قمت بتوزيع برقية عاجلة عبر الفايس بوك كشفت فيها ما وصلني من خلال شخصية مصرية بارزة ومرموقة هذا نصها: "أنا أنور مالك قد علمت اليوم الاثنين 16 نوفمبر 2009 من مصدر مصري موثوق أن "جهات أمنية" في مصر تدرس خطة قذرة للاعتداء على المصريين في الخرطوم وبتوريط الجزائريين بأي طريقة كانت... * وجرى تجهيز أنصار وعملاء يعملون لحسابهم بكاميرات متطورة للتصوير الشامل والكامل لكل الحيثيات حين وقوعها، وهذا حتى يسقط ضحايا من المصريين أيضا ليستعمل الملف في حينه سواء تأهلوا أو أخفقوا، حيث أنه في حال التأهل متخوفون من تحرك جزائري نحو الفيفا بسبب مجزرة القاهرة التي خالفت مخالفة صريحة التعهد المكتوب الذي قدمته بعد حادثة الرشق بالحجارة الذي تعرض له عناصر المنتخب الوطني الجزائري أدى إلى جرحى من عناصر الفريق، أما في حال الإخفاق سيكون مطيتهم نحو مطالب أعدت مسبقا وبإحكام لإلغاء نتائج المقابلة. نرجو من الجميع تعميم هذا الخبر الخطير للغاية حتى يفسد هذا المخطط الشيطاني الذي سيدفع ثمنه أبرياء من مصر كما دفع الثمن أبرياء من الجزائر". * وقد تناقلت بعض الصحف الجزائرية وبالبنط العريض محتوى البرقية، وقد تلقيت مكالمات عديدة ورسائل وإيميلات بينها تلك التي تهددني إن لم أكذب الخبر الذي عرّى مخططا جهنميا كان سيعصف بالمقابلة إن لم يورط الجزائر في ما لا تحمد عقباه، وأخرى تريد أن تستدرجني لمعرفة المصدر الذي استقيت منه المعلومات، وكان أول رد ظهر على جريدة "اليوم السابع" سهرة اليوم نفسه من خلال موقعها على الانترنيت حيث نسبت لي تصريحا يدعو لقتل المصريين في الخرطوم. * لم أبال بكل ما يحدث وخاصة أنه يوجد من ترجم البرقية إلى لغات أخرى ووزعت على نطاق واسع، وهذا الذي أفسد الكثير من السيناريو الذي أعد بإحكام وسدت كل المنافذ في نظرهم. * من فقه مدارس الاستخبارات * بعد كل ما حدث والتطورات التي عرفتها القضية والتجاوزات المصرية الخطيرة، نرى من الضرورة التحدث عن بعض تفاصيل المخطط وحيثياته التي تمكنا من الوصول إليها عبر رجال شرفاء من أبناء الكنانة الحقيقيين وليسوا أولئك الذين تربوا في المواخير وحولوا تلك الفضائيات إلى بيوت دعارة على الهواء مع إحترامي للقراء الكرام. * في البداية أعاب علي بعض ممن إطلعوا على مقالي الذي نشرته في الشروق اليومي بتاريخ 25 نوفمبر 2009، أثار جدلا ودفع بعضهم للكتابة ضدي والتهجم علي وراحوا يوزعون المزاعم يمينا وشمالا حتى خلت نفسي دينكشوط جزائري مطارد في المنفى. أما الصحف المصرية التي لم تجد من حل معي سوى التفتيش في أرشيفي ونشر تلك الملفات التي حاربت بها الفساد ولم أحارب بها الجزائر، وهذا الذي فعلته صحيفة "المسائية" التابعة لمؤسسة أخبار اليوم الحكومية، حيث نشرت ملفا وعلى صدر صفحاتها الأولى بتاريخ 03 ديسمبر 2009 ووصفتني أنني تعلمت الجرأة في الخارج، وكأن الجزائر عقيمة وهي التي أنجبت العربي بن مهيدي وسي الحواس وعميروش وابن باديس ومالك بن نبي والملايين من الأحرار، والتي نرى اليوم على صحفها ما لا يمكن أن نراه في صحف مصر التي لا تتحرك إلا بإيعاز ولا تكشف فسادا إلا ما يتعلق بأشخاص يجب أن يبلعهم طوفان الإقصاء. جاء ذلك بعدما فشلوا في استدراجي للقاهرة والمشاركة في برامج تلفزيونية تسيء للجزائر. * المتعارف عليه في أي ملاحم إستخباراتية أن الخطة التي تعد لشيء ما إن جرى الشك بوجود طرف واحد قد تسرب له شك نحوها، فهي تلغى تماما ولا يمكن أن يغامر بها لأنها قد تأتي بنتائج سلبية، هذا إن تعلق الأمر في أمر يكون قطريا أو محليا، أما إن كان في بلد آخر فهم سيكونون أحرص الناس على ذلك، ولن يسكتوا أبدا حتى يصلوا للمنافذ التي من خلالها جرى تسريب محتوى الخطة أو حتى حرك الطرف الآخر في عملية مضادة. وهذا يعني وجود خيانة أو عدم تحفظ أو سوء تسيير أو قلة مهنية وهو ما لا يسمح به إطلاقا. * فالمخطط يبدأ بالنقاش بين أصحاب الشأن فيدرسوا كل الجوانب سواء كانت تلك التي تتعلق بالنجاح أو إحتمالات الإخفاق. ثم يصلون إلى صيغة التنفيذ وتحديد كل الحيثيات من آليات وأفراد ووسائل، حتى تحقق النتيجة المرجوة كما خطط لها ولا يوجد أي عارض سواء لخطأ غير مقصود أو لتفوق إستخباراتي من الجانب الآخر. أما في حال الإخفاق فذلك لن يمر بسلام وستدرس كل الأسباب التي أدت إلى تفكك المخطط وسقوطه، وأقول إن الإخفاق يناقش لكنه لا يسمح به إطلاقا، فإن شك لمجرد شبهة عارضة بوجوده خلل ما بين ثنايا العملية قد تؤدي إلى الإلغاء، فهم يبحثون في كل الثغرات ويحتملون ما لا يمكن تخيله، وغالبا ما يتم التغيير إن بقي الفشل مجرد شبهة. * أما في الحالة التي نتحدث عنها نحن وهي ثبوت التسريب من خلال رد فعل واضح من طرف الدولة التي هي موصوفة في المخطط بالمعادية، بل التسريب ليس لمجرد شكوك عن إحتمال علم الطرف الإستخباراتي الموازي وذلك مثلا عن طريق جمع معلومات من خلال تحركات غريبة لعناصر مخابرات في البلد الذي هو محل تنفيذ العملية، ففي هذه الحالة أول ما يفكرون فيه هو إختراق الطرف الآخر لمعرفة ولو الجزء اليسير أو يزرعون عملاءهم أيضا للكشف عن تحركات مضادة. ولكن لما يثبت أن ما يخطط له قد انكشف وذلك بدلائل واضحة كتقارير إعلامية صريحة التي لا مجال فيها للمناورة ففي هذه الحالة يجري مباشرة إلغاء المهمة وفتح تحقيق داخلي على مستوى الخلية الخاصة لمعرفة هذا الإخفاق المهني الجسيم وأسبابه وطرقه، قد تؤدي في أغلبها لمعاقبة تستهدف جهة ما. * * مخالب عملية "توت 2 " من البليدة إلى القاهرة * يجب التأكيد على أمر هام أن ملف المونديال في مصر كان يتابعه اللواء عمر سليمان رئيس المخابرات شخصيا، حتى أنه يوجد على مكتبه ملف عن غزة وآخر عن شاليط وثالث عن الجزائر في واجهة أجندته الإستثنائية خلال الفترة التي خلت. ومنذ إخفاق الفريق المصري في البليدة وأهم المسؤولين في المخابرات وبإيعاز من جمال مبارك وهم يتابعون تطورات القضية وخفاياها، حتى أنه أطلق على الملف "عملية توت 2 "، وتوت حسب بعض المراجع التاريخية هو ضابط إستخبارات مصري عاش قبل أكثر من ثلاثين قرنا قبل الميلاد، إستطاع أن يرسل حوالي مائتي جندي بسلاحهم ضمن أكياس قمح على ظهر مركب إلى يافا التي كانت محاصرة من قبل الجيش المصري ولما استقر المركب في الميناء خرج الجنود واستولوا على المدينة ثم قاموا بتسليمها إلى المصريين، ولولاهم ما تمكنوا من الدخول. * وحسب المصدر الذي أعطانا بعض التفاصيل ووعدناه بأن لا نكشف عن هويته مهما كلفنا الأمر. فالعملية تولاها ضابط سامي يدعى مهنيا "صابر شحاتة"، والذي لمصلحته علاقات واسعة مع رجال أعمال وأصحاب فضائيات وله شبكة قوية داخل الأجهزة بمختلف أنواعها، وكانت توكل له مهام خطيرة مثل وقوفه وراء ما يعرف بخلية "حزب الله" في مصر التي أعلن عنها في أفريل الماضي. * لقد وضعت مختلف السيناريوهات وكان من بينها أن يتم الفوز على الجزائر في مقابلة البليدة بتاريخ 07 جوان 2009 أو أن تجري معاقبة الجزائر من طرف "الفيفا" وبأي وسيلة كانت. حتى أن سيناريو تسميم اللاعبين قبل المقابلة خطط له وجرى التشاور عليه وطرق تنفيذه. وقد أرسلت مصر بأيام قبل المبارات عملاء مخابرات بينهم نساء تحت مهام أخرى ساعدت عليها بعض المؤسسات الاستثمارية المصرية الناشطة بالجزائر، وتم دراسة الوضع من كل النواحي ولكن النتيجة التي توصلوا إليها أنه لا يمكن تنفيذ أي مخطط سواء داخل الملعب أو في الفندق أو حتى في الطريق الذي سيعبره اللاعبون من مطار هواري بومدين إلى البليدة، لأن الجزائر سخرت جيشا من رجال الأمن والمخابرات لحماية البعثة المصرية وكذلك لتأمين المقابلة من أي خرق مهما كان نوعه. حتى أن أحد العملاء نقل ترديده إلى أنه " يمكن أن نصل لديمونة ولا نصل للبليدة كما نريد". * لقد تدارسوا عملية تسميم اللاعبين المصريين عمدا، بما قد يسبب لهم إسهالا أو أعراض حمى أو أي شيء آخر من هذا القبيل يكون مانعا لدخولهم للملعب وأدائهم للمباراة، وهذا طبعا سيجعل مصر ترفع من سقف مطالبها الذي يراد منه معاقبة الجزائر وإقصائها من التصفيات. * لقد أخفقت المخابرات المصرية في الجزائر إخفاقا ذريعا في تنفيذ ما كانت تصبو إليه، ومن أهم أسباب ذلك هو أن الجانب الجزائري كان على يقين بوجود مخطط ما ضد الجزائر وهو الذي جعله يوفر طاقما متدربا ومحنكا قد تدارس كل ما يخطر على البال من الإحتمالات الممكنة والمخطط لها في دهاليز الأجهزة الإستخباراتية المعروفة. * دخلت خلية ما يسمى بعملية "توت 2 " في التحضير لفصل آخر ولكنه أصعب بكثير ويتعلق بمقابلة 14 نوفمبر، فأي خطأ في هذه الحالة سيحسب على مصر لأن المقابلة على ترابها وأي تجاوز ستتحمل عواقبه، لذلك كانت مهمتهم صعبة ومعقدة للغاية. ويضيف مصدرنا أنهم كانوا على تواصل دائم في الإجتماعات التي تستغرق الساعات والليالي وكان اللواء عمر سليمان يحرص على قيادتها، وأعطاهم التعليمات الصارمة بأنه لن يتسامح في أي خطأ قد يرتكب ويؤثر على سمعة ومستقبل مصر، وجعلوا من التأهل إلى المونديال هو الحل الوحيد الذي به يتم تجاوز عنق الزجاجة في التحضير لرئاسيات 2011 والتنفيس عن الإحتقان الداخلي الذي يعاني منه الشعب المصري جراء الفساد والفقر والتضييق على الحريات والإنتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان. * الخلية الإستخباراتية وصلت لقناعة أنه لا يمكن تنفيذ أي شيء ضد الفريق الجزائريبالقاهرة، وقد تقرر العمل على الجانب المعنوي وتأليب الجماهير حتى يكون للأمر تداعيات أخرى، وقد اقترح أحد الضباط التركيز على التهييج من خلال قيام وسائل إعلام ثقيلة بالتسخين بالتطاول على الجزائر، وأكد لهم أن الجزائريين يتجاوبون بسرعة ويعرفون برد فعلهم القوي لما يتعلق الأمر بقضايا مقدسة عندهم كالثورة والشهداء والعرض. ومما يذكر أن السفارة المصرية بالجزائر قد تلقت أمرا بتسهيل إعطاء التأشيرات للأنصار، خاصة للشباب العاطل عن العمل والذي هو في سن المراهقة ممن يعتقد بسهولة إنسياقهم للإستفزازات المصرية. فالمخطط الإستخباراتي كان من أجل توريط الأنصار الجزائريين في عمليات تخريب للممتلكات العامة، وشغب داخل الملعب خاصة حتى يكون سببا في إقصائهم المبكر مستغلين معلومات عن ما حدث في تونس من قبل. * وطبعا جرى إطلاع القيادة على ما توصلوا إليها بعد مشاورات حثيثة ودورية، ويشير مصدرنا أن جمال مبارك نجل الرئيس قد طلب من اللواء عمر سليمان أن يوافيه بكل صغيرة وكبيرة، لأنه يعتبر التأهل إلى المونديال هو الإمتحان الصعب والذي لن يتكرر حتى يحقق كل أطماعه وتطلعات الأسرة الحاكمة في أرض الكنانة. * لما تقرر أن يبدأ التحريض الإعلامي وتهييج الجماهير كان أحد الضباط من عناصر الخلية واسمه سامي الحديدي وتربطه علاقة مصاهرة مع المذيع عمرو أديب. وقد اقترح أن يبدأ الحملة بزعم ما يعرف به من جرأة وتهور في تنفيذ المهام التي توكل إليه من دون أدنى حساب للعواقب. فيقول مصدرنا أنه كلف بمهمة زيارة عمرو أديب في بيته بأحد الأحياء الراقية بعيدا عن كل الدوائر الرسمية أو الأماكن العامة والتحدث معه في الموضوع، وقد وافق المذيع المذكور على الفور بل أنه ظل يردد على مرأى أسرته لو كلف بعملية انتحارية ضد الفريق الجزائري ما تردد لحظة، لأن القضية هي مصر التي أنجبت رأفت الهجان حسب ما نقل على لسانه. بل أن ما يردد في كواليس "القاهرة اليوم" أن مذيعها كان قد أحضر دفترا فيه كل ما يندى له الجبين من الشتم والسب ولكن رفض له ذلك وأعطوه ما يريدون التسويق له. * وهو الذي حدث بالفعل وكما يعرف الجميع أن عمرو أديب قد بدأ حملته بتجاوز كل الخطوط الحمراء التي كانت سببا في تهييج الجماهير وتدهور العلاقة بين مصر والجزائر، أدت إلى الاعتداء على الجماهير والفريق الوطني. * الطريق القذر إلى أم درمان * يجب أن نشير إلى أمر هام أن اختيار السودان لإجراء المقابلة الفاصلة ليس عبثيا ولا كما تخيله الكثيرون ممن تابعوا وحللوا تداعيات المباراة والتصفيات وما رافقها من نقاط ظل رمادية، الحقيقة أنه قبل قرار الاختيار الذي ظهر الندم عليه إعلاميا لاحقا ولكن جرى التراجع المتسارع بصفة مفضوحة وبأوامر فوقية لأطماع في كسب ود السودان حتى تعطي دفعا لملف زاهر الذي رفعه للفيفا لاحقا. ومما ورد إلينا أن الخلية الإستخباراتية عقدت إجتماعا وبحضور اللواء عمر سليمان وشمل النقاش كل التفاصيل، ولما جرى الحديث عن البلد الذي وجب أن تختاره قد تباينت المداخلات حول هذا الذي ما كانوا يتمنونه أصلا لأن رهانهم على الشغب كان كبيرا، بعد التطورات الخطيرة والتهييج الذي بلغ ذروته، معتبرين أن مقابلة القاهرة هي نقطة النهاية والتأهل. * فالقرار على السودان كان مدروسا، وبغض النظر عن الجوانب الأخرى التي تخدم القضية كسهولة التنقل والبيئة الأمنية المفتوحة على كل الإحتمالات ووضع السودان الدولي الذي يسهل ابتزازه بالضغط كما تخيل هؤلاء. لكن وجب التنبيه إلى أنه منذ محاولة إغتيال الرئيس حسني مبارك في أديس أبابا عام 1995 أثناء حضوره القمة الإفريقية، ومنذ التسويق لملف صبري خليل البنا المدعو أبونضال الذي اشتبهت مصر في تورطه بالمحاولة وبإيعاز جهات سودانية. قد تم تشكيل مكتب على مستوى المخابرات العامة يطلق عليه »مكتب السودان«، وله فروعه داخل السودان ويوميا تسجل التقارير حول كل ما يقع محليا سواء على المستوى الإعلامي أو الرسمي أو الشعبي. وتؤكد لنا مصادر عايشت بعض تداعيات محاولة الإغتيال الفاشلة، أن الجواسيس المصريين صاروا يتخفون في أثواب رجال أعمال وأصحاب فنادق ومطاعم يعملون كلهم تحت وصاية الملحق العسكري بالخرطوم. * وقد تحولت السودان إلى قبلة رجال المخابرات المصرية الذين لعبوا دورا في كثير من الملفات الحقوقية والأمنية كتلك التي تتعلق بالجنوب أو بدارفور وكانت وراء مذكرة التوقيف التي طالت الرئيس عمر البشير من طرف المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أوكامبو. * فاختيار السودان هو اختيار أمني بحت وعملا بتقرير أعده الجهاز قبل القرار عن ظروف العمل المريحة لتنفيذ مخططات قد تكون استعجالية تفرضها مستجدات السباق المحموم بين الجزائر ومصر نحو التأهل لجنوب إفريقيا. ولهذا جرى الفصل في خيار السودان وأوعز للمعنيين بالأمر، وقد كانت فرحتهم كبيرة لما جاءت قرعة 11 نوفمبر لصالحهم، حتى أنهم صاروا يباركون لبعضهم بعض بتأشيرة التأهل ويعزّون الجزائر المقصية!! * ومما نقل أيضا أن أحدهم من جهاز المخابرات بعد التهييج الإعلامي الرهيب، قد اقترح على مسؤوليه أن يتوقف طوفان وسائل الإعلام محذرا من تحول المسار نحو شغب وخاصة أن المصريين يعيشون على شفا حفرة من ثورة على الوضع البائس، أو أن الأمور ستغدو فتيلا يودي إلى ما لا تحمد عقباه في حق الجماهير الجزائرية والتي قد تتسبب في إقصاء ومعاقبة مصر. إلا أن المسؤولين قد رفضوا ذلك بحجة أن مصالحهم الأمنية مسيطرة على الشارع ولن يحدث أي شيء إلا ما هو مسموح ومخطط له. * طبعا كما هو معروف أن التهييج أدى لاعتداء على حافلة الفريق الوطني الجزائري، وأصيب اللاعبون مما جعل الجانب المصري يضطرب ويتناقض إعلاميا ورسميا، فقد أخفق الأمن الذي وثقوا فيه ورموا عليه ثقلا عظيما، ولكنه تورط وتواطأ مع الأنصار في تسهيل مهمة العدوان على الفريق الجزائري، ويوجد من أشار إلى صراع بين لوبيين في الجهاز الأمني المصري، لوبي مناصر للتوريث وآخر مناهض له يريد إفشال كل المخططات التي يراها تعبّد الطريق لجمال مبارك. * وبعد التعهد المكتوب الذي قدموه للفيفا حاولوا تحريك كل الأجهزة من أجل أن لا تفلت الأمور نحو ما يهددهم بالإقصاء. وبرغم الفوز الذي حققه الفراعنة على فريق مصاب ومنهك وخائف وجماهير كانت تحت براكين غضب شعبي مصري عارم، إلا أن الأمور أدت إلى عدوان آخر على الجماهير الجزائرية، وهنا وجد الجهاز الإستخباراتي نفسه في مواجهة المفاجآت التي أخفق في إدارتها والتحكم فيها.. * بعد ما حدث ووصل الفريق المصري للمقابلة الفاصلة في السودان، جاء دور مكتبهم في الخرطوم الذي زاد في دينامكيته حتى يسابق الزمن، وكان المخطط هذه المرة دمويا يستهدف المصريين حتى تنجو مصر من طائلة العقوبات التي قد تطالها من الإتحادية الدولية لكرة القدم، حيث أنه تم إرسال مجموعات كبيرة من العملاء يتقنون جيدا اللهجة الجزائرية وعليهم ملامح مغاربية ومجهزين بالسكاكين والأعلام وشعارات الخضر، وكان دورهم هو التدخل والإعتداء على المناصرين المصريين وإسقاط ضحايا بينهم في حال تأهل الخضر للمونديال. كما أن مجموعة أخرى تتقمص دور مصري ستلعب دور إستفزاز الجزائريين لتوريطهم في دماء المناصرين المصريين. ويقول مصدرنا إنه يوجد منهم من جاء من بعض الدول الأوروبية وبجوازات سفر جزائرية مزورة، كما أن العملاء المكلفين بتقمص دور جزائري لا يعرفون الآخرين الذين هم في المقابل مجهزين بآلات تصوير راقية ومتطورة. * وطبعا بعدما تسرب الأمر وكتب في الصحافة الجزائرية حيث نشرته الشروق اليومي يوم المقابلة 18 نوفمبر على رأس صفحتها الأولى. لم يجد الجانب المصري من حل سوى إعطاء أوامر للمجموعة بأن العملية ألغيت لمستجدات خطيرة وطارئة، وخاصة لما بلغهم أن الجانب الجزائري قد إتخذ كل الإحتياطات وأن الأمن السوداني أيضا تحرك تحت إشراف الفريق مهندس محمد عطا المدير العام لجهاز الأمن والمخابرات، بمجرد توصله لمعلومات عن المخطط الذي سيدخل بلاده مأزقا لا ناقة لها فيها ولا جمل. * في ظل حمى الإضطراب الذي أصاب المخابرات المصرية لما اكتشفت أنه قد وقع الإختراق من طرف جهات تعمل لحساب جهات أجنبية، أو ربما أطراف مناهضة لآل مبارك أرادت توريط مصر، فتقرر بسرعة عاجلة أن يتم تدارك الأمر بنقل أعداد أخرى من الممثلين والممثلات والمطربين والمطربات، الذين تنقلوا لأم درمان من أجل مناصرة الفراعنة كما صرحوا ولكن أغلبهم كانوا في مهمة أوكلت إليهم، من أجل تجاوز الهزيمة سواء رياضيا أو حتى سياسيا. وأدى هذا الاضطراب وإقحام "الفنانين" المفاجئ إلى حرمان بعض المشجعين من السفر للخرطوم وفوضى في تسيير الأمور. وقد اعترف وزير الإعلام المصري أنس الفقي في مجلس الشعب حيث قال بالحرف الواحد: "إن البعض جاء في آخر لحظة وغيّر الإستراتيجية التي وضعها الحزب" )القدس العربي 04 ديمسبر 2009). * وطبعا هذا الذي ظهر لاحقا حيث أن الممثلين أرادوا استغلال شهرتهم للترويج لباطل ومزاعم وأوهام لم تقع أصلا. ويكفي مثلا ما ظهر من مطرب وهو يستنجد عبر الفضائيات ولكن كشف أمره لما نشر فيديو يفضحه وهو على كرسي بمقر السفارة التي بها مكتب لخلية استخباراتية تعمل في السودان، وليس في بيت أحد السودانيين كما زعم. * هذه بعض المعلومات التي استطعنا الوصول إليها وسنعود لاحقا لجوانب أخرى وتداعيات تحتاج لمتسع جديد، وطبعا لن أصمت أو أتصالح مع من نبشوا قبور شهدائنا بألسنتهم المخمورة وخاصة أنه يوجد بينهم جدي أحمد بن مبروك وعمي بلخير وقريبي أحمد بن لهويدي وجاري علي بخوش... الخ، وأكثر من كل ذلك أنه لنا شهداء لا تزال دماؤهم لم تجف على أرض سيناء المصرية.