وجهت الحكومة تعليمة لمصالح أملاك الدولة، دعتها من خلالها إلى إلحاق الممتلكات العقارية التي كانت مدونة بأسماء لم تعد موجودة على أرض الواقع، بالأملاك العقارية التابعة للدولة، وهي التعليمة التي جاءت تنفيذا لبنود تضمنها قانون المالية لسنة 2010 . * وذكرت مصادر مسؤولة بمصالح أملاك الدولة ل "الشروق"، فضلت عدم الكشف عن هويتها، أن قرار الحكومة جاء ليحل واحدة من أعقد المشاكل التي واجهتها الحكومة خلال السنوات الأخيرة، وذلك بعد أن تحولت المحاكم إلى مسارح لمعارك بين جزائريين ورعايا من جنسيات مختلفة، أغلبها الجنسية الفرنسية، سبق لهم وأن أقاموا بالجزائر خلال الحقبة الاستعمارية. * ونظم قانون المالية للسنة الجارية عملية "تنظيف" قوائم الأملاك العقارية، من خلال المادة 42 التي تنص على "تطهير مجموعة الوثائق الممسوكة على مستوى المحافظات العقارية من التأشيرات التي فقدت حداثتها نتيجة أيلولة بعض الأملاك العقارية للدولة، تبعا لتدابير تأميم أو تحويل للدولة أو تخلي بعض الملاك عن عقاراتهم". * ويؤكد المصدر ذاته، أن قرار الحكومة الجديد، جاء ليسد ثغرات تسبب فيها التسيير العشوائي للحافظات العقارية منذ البدايات الأولى للاستقلال، بحيث لم تتخلف الدولة في تشريع قوانين لضبط ما كان يعرف ب "الأملاك الشاغرة" بعد مغادرة الآلاف من الأقدام السوداء والمعمرين للجزائر عقب الاستقلال، غير أن المسؤولين الذين تعاقبوا على مصالح الأملاك العقارية، لم يقوموا بنزع الأملاك من الأسماء التي كانت تسيطر عليها، قبل أن تتخلى عنها، لكن من دون أن تفقدها فعليا. * وبموجب قرار الحكومة الجديد، فإن الآلاف من الأملاك العقارية التي كانت مدونة بأسماء الأقدام السوداء ورعايا من جنسيات أوربية (إيطالية برتغالية وإسبانية وحتى مالطية)، ستؤول تلقائيا إلى أملاك الدولة، وذلك استنادا إلى نص المادة 42 من قانون المالية 2010، التي أكدت على أن الآلاف من الممتلكات العقارية، طالها التأميم، غير أن عملية تحويل الملكية من مالكها الأصلي، إلى ملكية الدولة، لم تتم على مستوى المحافظات العقارية (على الورق)، وهو الإجراء التقني الذي سبب أزمة سياسية واجتماعية بين الجزائر وفرنسا. * ويوجد المئات من الأقدام السوداء والمعمرين السابقين، في نزاع قضائي مع رعايا جزائريين على مستوى المحاكم الجزائرية، وفي نزاع مع الدولة الجزائرية على مستوى محكمة حقوق الإنسان الأممية بجنيف، غير أنه وفي الوقت الذي حكمت فيه العدالة الجزائرية لصالح فرنسيين رفعوا قضايا ضد جزائريين من أجل طردهم من ممتلكات لا زالت بأسماء مالكين سابقين منذ الحقبة الاستعمارية على غرار ما حصل مع شركة "ألتيراك" العقارية، حسمت محكمة حقوق الإنسان لصالح الدولة الجزائرية في دعوى رفعها أحد الأقدام السوداء، في واحدة من القضايا اعتبرت سابقة، بحيث أقرت المحكمة الدولية بعدم شرعية مطالب الأقدام السوداء، بل والأكثر من ذلك، اعتبرت هذه المحكمة نص قرارها، الذي سبق ل "الشروق" أن نشرته، اجتهادا قضائيا ومسلكا ينبغي على المحكمة الدولية أن تسلكه، في بقية القضايا التي رفعها الأقدام السوداء ضد الجزائر، والبالغ عددها أكثر من 600 قضية، لا زالت تحت النظر.