ترتيبا من الأعلى إلى الأسفل ظاهريا أصحاب المهنة الشاقة "كوبي كلي" أي "أنقل ولصق" من لحية الحاج ڤوڤل أو الصحفيون هم الأول من حيث ضرب الشيتة! ورجال الأعمال و(العمايل) في المرتبة الأخيرة، وبينها أصناف من الشياتين والانتهازيين والوصوليين تبدأ من الساسة (المسوسين) وأصحاب النقابة (المنقبين) ومعهم ما يسموه بأصحاب المجتمع المدني.. فكل هؤلاء يمكن تسجيلهم فيما يمكن أن نصطلح على تسميته ب"المدرسة الوطنية للدراسات التطبيقية في ضرب الشيتة". وهي على الإطلاق أم المدارس في هذه البلاد وهي علم بكامله ولها قواعدها وأصولها منها تخرجت أجيال وستخرج أخرى ان عجز أصحاب التغيير للنظام عن غلق أبوابها، أو على الأقل تحجيم دورها! لكي يصبح الشيات على الأقل على شاكلة الحركي راهو أمركي على الجبين وليس في كراس المستفيدين من الريع المستخرج من تحت الأرض! أما مصطلح الشيتة فكان أول من طرحه على الهواء مباشرة وربما في الهواء الطلق أمام الجمهور فهو بن بلة وهو بالمناسبة يجب الاعتراف بأنه رجل طيب وزاهد في الدنيا حين دافع عن "البديل الديمقراطي" وهو حزبه الذي أسسه. وهذا قبل أن ينخرط معظم هؤلاء في الحرب ضد الإسلاميين والمعربين (دعاة التعريب) من باب الإرهاب، مع أن النظام كما يعترف الرجل المقعد الذي يحكمنا كما كان واقفا هو البادئ! والبادئ دائما أظلم وهو سبب جعل أمراء الإرهاب يقطفون رؤوسهم كلما سنحت الفرصة مثلما يقطفون رؤوس غيرهم بداعى أنهم دعموهم ثم خانوهم، أي انهم انتهازيون! "وخبزيست" كما يقول جيراننا في تونس منذ السبعينات وهذه الصفة ظلت مع الأسف مرتبطة أساسا بهؤلاء حتى مع الجندي في صفوف الدولة السرجان أحمد أويحي، فقد جزم بأن هؤلاء يمكن شراؤهم بوصل بنزين "بون ديسانس"، والسرجان الذي سيقود الآن معركة الحوار والخوار "نقطة فوق الحاء" مع المعارضة لم يرد أن يوسع كمه، فيقول لنا إن كل واحد قابل للشراء كما تشترى الشاة في أسواق الماشية! وبالمناسبة الرجل المقعد لم يعد خاصية محلية فقط، فالمشير السيسي وسوسو المرشح للفوز برئاسيات مصر بعد الانقلاب على الاخوان يتصرف خلال حملته كما لو أنه مقعد على سرير ممدد، وليس على كرسي متحرك كقائدنا وملهمنا الذي اتضحت له كل الرؤى عدا رؤيته للدستور كيف ينبغي أن يكون مسطورا، وهذا مدة 15 سنة من حكمه إلا ما تعلق بفتح العهدات (حتى الوفاة)! أما ضرب الشيتة والانتهازية، فليست بالضرورة مرادفة لكسب مغانم كثيرة وإن كانت تعلق في بعض الأحيان منافذ يدخل منها الريح أو أفواه يلجها "الذبان" لعلّه يستريح ويريح! فأصحاب السلطة الرابعة (ال 40) مثلا - وهما قسمان حكومي وخاص أكثرهم لم يحصلوا على استفادات إلا كما حصل عليها سعداني باسم الفلان - وهو حزب موالاة وولاة (واللات والعزى) بالنسبة في التعديل الوزاري الأخير حين أعطي ثلاث عظمات فمات من شدة الفرح باعتباره صاحب الأغلبية في الوصولية! و(الوصول متأخرا).
الداب راكب مولاه!! على رأي الوحلة مع "الكحلة" أما البيضاء فنصيبها في القعود في البيت لتربية الجيل الذي يعول عليه في الخرج من السياسة الانتهازية، يمكن منهم وضعية المعارضة التي تنشد التغيير، فالوحلة كما لخصها مختص في علم الاجتماع - وبين قوسين جميع مفاتيح فهم المجتمعات كما وضعها هؤلاء لم تنطبق على الحالة الجزائرية هو أن تلك المعارضة ستصطدم بثقافة الوصولية على كل المستويات، والمصطلح مشتق على الأرجح من فعل وصل والفاعل هنا مبني على المجهول كما يقول النحويون يعود على بغل! أما الكحلة كما لخصها عمّنا مقري الذي لا يحتاج ليقرأ دروس النظام مجدّدا بعد أن تحول بحزبه إلى المعارضة فهي أن أحزاب التموقع قد تكون أشد خطرا على المعارضة الحقيقية من النظام نفسه! وهذا النوع من الأحزاب التي لم يسمها تتعامل على طريقة الذي لا يجوع الذئب ولا يغضب الراعي وقس عليها الجمعيات والتجمعات. والنتيجة أن هذا الاختراق من باب التمكين للحس العسل وليس البصل من شأنه أن يقلب القيم والأخلاق فتقوم العملة الرديئة بطرد العملة الجيّدة وتختلط الرؤى! ويصبح المقياس الوحيد في الترقية وتبوء المناصب العليا والسفلى هو سي نعرف "وسي نفهم" وسي نقدر! وعاش من عرف قدره، فانكمش في قبوه أو قبره مثل المتصوف الذي يلبس الصوف فلا يشوف أو الذي أصبح مصنفا في قائمة الخفيف! والحمد لله أن الحكومة التي جاءتنا في العهدة و(الهردة) الرابعة حكومة كفاءات وليست مكافآت على شيتة بديل أن المدرسة الوطنية للشيتة أعلنت الحداد مدة ثلاثة أيام! وسمعنا من داخل مبنى خليفة غلام الله في الدين من الإداريين من يتركون بمقدم الغلام الشاب الذي سيعيد على الأرجح توزيع كوطة الحج المخصصة للمسؤولين! وسمعنا أيضا أن خليفة البابا بن غبريط ستنشر غبارها أول ما تنشره في الابتدائيات "نيفو كاتريام" بعد أن تكلف خيرة خريجي مدرسة تكوين الأساتذة لتعليم الصغار لحكمة نعرفها وهي أن النقش في الصّغر كالنقش في الحجر تشمل في ذلك نقش دروس الشيتة والله أعلم! ويقال إن مسؤولة الهلال الأحمر، وهذا في إطار التقليص من حدة الوصولية والشيتة وتهذيب الشارع لكي لا يفتضح الأمر، تسعى من أجل القضاء على عادة حمل القفة المسماة قفة رمضان وحكمتها هنا أن تعويد الخلق على حمل القفف والسّلال - وليس سلال وزيرنا الأول سيجعل الأمر هيّنا... وقد يشجع التلميذ على حمل قفة لمعلمه فيها دجاجة وعشر بيضات في الأرياف والموظف على نقل الوشايات في شكل صاشي أي كيس محمول كل يوم وصاحب البنك على نقل قفة أموال بمجرد رنة هاتف جوّال! دون أن يخشى الحساب لأن حماة القفة بالآلاف أيضا! السؤال المطروح على المعارضة كيف يمكن تحجيم دور المدرسة الوطنية للشيتة وليس غلقها كما فعل أويحيى غير الشيات مع مصانع الحكومة؟ حين تولى رئاسة الحكومة؟ الجواب أشبه بأن تجعل هؤلاء يحملون الماء في القفة، وهو أمر شبه مستحيل بحكم العادة وتوفر مال الريع الذي يغري الأسد في المواقف والضبع معا.. إلا إذا انتقل المال العام والسائب عند هؤلاء ومارسوا نفس مهنة الشراء للذمم كما يفعل النظام!