تعد بلدية البواعيش بدائرة الشهبونية الواقعة أقصى جنوب ولاية المدية إحدى أكبر البلديات تضررا من حيث الجانب التنموي وأفقر بلدية على مستوى الوطن حسب التقرير الاقتصادي في ظلّ عدم وجود مداخيل من شأنها إنعاش مدخول ميزانية البلدية، فالمشاريع التنموية غائبة بصفة شبه كلية على غرار شبكة الطرقات وغاز المدينة ومياه الشرب وخاصة الصحة الغائب الأبرز بالمنطقة. يشتكي سكان بلدية البواعيش مركز من مشكل انعدام العقود لسكناتهم، هذه الأخيرة حسب قول المشتكين "للشروق" لا يمكن بأي حال من الأحوال بيعها أو التعامل معها إداريا في ظل الوضع الراهن .
العقود منعدمة والسكنات الاجتماعية والريفية مطلب ملح زادت أزمة السكن الخانقة الوضع تعقيدا علما وأن المصالح المحلية اكتفت في هذا الصدد بتوزيع نحو300 سكن ريفي و30 سكنا اجتماعيا فقط منذ نحو6 أشهر خلت، هذه الأخيرة التي أثارت موجة استياء وغضب المواطنين نظرا لعدم مراعاة مصداقية التوزيع، وإلى غاية دراسة الطعون أضحى الإعلان عن القائمة الإسمية للسكنات معلقا لحد كتابة هذه الأسطر، يحدث هذا في الوقت الذي ارتفع فيه عدد الملفات المودعة لدى المصالح المحلية ل800 طلب على السكن الريفي ونحو ألف أخرى على السكنات الاجتماعية، ما دفع السكان لمطالبة والي المدية بالتدخل لبرمجة مشاريع سكنية وتزويد السكان بحصص إضافية من السكنات الريفية لحلحلة الوضع.
الطرقات ومياه الشرب والكهرباء وغاز المدينة هواجس مؤرقة تعاني عديد الأحياء المتواجدة ببلدية البواعيش مركز كحي171 مسكن و191 سكن من مشكل الطرقات الداخلية التي تسبب اهتراؤها الشديد في مشكلة تنموية قال عنها السكان إنها تفرض عليهم عزلة حقيقية خلال موسم الشتاء، كما تشهد غالبية المناطق الريفية المتواجدة عبر إقليم البواعيش حالة أقل ما يقال عنها إنها كارثية بدءا من فرقة الدرج وعين غراب وفيض السلطان والعلالشة وأولاد موسى وغيرها خاصة في الأيام الماطرة ما يجعل تنقل المواطنين لقضاء حوائجهم أو حتى تلاميذ المدارس نحو قاعات الدراسة أمرا شبه مستحيل، وفي ذات السياق طالب سكان منطقة بلبالة السلطات الولائية بفتح تحقيق في مشروع إنجاز الطريق البلدي التابع لمصلحة الأشغال العمومية الرابط بين حاسي فدول وبلبالة عبر الطريق الوطني رقم40 على مسافة4 كلم حيث ورغم الانتهاء من إنجازه منذ فترة قصيرة لا تتعدى3 أشهر إلا أن رداءة إنجازه تسببت في ظهور الحفر والمطبات والاهتراء وعاد في فترة وجيزة لسابق عهده يضيف المشتكون، ما يطرح عديد التساؤلات في كيفية وطريقة إنجاز هذا المشروع الذي لم يعرف متابعة صحيحة من طرف القائمين عليه. وأشار هؤلاء إلى أن أزمة مياه الشرب التي تعرفها المنطقة منذ زمن زادت من حجم المعاناة فما عدا فرقة البلبالة التي حققت اكتفاء ذاتيا في التزوّد بمياه الشرب تبقى المناطق الريفية الأخرى تعاني أزمة عطش حادة خاصة في هذا الموسم من الحر ومع اقتراب شهر رمضان، حيث يتضاعف الطلب على الماء الشروب، وكحل حتمي مؤقت يضطر السكان لكراء صهاريج المياه بأثمان باهظة لهم ولمواشيهم قد تصل في بعض الأحيان إلى 2000 دينار جزائري للصهريج الواحد، كما اشتكى في ذات السياق سكان المناطق الريفية المجاورة من انعدام غاز المدينة ما يضطرهم لاقتناء قارورات غاز البوتان ومضقة التنقل إلى عدة مناطق لجلبها. وفي سياق آخر أكد بعض سكان المناطق الريفية أن انعدام الكهرباء الريفية ضاعف من حجم المعاناة، فالاعتماد على الإنارة التقليدية كالشموع أو الطاقة الشمسية لا يلبي رغباتهم.
قاعات العلاج وجه آخر لإهدار المال العام يعرف قطاع الصحة بالبواعيش تدنيا كليا وتراجعا فاضحا وصل للحضيض، حيث ورغم استفادة سكان البواعيش من مشروع إنجاز قاعة علاج يفترض أنها تساهم ونسبة كبيرة في إبعاد المرض وإنهاء معاناة التنقل نحو مناطق وولايات مجاورة، إلا أن هذه القاعة ومنذ إنجاز نسبة معتبرة منها قبل10 سنوات مضت إلا أنها لم تباشر استقبال المرضى لغاية اليوم ورغم قيام المصالح المعنية بتخصيص مقاولة لتهيئة ما تبقى من "المشروع الوهمي" على حد وصف السكان إلا أن المقاولة حسب مصادر "للشروق" تخلت عنه لأسباب مجهولة، وفي هذا الصدد أشارت ذات المصادر أن التجهيزات اللازمة للقاعة متعددة الخدمات موجودة غير أن غياب اللمسة الأخيرة من المسؤولين المعنيين حال دون ذلك رغم الأغلفة المالية التي رصدت لهذا المشروع بتجهيزاته وعتاده. وفي سياق ذي صلة، تعد قاعات العلاج الأخرى المنتشرة عبر فرق البلدية مشكلا عويصا أرق المواطنين ونكر عيشهم كقاعة عبد المولى بالفقوسية المغلقة منذ أزيد من10 سنوات وقاعة علاج أخرى موصدة منذ20 سنة بمنطقة سيدي يوسف علما أن البلدية تحوي على قاعة علاج وحيدة توجه خدماتها لأكثر من15 ألف نسمة خاصة وأنها لا تعمل بنظام المناوبة الليلية بالإضافة إلى وجود طبيب واحد يعمل ببلدية البواعيش ولكن لمرة واحدة فقط في الأسبوع لتبقى الولايات المجاورة كتيسمسيلت وتيارت والجلفة الملاذ الوحيد للمرضى علما أن البواعيش مشهورة بلسعات العقارب والأفاعي والحشرات الضارة خلفت عدة وفيات.
السكان يطالبون بإنجاز ثانوية والقضاء على شبح البطالة أكد بعض الأولياء أن تنقل أبنائهم نحو ولايات مجاورة للدراسة سبب تراجع مستواهم الدراسي بشكل ملحوظ خاصة وأن المؤسسات التربوية التي يلجأ إليها تلاميذ البواعيش تبعد مسافات جد بعيدة وبولايات مختلفة كولاية تيسمسيلت غربا أو حاسي فدول بولاية الجلفةجنوبا وحتى سيدي العجال بالإضافة إلى ثانوية عزيز، حيث طالب في هذا الصدد الأولياء وبإلحاح السلطات المعنية ضرورة تجسيد مشروع إنجاز ثانوية تقي أبناءهم مغبة التنقل لمسافات تصل لمئات الكيلومترات وتحسن من مستوى تحصيلهم العلمي، حيث أشار في هذا الصدد بعض التلاميذ إلى أن العديد منهم يتنقلون يوميا مسافة75 كلم ذهايا وإيابا نحو المؤسسات التربوية. كما أبدى سكان المنطقة تذمرهم وسخطهم جراء ارتفاع نسبة البطالة بالمنطقة، فالشباب عاطل عن العمل لعدم وجود مشاريع أو بروز مؤشرات حاليا تلوح في الأفق من شأنها توفير مناصب شغل، فغالبية الشباب يعتمدون في تحصيل قوتهم اليومي على الفلاحة أو تربية المواشي.
الكلمة للمسؤول.. الشروق اتصلت برئيس بلدية البواعيش للرد على انشغالات المواطنين، حيث أكد أن لجنة الدائرة خصصت لجنة لدراسة ملفات عقود المواطنين قصد تسويتها، مضيفا أن بلديته استفادت من حصص معتبرة لحصص السكنات الريفية، مؤكدا أن نسبة إنجاز مشروع 20 سكنا وصل إلى10 من المائة، وبالنسبة للتهيئة الحضرية أكد المتحدث أنه منذ سنة 1996 لم تعرف البواعيش تحسينا حضاريا، فالطرقات والأرصفة منعدمة تماما حيث تم على إثر ذلك وعن طريق رئيس دائرة الشهبونية رفع القضية لدى والي المدية في انتظار رد مناسب، كما سيتم تهيئة طريق دوار بن علي ودوار حاسي دبوب بالإضافة إلى إعادة تأهيل طريق عين الطيبة والبواعيش على مسافة 16كلم. كما أكد المتحدث أن مصالحه طالبت السلطات المعنية بتزويد البلدية بمشاريع قطاعية للقضاء على أزمة الطرقات بسبب ضعف ميزانية البلدية التي لا تتعدى 5 ملايير سنتيم. وأضاف المتحدث أنه تم رصد مبلغ100 مليون سنتيم لإعادة تجديد قنوات مياه الشرب على مستوى منطقة البلبالة كما تم حفر بئرين على مستوى منطقة الغاسول وسيتم التحضير لتجهيزه لتزويد المناطق المجاورة له بمياه الشرب. أما غاز المدينة فسيتم توصيلها بغاز المدينة وبالنسبة للكهرباء الريفية فهو مشكل تعانيه بلدية البواعيش ككل، وأضاف المتحدث أن التأخر في إنجاز متوسطة بالبواعيش منذ 2014 سبب اكتظاظا هائلا داخل الأقسام وهو ما تسبب في عدم حصول البلدية على ثانوية. وخلال حديث المعني عن الصحة أكد أن تجهيز القاعة متعددة الخدمات متواجد بخزينة البلدية منذ سنوات إلا أنه بدأ يتعرض للتلف مع مرور الوقت في انتظار تدخل المصالح المعنية التي تم إخطارها بالوضع عديد المرات.