خلف قرار إنشاء مدرسة عليا للصحافة موازية لمعهد الإعلام والاتصال، اختير لها اللغة الفرنسية، لغة للتدريس، صدمة واستغراب كبيرين وسط أساتذة وطلبة الجامعة، بسبب ما وصف بالتراجع "الخطير" عن مكتسبات التعريب والأشواط التي قطعت في هذا المجال، وكذا الغرض من هذا المولود الجديد الذي شمل أيضا تخصصات أخرى. * ومما زاد من استغراب الوسط الجامعي، هو أن المدرسة العليا للصحافة، احتفظت بذات التخصصات التي يتوفر عليها معهد علوم الإعلام والاتصال، الذي يضم ما يقارب 15 ألف طالب، غير أن الفرق يكمن في لغة التدريس التي تحوّلت إلى اللغة الفرنسية، فيما أسندت مسؤولية إدارة المولود الجديد للدكتور ابراهيم براهيمي الذي شرع في انتقاء فريقه العلمي بناء على خصوصيات لغوية، اعتبرها بعض الأساتذة انحيازا للغة فولتير على حساب لغة الدولة الرسمية، ممثلة في اللغة العربية، متسائلين "إذا كان الهدف هو الانفتاح على اللغات الحية، فلماذا لا تكون اللغة الإنجليزية بدلا عن الفرنسية، التي فقدت مكانتها حتى بين أهلها فما بالك خارج حدودها؟". * وقد رفض بعض الأساتذة ممن تلقوا دعوة ابراهيم ابراهيمي الانخراط في المشروع بسبب ما وصفوه ب "الغموض والشكوك التي تحوم حول أهداف وخلفيات إنشاء هذه المدرسة، التي رأوا فيها محاولة لتهميش معهد الإعلام والاتصال، الذي يبقى فضله كبيرا في تعريب قطاع الصحافة، في الوقت الذي لم يخف أحد الأساتذة (فضل عدم الكشف عن هويته) القول بأن "الهدف من إنشاء هذه المدرسة العليا للصحافة، هو تكوين نخبة من الصحفيين باللغة الفرنسية، تمهيدا لفتح قطاع السمعي البصري أمام القطاع الخاص، وقبل ذلك تحضير نخبة من المؤطرين باللغة الفرنسية، في انتظار إنشاء معاهد ومدارس باللغة الفرنسية". * وبالرغم من أن البرنامج الرسمي للمدرسة لا زال غير واضحا بما فيه الكفاية، إلا أن الأسماء التي تم انتقاؤها لتأطير هذا المولود الجديد، جعل الوسط الجامعي يتساءل حول ما يراد من وراء إنشاء هذه المدرسة التي ينتظر أن تشرع في استقبال طلبتها مطلع العام المقبل، بعد اجتياز امتحان انتقائي يجري التسجيل للمشاركة فيه بداية من 15 أكتوبر المقبل، ولا يعني سوى الحاصلين على شهادة الليسانس في كل التخصصات. * وأولت وزارة التعليم العالي عناية واهتمام خاصين لهذه المدرسة، بداية من المقر الفاخر الذي يوجد بالقرب من مقر مبنى معهد علوم الإعلام والاتصال بابن عكنون، وهو عبارة عن بناية زجاجية على شكل باخرة، في الوقت الذي يبقى المعهد الأم يعاني في بنايات شبه قصديرية أكل عليها الدهر، وهو ما فجر امتعاضا لدى بعض الأساتذة الذين لم يفهموا ما وصفوها ب"الحظوة الزائدة" من طرف الجهات الوصية على المدرسة، الموّزعة على عشر وزارات، وهو أمر من شأنه أن يفتح المجال واسعا أمام ذوي النفوذ في الدخول إلى المدرسة التي لا تقبل سوى 100 طالب كل سنة. * وحاولت "الشروق" الاتصال بالمكلف بالمشروع، الأستاذ براهيم ابراهيمي لاستطلاع موقفه من القضية، إلا أنه لم يتسن لها ذلك.