- مصاريف النقل خيالية والحكومة تتدخل لإنهاء معاناة عائلات الموتى بالخارج * كشفت الحكومة عن مشروع جديد ينتظر أن ينهي معاناة آلاف العائلات الجزائرية لنقل جثث أبنائها المتوفين في الخارج، بسبب الغلاء الفاحش لتكاليف النقل الباهظة التي تفرضها شركات النقل الجوي ومنها الجوية الجزائرية، حيث تحتسب هذه التكاليف على حسب الوزن الإجمالي ضمن نفس شروط الخدمة المطبقة في دائرة شحن البضائع جوا. * قالت السيدة نجية موراح، مديرة شبكة في الشركة الجزائرية للتأمين ( إس آآ)، إن المشروع الجديد هو ثمرة عمل لجنة حكومية مشتركة، ضمت في بدايتها مسؤولين في وزارتي الخارجية والمالية وثلاث شركات تأمين وطنية هي "كات"، "كار"، والشركة الوطنية للتأمين، حيث تكفلت هذه الأخيرة باستشارة وطنية ودولية للبحث عن تغطية تأمين أخطار إعادة توطين جثث الموتى من أبناء الجالية. مهمة البحث عن التغطية أفرزت عرضا من طرف شركة التأمينات الفرنسية "أكزا" التي التزمت بالتكفل بتغطية شاملة للجالية في الخارج على أساس تسجيل فردي إرادي ومحلي (في فرنسا)، وينص المشروع في صيغته النهائية التي تم تحريرها والتوقيع عليها بين الطرفين الجزائري والفرنسي على تغطية تأمينية شاملة لمجموع الجالية الجزائرية في الخارج تشمل أماكن تواجدها في كل الدول ولكل الأعمار، للأفراد والعائلات مقابل أن تتكفل المؤسسة المؤمنة بالتكاليف المتعلقة بنقل جثث الجزائريين المتوفين في الخارج، ويتم التسجيل في هذه الخدمة التأمينية على أساس اشتراك سنوي قدره 17.20 أورو للفرد الواحد. * المشروع، الذي سمي "إعادة توطين الجثث ومصاريف الجنازة"، ينص في تفاصيله على: حد أدنى من المسجلين سنويا لا يقل عن 10 آلاف، ومهلة انتظار قدرها ثلاثة أشهر لبداية مفعول الخدمة من تاريخ تسجيل الشخص المشترك فيها، مع منحة إضافية نسبتها 12 بالمائة سنويا لتغطية تكاليف النقل الجوي لفرد من العائلة أو الأصدقاء لمرافقة الجثة إلى أرض الوطن. * وأحصت لجنة العمل المشرفة على المشروع خلال عام، 15000 مهاجر جزائري سجل اشتراكه في الخدمة التأمينية الجديدة، وهو رقم يعادل المتوسط السنوي المسجل مؤخرا لعدد الجزائريين المتوفين في الخارج وتطلب عائلاتهم أو يتركون وصايا لدفنهم داخل الوطن. * عائقان كبيران لا يزالان يقفان في وجه المشروع: أولهما تمسك وزارة الخارجية بتحفظها على أن تتولى البعثات الدبلوماسية في الخارج التسويق المباشر لهذه الخدمة التأمينية الجديدة، على أساس ان ذلك بعيد عن مهامها. والعائق الثاني هو تردد بنك الجزائر في منح للشركة الوطنية للتأمين ترخيصا خاصا باستلام الاشتراكات التي يدفعها المسجلون من أبناء الجالية بالعملة الصعبة، أو السماح لها بفتح حساب بنكي بالعملة الصعبة في الخارج لدى وكالة البنك الخارجي الجزائري، خاصة أن الطرف الفرنسي (شركة أكزا) يستلم حقوق الاشتراك بالعملة الصعبة، وكانت مديرية مراقبة الصرف في بنك الجزائر، ردا على مراسلات الشركة الوطنية للتأمين المتكررة، طلبت دراسة تقنية اقتصادية للمشروع وهو ما تم دون ان تتلقى الشركة الوطنية للتأمينات رخصة من محافظ بنك الجزائر حتى الآن، وهو ما يتطلب تدخل الحكومة. * الكشف عن المشروع الجديد في وقت متزامن مع انعقاد الملتقى الوطني حول الجالية الذي نظمته لجنة الشؤون الخارجية في المجلس الشعبي الوطني، ترك شعورا عميقا بالرضا والتفاؤل في أوساط المشاركين في الملتقى. وقال بعضهم إن الثقل المعنوي والمادي الكبير الذي يواجهه جزائريو الخارج لنقل جثث أبنائهم ودفنهم في أرض الوطن، أصبح هاجسا لكثيرين منهم، وبعضهم غالبا ما يلجأ للاقتراض من البنوك، لتوفير نفقات نقل جثث أفراد عائلته والنفقات الأخرى، منها الغسل الذي وصل ببعضهم إلى أن يؤجر أشخاصا لغسل الموتى بتكلفة 1000 دولار للجثة الواحدة. فضلا عن المئات من الجثث الأخرى التي تتكدس لشهور طويلة في مصالح حفظ الجثث بالمستشفيات الأجنبية في غياب من يطلب استلامها لدفنها وعجزه عن تسديد التكاليف. وتحدث بعض المشاركين في ملتقى الجالية عن لجوء السلطات الاسبانية ودول أخرى في أوروبا الشرقية إلى حرق جثث بعض الجزائريين من المهاجرين غير الشرعيين وحتى المقيمين الشرعيين إذا لم يتقدم أحد لاستلامها، واضطر هذا الوضع أفراد الجالية الجزائرية في بعض المناطق في فرنسا إلى وضع صناديق خاصة تموّل بشكل تطوعي نفقات نقل جثث الموتى منهم، لكن ذلك كان أبعد من أن ينزع هواجس 5 ملايين جزائري في الخارج.