دخلت قضية مراجعة الدستور مرحلة البحث عن التبرير القانوني للآلية التي سيحتكم إليها في التعديل المرتقب، بعد أن استنفدت كافة الترتيبات التقنية بالانتهاء من صياغة الوثيقة، وهي الإجراءات التي تتحدث عنها المادة 167 من الدستور. وكانت مصادر قد أشارت إلى أن الرئيس بوتفليقة أحال نسخا من المسودّة إلى كل من رئيس المجلس الدستوري، مراد مدلسي، ورئيس مجلس الأمة، عبد القادر بن صالح، ورئيس المجلس الشعبي الوطني، محمد العربي ولد خليفة، بغرض إبداء الرأي في النسخة النهائية قبل أن يشرع في الحسم فيها. وتنصّ المادة 176 من الدستور على أنه: "إذا ارتأى المجلس الدستوري أن مشروع أي تعديل دستوري لا يمس البتة المبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري، وحقوق الإنسان والمواطن وحرياتهما، ولا يمس بأي كيفية، التوازنات الأساسية للسلطات والمؤسسات الدستورية، وعلل رأيه، أمكن رئيس الجمهورية أن يصدر القانون الذي يتضمن التعديل الدستوري، مباشرة دون أن يعرضه على الاستفتاء الشعبي، متى أحرز ثلاثة أرباع (3/4) أصوات أعضاء غرفتي البرلمان". ورجّحت مصادر أن يكون الرئيس بصدد انتظار التعليل القانوني من المجلس الدستوري، قبل أن يعلن بصفة رسمية، عن المسودة النهائية وعن المسار الذي ستأخذه إجرائيا، وهي آلية التعديل عن طريق البرلمان، باعتبارها الآلية الأسهل والأضمن مقارنة بالاستفتاء الشعبي، كون الأغلبية المطلقة في غرفتي البرلمان، موالية للسلطة. وبحسب الخبير في القانون الدستوري، عامر رخيلة، فإن رئيس الجمهورية في الدستور الحالي، غير ملزم بعرض المسودة على مجلس الحكومة أو مجلس الوزراء، وهو ما يجعل المحطة المتبقية أمام بروز الدستور الجديد، لا تتعدى مصادقة ثلاثة أرباع البرلمان على المشروع، أو عرضه على الاستفتاء الشعبي، قبل أن تأتي الخطوة الأخيرة والمتمثلة في عرض الوثيقة على المجلس الدستوري، ليقف على مدى مطابقتها للقانون في غضون عشرين يوما، علما أن المدة لم تتجاوز في تعديل 2008 أربعة أيام فقط. ولا يزال الجدل قائما بشأن طبيعة التعديلات وما إذا كانت تمس بالتوازنات الأساسية للسلطات والمؤسسات الدستورية، وهو ما يتطلب الاحتكام فيها إلى الاستفتاء الشعبي، أم أن التعديلات شكلية ومن ثم الاكتفاء بعرضها على البرلمان فحسب، وهنا يؤكد الخبير الدستوري أن المسألة تنطوي على الكثير من الحساسية بالنسبة لرئيس الجمهورية، لأنه سبق له وأن تحدث عن تعديل معمق، الأمر الذي يتطلب عرض التعديل على الاستفتاء الشعبي.