عنه في حاجز أمني تابع للدرك بتيزي وزو، ويكون ذلك قد تم على خلفية "الفدية" التي تحصل عليها التنظيم الإرهابي مقابل الإفراج عن الرهينتين النمساويين وقدرتها مصادر على صلة بالملف ب2 مليون أورو بعد التوصل لإتفاق مع السلطات المالية بالإفراج عن الإرهابيين الموريتانيين المعتقلين نهاية شهر أوت الماضي، وتسديد نصف الفدية التي سيستغلها التنظيم الإرهابي في تغطية العجز المادي وشراء المؤونة والسلاح وتمويل خلايا التجنيد. * مصادر تتابع مسار الجماعة السلفية للدعوة والقتال، ترى أن درودكال يكون من خلال هذه التغييرات قد سعى أيضا لضمان بقائه أميرا للتنظيم، خاصة وأن إمرته عرفت عديدا من الانحرافات وكذلك الخسائر والإخفاقات بعد أن وقع عودة "الجيا" الى النشاط تحت غطاء الجماعة السلفية.