إذا كانت السلطة حقا تبحث عن حل حقيقي ودائم ونهائي للأزمة التي "تتكركر" فيها، وصادقة في مسعاها لإخراج البلاد من حالة الانسداد التي تعرقل انطلاق الوطن نحو الرقي والازدهار في أجواء الحرية والديمقراطية والطمأنينة والسكينة وكنف الأخوة والتعاضد والتآزر، فعليها أن تعرج إلى "مازافران"، حيث تجتمع كل أطياف المعارضة الفعلية بحثا عن المخرج الحقيقي للأزمة بمسؤولية والتزام.. في "مازافران" تجتمع جبهة القوى الاشتراكية، وقيادات من جبهة الإنقاذ المحلة، وأربعة من رؤساء الحكومات السابقين حمروش وسيفي وبن بيتور وبن فليس، والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، وحركة حمس طبعة مقري – وما أدراك – وحركة العدالة، وحركة النهضة وحزب جيل جديد وشخصيات أخرى، تجتمع في محفل واحد لأول مرة للحوار والجدال للاتفاق حول بديل ديمقراطي يتبناه الجميع ويلتزم به ويسهر على تنفيذه.. ندوة الانتقال الديمقراطي هي فرصة أخرى لا يجب إهدارها كما أُهدرت مبادرة "أرضية روما"، لأنها تجمع مختلف التيارات التي تمثل كل الجزائريين على اختلاف توجهاتهم وقناعاتهم وبرامجهم. وإن هي توصلت إلى اتفاق، فهذا يعني أنه اتفاق كل الجزائريين، الاتفاق الذي يحقق الإجماع ويوفر الحصانة للانتقال السلمي والمضمون نحو بر الديمقراطية والحرية والبناء الوطني، وهذا هو الخندق الذي يجب أن تكون فيه السلطة، أو تصغي إليه، فمن مصلحة النظام ومصلحة الجزائر في هذا الظرف بالذات، أن تستمع لصوت العقل والحكمة، وهذه كانت قناعة بوتفليقة قبل أن يجنح إلى منطق "من ليس معي فهو ضدي". ذلك لأن الاكتفاء بحلفاء السلطة الحاليين، وبمن حضر في مشاورات "الدستور التوافقي"، والإصرار على ذلك، ما هو إلا هروب إلى الأمام واجترار لما سبق من تجارب فاشلة..