يعد القصر العتيق بالمقاطعة الإدارية المنيعة بولاية غرداية، شاهدا من خلال بناياته الرائعة المشيدة بالرمل الجاف على حضارة غنية بالتقاليد الأصيلة. وقد عرف مسارا من تدهور جد متقدم، شوه منظره المعماري، ما ألحق ضررا بقيمته التاريخية وجماليته. ومن أجل إنقاذ هذا التراث من البناء المعماري التقليدي وفن البناء حسب التقنيات المعمارية القديمة، فقد أدرجت دراسة ترميم وتدعيم قصر الأميرة مباركة بنت الخص، ومسجد بمساحة 100 متر مربع، انهار منذ عدة سنوات، والحصون وبعض السكنات، والمسلك المؤدي إلى القصر، وكذا برج المراقبة به. وشيّد قصر المنيعة العريق فوق قمم شاهقة قاحلة ولكنها مطلة على نقطة التماس بين العرق الكبير الشرقي والعرق الكبير الغربي. ويظل واحدا من القلاع الثرية، سواء من حيث تاريخه وتقاليده أم من حيث منظره المطل على المنظر الطبيعي المحيط به، ويعطي ذات القصر العتيق الذي شيد في القرن الرابع المجاور لواحة المنيعة غير بعيد من محيط الطريق الوطني 01 من خلال حصونه نظرة شاملة فريدة من نوعها. المعلم العريق الذي تحوّل إلى موقع ثقافي وسياحي للمنطقة، وبما يتميز به من هندسة معمارية، وبيوته الصغيرة التقليدية المشيدة فوق هضبة صخرية، يشكل عامل جذب للسياح والزوار الآخرين للمنطقة، كما يعد نمطا حضريا يشهد ومنذ قرون عديدة يروي أسرار حضارة مدنية، من خلال بيوته المستقيمة التي تتميز بنمط معماري بسيط مليء بالكوات والأدراج، وفتحات صغيرة للإضاءة والتهوية. أما البيوت، فقد شيدت بشكل دائري حول المسجد الذي يعد نقطة مركزية ذات دلالة اجتماعية، إلى جانب بئر جماعية ومواقع لتخزين المؤن الغذائية التي حفرت بصخور ذات طبيعة كلسية، تشكل محل اهتمام عديد السياح. وعليه، سيتم إطلاق أشغال إعادة الاعتبار وتدعيم وحماية القصر العتيق بالمنيعة، المصنف تراثا وطنيا في 1995، حسب مصدر من مديرية الثقافة بالولاية. تأتي هذه الأشغال بعد مداولة للمجلس الشعبي الولائي، وإتمام الدراسات التقنية الخاصة بالمحافظة على القصر العتيق بالمنيعة، التي تهدف إلى تدارك حالة تداعي المباني، ما خلف وضعية جد متدهورة لهذا الفضاء المعماري العريق، مثلما أوضح مدير القطاع، إبراهيم بابا عدون. وسيسمح ترميم وإعادة إحياء هذا التراث المعماري الثقافي والتاريخي بإدماجه في الحركية التنموية التي تعرفها منطقة المنيعة وترقية قدراتها المادية واللامادية وتشجيع الاستثمار السياحي المنشئ للثروة والشغل للشباب بهذه الولاية المنتدبة. ويندرج تجسيد عملية إعادة الاعتبار للقصر العتيق بالمنيعة في إطار استراتيجية تثمين هذا الفضاء التراثي الأصيل بهدف تحقيق إقلاع حقيقي لحركية التنمية المحلية، يرتكز على ترقية قطاعي السياحة والصناعة التقليدية.