المديونية الخارجية تقلصت إلى 5.5 مليار دولار كتلة الأجور لا تتعدى 12 بالمائة من الدخل الوطني مقابل 30 بالمائة في تونس و20 بالمائة في المغرب كشف التقرير السنوي الذي يعده بنك الجزائر حول الوضع الاقتصادي العام في البلاد، أن ما تدفعه الخزينة العمومية للجزائريين في صورة أجور، لا تمثل سوى نسبة محدودة من الناتج الداخلي الخام، مقارنة بما تمثله كتلة الأجور لدى جيراننا في كل من تونس والمغرب، وذلك بالرغم من الزيادات المعتبرة التي أفرجت عنها الحكومة بعد دخول القانون الأساسي للوظيفة العمومية حيز التطبيق قبل سنتين من الآن. * * التقرير السنوي لبنك الجزائر، والذي ينتظر أن يعرضه المحافظ محمد لكصاسي على نواب الشعب، غدا الخميس، أوضح أن نسبة الناتج الداخلي الخام التي تذهب في صورة أجور لما يقارب مليونين من الجزائريين، منهم أزيد من مليون و600 ألف مستخدم تابع للوظيف العمومي، تعادل 12.1 بالمائة فقط من عشرة آلاف و993 مليار و800 مليون دينار. * نمو معتبر للثروة ولا عدل في توزيعها * وتعتبر هذه النسبة محدودة إذا ما أسقطت على نسبة ما يتقاضاه أشقاؤنا في كل من تونس والمملكة المغربية، بحيث تمثل نسبة كتلة الأجور من الناتج الداخلي الخام في تونس بما لا يقل عن 30 بالمائة، و20 بالمائة في المغرب، وهو الأمر الذي خلف استغرابا لدى بعض المتتبعين، الذين طالبوا بضرورة توزيع الثروة بشكل عادل على الجزائريين، فيما حذر آخرون من مغبة الرفع من نسبة كتلة الأجور من الناتج الداخلي، بحجة أن النمو المسجل في السنوات القليلة الأخيرة لا يؤتمن، كونه مرتبط بدرجة أولى بارتفاع أسعار النفط والغاز في الأسواق العالمية، ولم يكن وليد نمو اقتصادي مدروس وطبيعي. * وبإسقاط هذه النسبة على التطور المسجل في النشاط الاقتصادي، نجد أن إجمالي الناتج الداخلي الخام، سجل ارتفاعا بنسبة 18.1 بالمائة خلال سنة 2008، بزيادة ألف 687.6 مليار دينار، في الوقت الذي حافظت فيه كتلة الأجور على ذات النسبة. * ويعود الفضل في هذه الزيادة إلى قطاع البناء والأشغال العمومية، الذي سجل أعلى نسبة نمو بواقع 9.8 بالمائة، يليه قطاع الخدمات (الإدارات العمومية) بنسبة نمو عادلت 8.4 بالمائة، ثم القطاع الصناعي بنسبة نمو قدرت ب 4.4 بالمائة، عكس القطاع الفلاحي، الذي سجل أسوأ أداء له في 2008، منذ ثماني سنوات، بحيث تراجعت فيه القيمة المضافة بنسبة 5.3 بالمائة. * ويعتبر قطاع المحروقات أكثر القطاعات تضررا من حيث المداخيل، وتناقصت قيمته المضافة بعدما كانت مقدرة في سنة 2008، بحوالي 5000.1 مليار دينار، وهو ما يعادل 2.3 بالمائة، وذلك بالرغم من ارتفاع سعر النفط في الأسواق العالمية بنسبة 33.4 بالمائة، والذي ساهم في رفع حصيلة عائدات المحروقات خلال السنة المنصرمة إلى 77.2 مليار دولار، رغم تراجع الكميات المصدرة التزاما بقرارات منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك). * * نمو مرعب للواردات فرض تدخل الحكومة * كشف تقرير بنك الجزائر عن النمو المخيف للواردات، ما دفع بها إلى التدخل عبر القرارات الحمائية الأخيرة التي تضمنها قانون المالية التكميلي لسنة 2009، وجاء هذا القرار الذي خلف امتعاضا غربيا وفرنسيا على وجه التحديد، بعدما وقفت الحكومة على حقيقة مؤداها أن وتيرة نمو الواردات فاقت حجم نمو الناتج الداخلي الخام للبلاد، بحيث أصبح حجم الإنفاق يمثل 79.1 بالمائة من إجمالي الناتج الداخلي الخام في 2008، الأمر الذي ألقى بظلاله على نصيب الاستثمار من الأغلفة المالية. * ولم يكن ارتفاع فاتورة الواردات متعلقا بتنويع أو ترقية، بقدر ما كان مرتبطا، حسب التقرير، بالارتفاع الذي تشهده أسعار السلع في الأسواق العالمية، سيما منها السلع الغذائية والخدمات، التي تحملت آثار التضخم القوي في الأسعار العالمية، إضافة إلى السلع الصناعية التي ارتفعت أسعارها بأكثر من 50 بالمائة، جراء التهاب أسعار المحروقات. * * ارتفاع مخيف للسلع الاستهلاكية * ويعترف تقرير المؤسسة المالية الأولى في البلاد بتعرض السلع الاستهلاكية والغذائية عموما لارتفاعات كبيرة في أسعارها بشكل أضر بالمستوى المعيشي للجزائريين خلال السنة المنصرمة، وسجلت الوتيرة السنوية لمؤشر الأسعار، ما نسبته 4.4 بالمائة، وهي النسبة التي اعتبرها التقرير متسارعة مقارنة بمعدل 3.5 بالمائة، الذي تم تسجيله خلال سنة 2007. * وبشيء من التبسيط أوضح التقرير أن أسعار الجملة الخاصة بالخضر والفواكه (المنتجة عموما محليا)، ارتفعت بنسبة 16.9 بالمائة، في حين ارتفعت أسعار المنتجات الفلاحية الطازجة بنسبة 4.1 بالمائة، الأمر الذي أدى لارتفاع وتيرة التضخم لتصل 4.4 بالمائة، وهي النسبة التي تعتبر الأعلى منذ سنة 2004 . * * تراجع كبير للمديونية جنّب البلاد كارثة الأزمة المالية * ويبقى الجانب الإيجابي الذي احتوى عليه التقرير، هو ذلك المتعلق بميزان المدفوعات والدين الخارجي، بحيث وصف الوضعية المالية للجزائر ب "المتينة"، والاقتصاد الكلي ب "المستقر" خلال السنة المنقضية، بسبب تراكم احتياطي غير مسبوق للصرف بالعملة الصعبة رغم الأزمة المالية العالمية، التي عصفت بكبرى دول العام، وأرجع هذا الوضع المريح، إلى التقليص القوي للمديونية الخارجية جراء التسديد المسبق للدين الخارجي تجاه نادي باريس ونادي لندن، الذي مكن البلاد من امتصاص الصدمة الخارجية المتعلقة بانخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية. * ويقدر التقرير أن قيمة المديوينة الخارجية للبلاد عند نهاية سنة 2008، خمسة ملايير و586 مليون دولار، منها أربعة ملايير و282 مليون دولار متوسطة وطويلة الأجل، ومليار و304 مليون دولار تشكل الدين قصير الأجل (12 شهرا)، علما أن خدمة المديونية ارتفعت إلى أكثر من 1.2 مليار دولار.