الصحفي بين مَقاتل كثيرة يجمع الأطباء الأخصائيون على أن ضغط الدم والسكري والاضطرابات العصبية والسرطان، تتقدم قائمة الأمراض التي تهدد صحة الصحفيين وتقلص من معدل أعمارهم. * * * * * بفعل الضغوط اليومية التي يتعرضون لها، الناتجة عن ظروف العمل وصعوبة الوصول إلى مصدر المعلومة، إلى جانب المتابعات القضائية التي تتحول في كثير من الأحيان إلى هاجس يؤرق الصحفي وينغص حياته. * ومما لا شك فيه أن السنة الماضية كانت الأصعب على الأسرة الصحفية، بعد العشرية السوداء التي مرت بها البلاد، بالنظر إلى عدد الصحفيين الذين غادروا الحياة معظمهم جراء السكتة القلبية وكذا سرطان المخ، إلى جانب بعض الأمراض المزمنة التي أضحت لصيقة بالعمل الصحفي، وقد ظل هؤلاء يكافحونها في صمت، ويحاربونها بالإصرار على حمل القلم، والبحث عن المعلومة وخدمةالمجتمع، وفضلوا أن يكونوا الشمعة التي تحترق من أجل أن تلقي بأنوارها على الجميع. * ويؤكد مسؤول في الفيدرالية الدولية للصحفيين بأن العديد من الصحفيين يعانون أمراضا مزمنة وخطيرة، لكنهم يتكتمون عليها، ويصرون على عدم الإفصاح عنها، خصوصا ما تعلق بالسكري وضغط الدم والأمراض العصبية، خوفا من مواجهة بعض المشاكل في العمل، أو رغبة منهم في عدم الانقطاع عن النشاط والتغطية الإعلامية، خصوصا ما تعلق بالخرجات الميدانية والتحقيقات والروبورتاجات، لأن الكشف عن مرضه قد يحوله إلى صحفي مقعد، وإلى عنصر غير مرغوب فيه من طرف صاحب المؤسسة التي ينتمي إليها. * والأمر من كل ذلك أن الكثير من الصحفيين يجهلون الأمراض التي يعانونها، بسبب التزاماتهم اليومية وضغوط العمل، إلى جانب نقص الوعي بضرورة إجراء فحوصات طبية دورية، ناهيك عن عدم لعب المؤسسات الإعلامية دورها في هذا الجانب، من خلال ضمان الرقابة الطبية على الصحفيين، وإلزامهم بتقديم شهادة طبية تثبت سلامتهم من كل مرض. * ويضيف المصدر ذاته بأن معاناة النساء الصحفيات لا تقل مرارة، بدليل أنه خلال الأشهر القليلة الأخيرة تم إحصاء إصابة سبعة منهن بسرطان الثدي، وهن يخضعن حاليا للعلاج، ومرد ذلك في تقديره إلى انعدام الاتفاقيات الجماعية التي توضح طبيعة عمل المرأة الصحفية، مقارنة بزميلها الرجل، بالنظر إلى المسؤوليات المضاعفة التي تتحملها كزوجة أو ربة بيت أو معيلة لأسرة بكاملها. * وفي سياق متصل، يرى الأمين العام لنقابة ممارسي الصحة العمومية إلياس مرابط، بأن الضغط الإداري والمتابعات القضائية والعواقب التي تنجم عن كتابة المقالات الصحفية، خصوصا تلك التي تتناول القضايا الشائكة، بسبب الدور الذي يؤديه الصحفي بصفته طوق نجاة لحرية التعبير، تعد من العوامل الأساسية للأمراض المزمنة والخطيرة التي تصيب الصحفيين، ويضاف إليهاالإرهاق العصبي والجسدي، ويؤدي تراكمهما إلى ضغط يولد أمراضا عدة. * ويحصر المتحدث أسباب معاناة الصحفيين في طبيعة وتيرة العمل التي تفوق في كثير من الأحيان الساعات القانونية بسبب طبيعة مهامه، والمتابعات القضائية التي تلاحقه من كل جانب، "فالشعور بالخوف من لجوء الطرف الآخر إلى العدالة يعقد حالة الإرهاق، ويؤدي إلى ارتفاع السكري أو ضغط الدم، ويؤثر على الجهاز العصبي الذي يتعرض إلى جلطات أو تخثر في الدم، إلى جانبالأمراض الشريانية، وبالتالي الشلل النصفي، وهي كلها أمراض مهنية".