صورة من الأرشيف لم تعد جريمة القيادة في حالة سكر حكرا على الرجال فقط في الجزائر، حيث بات كل شيء ممكنا، فالمرأة هي الأخرى تمادت في فهمها لمفهوم الحضارة ولم تكتف بتدخين السيجارة لتتعداه إلى شرب الخمر. واستقبلت المحاكم الجزائرية مؤخرا عددا لا بأس به من السيدات اللائي ألقي عليهن القبض من قبل عناصر الأمن وهن يقدن سياراتهن بعد شربهن للمشروبات الكحولية. * * الغريب في الأمر أن هاته الظاهرة لم تعد مقتصرة على فئة السيدات المعروف عنهن بدخولهن عالم الدعارة الذي يباح فيه كل شيء ومرتادات الملاهي والمتعودات على سهرات الخمر، بل تعدتها إلى سيدات المجتمع وحتى متعلمات وإطارات في الدولة صرن يجدن في الخمر مظهرا من مظاهر العصرنة، وغالبا ما يتورطن في قيادة السيارة وهن مخمورات، غير أن مثل هذا النوع من القضايا ظل متخفيا عن الأنظار بسبب تدخل أصحاب النفوذ أحيانا لدفن الفضيحة والخروج منها بأقل الأتعاب دون المرور على المحكمة أو دخول السجن، خاصة بالنسبة لسيدات المجتمع الراقي. * وأمام كل هذه العوامل، ظلت تهمة القيادة في حالة سكر لصيقة بالرجل فهو من يحاكم ويزج به في السجن، غير أن الواقع الخفي يبيّن أن المرأة هي الأخرى لها سوابق عن نفس التهمة، ففي الماضي لم نكن نسمع عن وقوف هاته الأخيرة أمام المحكمة لتحاكم بجنحة القيادة في حالة سكر، لكن الآن أصبح كل شيء ممكنا وظهرت مثل هذه القضايا إلى الوجود رغم قلتها، وهذا لأن أغلبها يدفن في مراكز الشرطة قبل أن يمر على المحكمة. * ومن بين القضايا نذكر قصة سيدة حكم عليها من قبل محكمة الجنح بحسين داي بعقوبة 6 أشهر حبسا مع وقف التنفيذ مع حرمانها من رخصة سياقتها لعام كامل، هاته السيدة حسب معلوماتنا تشتغل حلاقة وذكرت لدى محاكمتها أن مشاكلها العائلية هي من دفعتها للتدخين وبعدها لشرب الخمر، حيث ألقي عليها القبض في حاجز أمني تقود سيارتها وهي غائبة عن الوعي، ولدى إجراء التحاليل لها ثبت أن نسبة الكحول في دمها تساوي 0.80 غ. * وقصة أخرى لمغتربة جزائرية استقرت بالجزائر لكنها لم تتخل عن عاداتها السابقة بشرب المشروبات الكحولية، وصادف أن كانت ثملة جدا وهي تقود سيارتها بإحدى بلديات العاصمة، مما جعلها تصطدم بأحد الأعمدة الكهربائية التابعة للبلدية، فألقي عليها القبض ومكثت بالحبس الاحتياطي لثلاثة أيام قبل أن تحاكم أمام محكمة الشراڤة عن جنحة القيادة في حالة سكر وتحطيم أملاك الدولة، حيث جاوزت نسبة الكحول في دمها 2 غ، ولحسن حظها أدانتها المحكمة بغرامة مالية وخرجت من الحبس. * وأسرت لنا مصادرنا أنه سبق لإحدى محاكم العاصمة أن عالجت قضية القيادة في حالة سكر مع الفرار تورطت فيها أستاذة جامعية تمت معاقبتها بغرامة مالية وسحب رخصة سياقتها لمدة عام. * وفي هذا السياق، ذكر لنا الأستاذ المحامي عمر مهدي أن هذا النوع من القضايا الذي تتورط فيه النساء نادرا ما يمر على المحكمة لحساسية الموقف والتهمة، وعادة ما يتم إقفال ملف القضية حتى قبل وصولها للعدالة، خاصة إذا كانت المتهمة ذات نفوذ. ليضيف بأن أغلب الحالات التي ترد إلى المحكمة تكون بسبب المشاكل العائلية التي تعيشها المرأة أو لسيدات مغتربات يجهلن أن القانون يعاقب على القيادة في حالة سكر، ليؤكد محدثنا بأن القانون الجزائري مؤخرا شدد في العقوبات المسلطة على الذين يقودون سياراتهم في حالة سكر، من الجنسين، وهذا للحد من حوادث المرور المميتة التي تحدث جراء ذلك. وغالبا ما تصل العقوبة إلى الحبس عاما كاملا وكذا دفع غرامة مالية مع حجز رخصة السياقة.