وزارة التربية تدرس مقترحات 28 نقابة    سعيود يبرز الجهود المتواصلة    هذه توضيحات الجمارك الجزائرية..    وفد عن مجلس الأمة يشارك في مؤتمر عربي    توقيف لاعبَيْ مولودية الجزائر واتحاد بسكرة 6 مقابلات    سيطرة مطلقة للمنتخب الجزائري    الدخول المهني: استحداث تخصصات جديدة تواكب سوق العمل المحلي بولايات الوسط    هذه هي الجزائر التي نُحبّها..    نحو 5000 امرأة ريفية تستفيد من تكوين    تتويج زينب عايش بالمرتبة الأولى    قِطاف من بساتين الشعر العربي    الشوق لرمضان    كناب-بنك يطلق مخطط ادخار "برو-انفست" لمرافقة المهنيين    حماس: تأخير الكيان الصهيوني الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين "خرق فاضح لصفقة التبادل"    رئيس مجلس الشيوخ المكسيكي يؤكد دعم حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره    كرة القدم/ كأس افريقيا 2026 /اناث: سيدات المنتخب الوطني يواصلن تحضيراتهن بالجزائر العاصمة    صدور المرسوم التنفيذي المتضمن رفع قيمة منح المجاهدين وذوي الحقوق    تقديم العرض الشرفي الأول لفيلم "من أجلك.. حسناء" للمخرج خالد كبيش بالجزائر العاصمة    مجلس الأمن يعتمد قرارا يدين الهجمات في جمهورية الكونغو الديمقراطية والاعتداء على المدنيين    الطارف : انطلاق التربص التكويني لمدربي كرة القدم FAF1 بالمركب الرياضي تحري الطاهر    اقتناء "فيات دوبلو بانوراما" يكون عبر الموقع الإلكتروني    اجتماعٌ تنسيقي بين وزير السكن ووزير الفلاحة والتنمية الريفية    ربيقة يشارك في تنصيب قائد جيش نيكاراغوا    نثمن الانجازات التي تجسدت في مسار الجزائر الجديدة    جائزة التميّز للجزائر    شبكة وطنية لمنتجي قطع غيار السيارات    اتحاد التجار يطلق مبادرة لتخفيض أسعار المنتجات الغذائية    باتنة: الدرك الوطني بوادي الشعبة توقيف عصابة تنقيب عن الآثار    رهينة إسرائيلي يقبل رأس مقاتلين من كتائب القسام    معركة فوغالة كانت بمثابة القيامة على جنود العجوز فرنسا    جنازة نصر الله.. اليوم    هناك جرائد ستختفي قريبا ..؟!    هذا جديد مشروع فيلم الأمير    تعديل في نظام تعويض أسعار القهوة الخضراء المستوردة    سايحي يتوقع تقليص حالات العلاج بالخارج    تكنولوجيا جديدة لتقريب الطلبة من المحيط الاقتصادي    ضبط أزيد من 32 كلغ من الفضة بحاسي مسعود    احتجاجات تعمّ عدة مدن مغربية    المجاهد قوجيل يحاضر بكلية الحقوق    اعتماد 4 سماسرة للتأمين    وفد من المجلس الشعبي الوطني يزور صربيا    "العميد" للتصالح مع الأنصار وتعزيز الصدارة    مستفيدون يُجرون تعديلات على سكنات تسلَّموها حديثاً    مبادرات مشتركة لوقف إرهاب الطرق    استعمال الذكاء الاصطناعي في التربية والتعليم    تراث مطرَّز بالذهب وسرديات مصوَّرة من الفنون والتقاليد    رضاونة يجدّد دعوة ترسيم "الأيام العربية للمسرح"    مدرب مرسيليا الفرنسي يوجه رسالة قوية لأمين غويري    نادي ليل يراهن على بن طالب    كرة القدم/رابطة 1 موبيليس (الجولة 17): نادي بارادو - مولودية الجزائر: "العميد" لتعميق الفارق في الصدارة    صحة: المجهودات التي تبذلها الدولة تسمح بتقليص الحالات التي يتم نقلها للعلاج بالخارج    تسخير مراكز للتكوين و التدريب لفائدة المواطنين المعنيين بموسم حج 2025    اختيار الجزائر كنقطة اتصال في مجال تسجيل المنتجات الصيدلانية على مستوى منطقة شمال إفريقيا    حج 2025: إطلاق عملية فتح الحسابات الإلكترونية على البوابة الجزائرية للحج وتطبيق ركب الحجيج    هكذا تدرّب نفسك على الصبر وكظم الغيظ وكف الأذى    الاستغفار أمر إلهي وأصل أسباب المغفرة    أدعية شهر شعبان المأثورة    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في "الشيتة" وسيكولوجيا الإنسان "الشيات"
نشر في الجزائر نيوز يوم 08 - 02 - 2014

"الشيتة " تعبير عامي، قد يتعذّر إيجاد مرادف مطابق في اللغة العربية يؤدي نفس المعنى والدلالة، لأن مفردة شيتة في الخيال الشعبي لها أكثر من بعد ومعنى ودلالة، فهي تشتمل على عدة صفات، فلا يكفي أن نقول مثلا إن مرادفها في اللغة العربية هو التزلف الذي يعني التقرب بمهانة وإذلال.
«الشيتة "تشمل المهانة والإذلال، وتشمل صفة أخرى أيضا على غاية من الأهمية وهوالتلميع.
الإنسان "الشيات"، فهو من جهة يتقرب في ذل ومهانة، وفي الجهة الأخرى يعمل على تبيض وتلميع وصقل صورة "المشيت" له حتى ينال رضاه ويقضي حاجاته.
كما تجب الإشارة أن "الشيتة" ظاهرة تاريخية فقد عرفتها جميع المجتمعات المتقدمة منها والمتخلفة ولا تقتصر على شعب معين أو بثقافة معنية، وسوف تستمر عند البعض كسلوك ومذهب في الحياة، وهي لا ترتبط بشريحة إجتماعية دون غيرها ، فقد يكون"الشيات" مثقفا كبيرا أو خطيبا مفوها أو شاعرا فحلا، وقد يكون مواطنا بسيطا أجبرته قسوة الحياة وجبروتها على التزلف "وضرب الشيتة".
ما يجب الوقوف عنده والتشديد عليه، أن الشيتة تختلف عن "الواسطة" ولا مجال للمقارنة بينهما، فقد يبحث الإنسان عن واسطة بخاصة في المجتمعات المختلفة من أجل تخطي العراقيل والممارسات البيروقراطية، وقد يضطر إلى تقديم رشوة في سبيل قضاء حاجة دون أن يوصف ذلك السلوك ب«الشيتة" التي هي شيئا آخرا، لكنها تظل مرتبطة بأفراد محدودين ولا تتحول إلى ظاهرة إجتماعية مثل الرشوة أو الفساد أو نهب المال العام، فقد وصف مجتمعا أنه فاسد أو مرتش حيث تصبح الرشوة والفساد ظاهرة عامة، لكن ذلك لا ينسحب على "الشيتة"، فلا يوجد مجتمع كله من الشياتين وإلا اندثرت قيم الشرف والإستقامة والرجولة والنزاهة والحق والخير والجمال.
عرّفنا "الشيتة" بوصفها تزلفا وتقربا يكسوها الذل والمهانة من أجل تحقيق مصلحة أو نيل حظوة، فمن هو الإنسان "الشيات"؟ وما هي سماته؟، هذا يقودنا إلى سؤال أعمق:هل "الشيتة" جانب أصيل في الإنسان أم مكتسب؟،هل يولد الإنسان وهو مزود بهذه الصفة أم قسوة الحياة وجبروتها هي التي تجبره على "ضرب الشيتة" مكرها وليس طوعا؟
ليس سهلا الحسم في هذه المسألة "الأنطولوجية" التي قد تقودنا إلى نوع من العنصرية، لكن تجارب الحياة تخبرنا أنه يوجد نوع من بشر، وليس كل البشر، يتحلون بهذه الصفة ولا يعرفون وليس بإمكانهم العيش بدونها.
إذا لجأنا إلى البرهان بالخلف نقول إأن" الشيات" ليس هو الإنتهازي ولا الوصولي، هو كذلك وأكثر من ذلك، لأن الإنتهازي أو الوصولي يستعمل ذكاءه وكفاءته من أجل تحقيق مصلحة شخصية ضيقة، وقد لا يصل به التنازل إلى مرحلة "الشيتة" التي هي أعلى مراحل الإنتهازية والوصولية التي يجوز وصفها بمرحلة "الرخص" بدلالاتها الشعبية.
إن الإنسان الذي يلجأ إلى الشيتة، وهي الوسيلة الأخيرة والرخيصة، بل ذروة الرخص، يستعملها كأداة وسلوك ونمط حياة، في هذه الحالة يكون قد أعلن القطيعة النهائية عن منظومة قيمية وبنية نفسية واستبدلهما بأخرى مغايرة تتجلى على صعيدين يتعذر حضور أحدهما دون الآخر، صعيد خارجي وآخر داخلي، الأول الخارجي يفصح عن انهيار المنظومة الأخلاقية مثل الإستقامة والشرف والرجولة والوفاء ، والداخلي يفصح عن انهيار البنية النفسية ويكشف عن شخصية غير سوية حتى إذا أظهر العكس، لأنه قد يكون الإنسان "زوالي وفحل" كما تقول الأغنية الشعبية، لكنه يتعذر كثيرا أن يكون الإنسان "شيات وفحل".
إن من يجعل الذل والتذلل والرخص وسيلة للعيش وأسلوب حياة، يكون قد سقط أخلاقيا ونفسيا وتتجلى بشكل خاص، فيكثر في تفكك نسيجه النفسي الداخلي، ويكون فاقد الثقة في النفس وفي المحيط والناس فيلجأ، بسبب الجبن المتأصل، وهي صفة مرادفة للشيات، إلى الحيلة،الخبث، اللؤم، الغش، الخداع، الكذب والتدليس في التعامل مع العالم الخارجي، حتى مع أقرب المقربين.
هذه من سمات العبيد وذهنية العبيد وأخلاق العبيد، حتى وهو يحمل أعلى الدرجات العلمية أو أعلى المراتب السياسية.
لذلك لا غضاضة عنده في دخول سوق النخاسة، ويتاجر بكل شيء وفي كل شيء حتى بكرامته وشرفه وعرضه وتتحول إلى سلعة للبيع.
في هذا المقام، قد يسأل سائل هل الشيتة صفة "رجالية" تستثنى منها النساء، إنها صفة عامة تنسحب على الجنسين، فقط المرأة لما تقرر ممارسة "الشيتة" تختزل الطريق والمتاعب والجهود المضنية وتستلقي على ظهرها في أول سرير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.