مساجد فلسطين تستغيث    اغتيال المسعفين: حتى ال نيويورك تايمز شهدت!    مشكل عويص يؤرق الأمهات    سيارات: فيات الجزائر تعتمد جملة من الاجراءات لمكافحة المضاربة    نقل: السيد سعيود يزور ميناء صلالة بسلطنة عمان    وزارة الصناعة الصيدلانية والمجلس الاعلى للغة العربية يوقعان اتفاقية لإنجاز أول قاموس للمصطلحات الصيدلانية    الاتحاد البرلماني الدولي: اختيار النائب فريدة إليمي عضوا في لجنة الصحة    الأشغال العمومية: تسجيل دراسة وطنية لتحديد الاحتياجات المتعلقة بازدواجية الطرق الوطنية    تشييع جنازة المرحوم المقدم جولم لخضر إلى مثواه الأخير في جو جنائزي مهيب    المهرجان الثقافي الدولي للشعر العربي الكلاسيكي: مشاركة مرتقبة لأكثر من 40 شاعرا وشاعرة    مجموعة "أ3+" تدين "بشدة" العدوان العسكري الصهيوني على سوريا    العدوان الصهيوني على غزة : غوتيريش يدعو الى ضمان إيصال المساعدات الإنسانية دون عوائق    توقيع اتفاقية تعاون بين المعهد الوطني للصحة العمومية والجمعية الجزائرية للقانون والأخلاقيات الطبية    البطولة الوطنية للجيدو أواسط فردي: انطلاق المنافسة بوهران    الوادي : أكثر من 30 متنافسا في المسابقة الوطنية "ستارتون'' لإنشاء البرمجيات الإلكترونية    سطيف: الطبعة الثالثة للأيام الدولية لألعاب الخفة بداية من الأحد المقبل    حركة "بي دي آس" تدعو للضغط على المخزن لوقف استخدام موانئ المغرب في تسهيل إبادة الشعب الفلسطيني    شركة الخطوط الجوية الجزائرية تطمح أن تكون رائدا افريقيا للنقل الجوي    تأهل النادي الرياضي القسنطيني إلى نصف النهائي كأس الكونفيدرالية الإفريقية: ليلة لا تنسى بمدينة الجسور المعلقة    أزيد من 1,4 مليون شخص يستفيد من المنحة الجزافية للتضامن "    صادي يُجدّد الحرص على مرافقة الأندية    زيتوني يترأس اجتماعا تنسيقيا    الحكومة الصحراوية تعرب عن أسفها العميق    كأس الكونفدرالية الإفريقية /ا.الجزائر-ش قسنطينة: "السياسي" يحقق المفاجأة ويبلغ "المربع الذهبي" لأول مرة في تاريخه    هذا آخر أجل لمغادرة المعتمرين    وزير الصحة يعقد اجتماعاً تنسيقياً    عطاف يشرع في زيارة رسمية إلى تونس    منصوري تلتقي بنائبة وزيرة العلاقات الدولية لجنوب إفريقيا    إرهابي يسلم نفسه وتوقيف 9 عناصر دعم للجماعات الإرهابية    استشهاد 30 مواطنا بينهم أطفال ونساء بحي الشجاعية    استرجاع 1200 متر من الكوابل النحاسية المسروقة ببوشقوف    الجزائر تتأسف لموقف واشنطن من قضية الصحراء الغربية    الجزائر كانت ولا تزال نصيرا للقضايا العادلة    منظومة مراقبة إلكتروبصرية ورادارات لتأمين الحدود    اتفاقية بين الجزائر وقطر للتعاون في خدمات النّقل الجوي    حملة تحسيسية وطنية ضد تعاطي المنشطات    مازة يكشف سرَّ توهج هيرتا برلين    الفرنسيون يهاجمون بن ناصر بقسوة    بلايلي تحت صدمة إقصاء الترجي من دوري الأبطال    عرض جوانب خفية من أعظم ثورة    ملتقى وطني للنحت احتفاءً بالفنان محمد بوكرش    بهجة الحياة مع إطلالة مواسم الربيع    هاجس الحساسية.. هذا هو الحل    مساعٍ للتعريف بمخزون "مادور" و"خميسة"    لقاء علمي حول حفظ وصيانة المخطوطات    الحضارات الإنسانية لا تعادي الثقافات النبيلة    صحة : اجتماع تنسيقي لدراسة القوانين والأنظمة التعويضية لموظفي القطاع    "زمالة الأمير عبد القادر": أكبر سفينة صيد بحرية جزائرية محلية الصنع تنزل المياه من ميناء المرسى بالشلف    جامعة التكوين المتواصل تنظم الدورة التكوينية الثانية في المقاولاتية    الطبعة ال27 للصالون الدولي للصحة "سيمام" تنطلق بوهران بمشاركة 600 شركة من 38 دولة    دعم تام لمشروع تطوير إنتاج الليثيوم    الفيفا تنظم ندوة حول بالجزائر    ورشة لتقييم نظام الأدوية واللقاحات    الجزائر محمية باللّه    سيدي بلعباس..إبراز أهمية دور العلوم الإنسانية والاجتماعية في تطوير أبحاث الذكاء الاصطناعي    اللهم نسألك الثبات بعد رمضان    لقد كان وما زال لكل زمان عادُها..    أعيادنا بين العادة والعبادة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكومتا "الإعلام الخارجي" والإشهار؟!
نشر في الشروق اليومي يوم 05 - 08 - 2009

من يتحكم في الومضات الإشهارية التي تبث في اليتيمة والملصقات الإشهارية المعلقة في الطرقات الجزائرية؟ ومن يتحكم في الصورة التي تبث عبر تلفزيونات العالم عن الجزائر؟
*
*
إنهما حكومتان، في الظل، يتعاملان مع الداخل والخارج بمنطق واحد، وهو تحويل الجزائر إلى »سوق« لتسويق الإرهاب، وتسويق ثقافة الآخر.
*
*
ماركات مسجلة لثقافة الآخر
*
تهيمن حكومة الإشهار على 70٪ من المادة الإعلامية الموجهة للمجتمع الجزائري عبر مختلف وسائل الإعلام، بالرغم من أن الإشهار محتكر من قبل السلطات الجزائرية، وهناك أكثر من 500 وكالة إشهار لا تمثل إلا 10٪ مما تحتكره أربع وكالات أجنبية، وهي تقوم بالإشراف على شركات الهواتف النقالة ناهيك عن وكالات تسويق السيارات.
*
وهناك أكثر من 1300 مشروب وأكثر من 8000 منتوج بصيغة »ماركات مسجلة« في الحليب ومشتقاته، إلى جانب التعليب لمختلف المواد التي تستهلك في الجزائر.
*
والمصمم الحقيقي للإشهار هو المنتج الأصلي، ويتم التصميم خارج الجزائر، وأحيانا يكون في الجزائر، بعد موافقة الجهة الوصية. وهو ما يفسر »إقحام الدارجة في الإشهار«، واللغة الفرنسية. وطغيان عادات وتقاليد »مجتمعات أخرى«، بهدف غرس ثقافة »الاستهلاك« وثقافة الآخر.
*
ومن يتوقف عند الومضات الإشهارية تجذبه لهجة »البلد المنتج« أو »المصمم« لهذه الومضات، ولباس وسلوك الآخر. ومن يتوقف عند ملصقات الطريق السيار أو لوحات الإشهار للشركة الجزائرية المحتكرة للإشهار يجد أمامه »لمسات فنية« للآخر، بحيث تطاردنا في كل مكان ثقافة الآخر. ولا يشعر المواطن بأنه في الجزائر، وتلمس الحضور الأوربي والغربي وحتى العربي، ولكننا نفتقد إلى ثقافة الجزائر. فمن المسؤول عن ذلك.
*
وفي السنة الثقافية العربية في الجزائر والمهرجان الإفريقي الثاني كانت صورة الآخر هي المهيمنة، وخاصة الشركات التي أشرفت على ذلك.
*
ولعل هذا ما دفع بحركة النهضة إلى »التنديد« والتساؤل حول المهرجان الإفريقي، وتكشف ردة الفعل »الشرسة« لوزيرة الثقافة عن »المنطق الهمجي« لثقافة الآخر، تذكرنا بمواقف سابقة كانت تعرب عنها في القنوات الفرنسية ضد المنظومة التربوية والتربية الإسلامية. وهي ردة فعل لم ترق إلى مستوى الفعل الثقافي أقل بكثير من ردة فعلها إزاء كتاباتنا عنها حين ذهبت الى اسرائيل، وأقل بكثير من من رد فعلها ازاء كتاب طبع خطأ في الوزارة »ضد الوزيرة« وتمت مصادرته.
*
لو يفتح ملف »الشركات« التي أشرفت على السهرات الليلية وعلاقتها بفرنسا، وكيف أن بعض المطربين الأجانب حضروا وأخذوا مستحقاتهم دون مشاركة في احياء حفلاتهم.
*
ويكفي أن »اليتيمة« أجبرت لأول مرة على تقديم آخر أغنية في حفل الافتتاح، وهي من أغاني الملاهي الليلية، وتسيء إلى الذوق العام، ولم يسبق لليتيمة أن قدمتها لولا »الحفل المباشر« للافتتاح.
*
والنهب الذي وقع في مثل هذه المهرجانات يلخص في وجود خطوط هاتفية دولية مجانية في المركز الدولي للصحافة كانت تتزاحم عليها »الوفود الصحفية« ليس للتغطية وإنما ل »أغراض أخرى«.
*
من المسؤول عن هيمنة الآخر على تقافتنا عبر الإشهار؟
*
أوليستا وزارتي الثقافة والاتصال؟ ومن أوقف مشروع قانون الإشهار الذي قدمه الوزير السابق عبد العزيز رحابي، أو ليس البرلمان أو ممثلو الشعب؟
*
ومن يتحمل مسؤولية تهديم ثقافتنا؟
*
أعتقد أن الإعلام الوطني، بما فيه القطاع العام والخاص، هو أسير الإشهار الأجنبي، ومن يفتح ملفات بعض شركات الإشهار سيكتشف حقائق مرعبة، يكفي أن الوزير عبد الرشيد بوكزرارة عندما فكر في إعادة تنظيم الإشهار والطباعة وجد نفسه خارج الحكومة.
*
*
الجوسسة والإعلام الخارجي؟
*
وبالمقابل، تشدد السلطات الجزائرية على عدم إعطاء الاعتماد للمراسلين الجزائريين للقنوات الفضائية الدولية، بحجة حماية الجزائر، وتسمح في الوقت نفسه لحملة السجلات التجارية الأجنبية بالهيمنة على تسويق صورة الجزائر عبر الوكالات الدولية دون اعتماد رسمي من وزارة الاتصال أو وزارة الخارجية.
*
والمثير للريبة والشك أن بعض الشركات الإعلامية »المتعددة الجنسيات« أبرمت عقودا مع فضائيات أجنبية للتغطية الإعلامية لأحداث الجزائر بالرغم من عدم اعتمادها رسميا.
*
وكأن الجهات الوصية على ما يسمى ب (الإعلام الخارجي) هدفها التجسس على المراسل الجزائري وليس »المنتج الأجنبي«، بل إن هناك مراسلين أجبروا على توقيع تعهدات بعدم التعامل مع هذه الشركة أو تلك، بينما يسمح لها بممارسة نشاطها بحرية كاملة.
*
إن تسويق صورة الجزائر يحتاج إلى تشجيع اعتماد المراسلين الجزائريين للقنوات الفضائية، وإنشاء مؤسسات إنتاج جزائرية، ليست على الطريقة التي تعمل بها »اليتيمة« مع بعض الوكالات التابعة لأفراد منها أو من جهات نافذة.
*
إن إعادة النظر في »الإعلام الخارجي« بوضع قانون شفاف يضع حدا للتداخل ما بين »الأمني الإعلامي« و»الأمني الأمني«، ويوفر الأجواء لنقل صورة حقيقية عن الجزائر وثقافتها بعيدا عن »سلطة السياسي« يحتاج إلى رجال إعلام أكفاء يتحملون مسؤولية تسويق الجزائر دوليا عبر القنوات الفضائية، ليس عبر الإشهار، وإنما عبر التحقيقات والروبورتاجات والصور القلمية.
*
ولماذا لا نقتدي بالدول العربية مثل سوريا التي فتحت المجال للجزيرة وقنوات أخرى عبر التغطية الثقافية والرياضية، وتجنبت »التغطية السياسية« حفاظا على النظام القائم.
*
إذا كانت الجزيرة والعالم وغيرها تخيف السلطات الجزائرية فهذا يعني أن السلطة في الجزائر لم تنضج إعلاميا.
*
إن روبورتاجا أو تحقيقا أو تقريرا تقدمه الجزائر، في فضائياتها المختلفة، أفضل بكثير من الأموال المهدرة في »تسييس« الشأن الوطني.
*
المؤسف أن السلطات لم تستوعب أن السيادة على الإعلام صارت من »مخلفات الماضي«، فالتلفون صار ناقلا للصورة ولا يحتاج صاحبه إلى اعتماد من أية جهة كانت.
*
أذكر أن تلفزيونات عربية حجزت مساحات لها في »الإستوديو الجزائري« للبث المباشر، لكن التلفزة الجزائرية أخلّت بذلك ويكفي أنني أبلغت مرتين من تلفزتين عربيتين، لكن حين تقدمت من التلفزة للدخول فوجئت بإلغاء البث المباشر، فتحولت العملية إلى المباشر عبر الهاتف، مما وفّر الجو للحديث بحرية أكثر.
*
ولو كانت السلطات تدرك أن المباشر يعطي مصداقية للنظام السياسي، بغض النظر عن مضمونه، وتدرك أن مصلحة البلاد تحتاج إلى الانفتاح على الإعلام الخارجي، لما أغلقت النوافذ وأوصدت الأبواب على الجزائر، فصارت صورتها مجسدة في الإرهاب فقط.
*
الدول المجاورة بدأت تتوسع في بلادنا إعلاميا، وقنواتها التلفزيونية والإذاعية أكثر حضورا لدى المتلقي الجزائري من القنوات الجزائرية التي صارت غير قادرة على مقاومة »أمواج البث الدولي« الملتقطة في الجزائر.
*
وحتى يتأكد القارئ مما أدعيه فليفتح الإذاعات الجزائرية فإنه لا يستطيع متابعة القنوات الوطنية ولا المحلية خارج ولايتها. وهذا يدل أن تقوية البث غير مطروحة في الجزائر، وأن تعدد القنوات المحلية هو لإعطاء مصداقية للسلطات الولائية، وليس لخدمة البلاد.
*
ما أحوجنا إلى رجال إعلام يتولون مهمة تسيير المؤسسات الإعلامية ويسهرون على تحسين أدائها وتقوية التقاطها والابتعاد عن تحويلها إلى »سجل تجاري« أو »منبر سياسي« لهذا التيار أو ذاك.
*
إن إعادة تنظيم الإعلام الخارجي وترتيب البيت الإعلامي الجزائري صار حاجة ملحة ليس لأحزاب الإئتلاف الحكومي، وإنما للجزائر التي ليست »مزرعة« لهذا الوزير أو ذاك وليست مملكة لأحد.
*
فمتى تدرك السلطات أن حكومتي الإشهار والإعلام الخارجي »صارت تتحكم في مصيرها ومصير الشعب الذي تدعي أنها في خدمته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.