قال الخبير الدستوري محمد فادن إن التعديلات الدستورية المقترحة من شأنها رفع الدستور الجزائري إلى مصاف الدساتير الحديثة والمعاصرة بالنظر إلى المسائل التي تناولها كمنظومة الحقوق والحريات، حيث تم ترقيتها إلى مصاف الجيل الرابع في الحقوق والحريات، زيادة على اشتماله على جملة من المواد المهمة كدسترة الحق في الثقافة، البيئة، الحفاظ على الثروات للأجيال القادمة.. وهي مواد ظهرت جميعها مؤخرا في الدساتير الحديثة. بالإضافة إلى الديموقراطية، فقد جاء بأحكام جديدة تؤسس للتداول السلمي على السلطة وفتح المجال للخيار الشعبي عن طريق الانتخابات للوصول إلى الحكم، والعديد من الأحكام التي تلزم باحترام الشفافية والنزاهة في الانتخابات والتداول على السلطة. فالمادة 74 من الدستور الجديد تحصر العهدات الرئاسية في عهدتين، 5 زائد 5، أي 10 سنوات فقط وتم ضمها إلى مجموعة من الثوابت كالدين الإسلامي. وقد أضيف من الثوابت للمادة 178 .
المراجعة رفعت الحقوق والحريات إلى مصاف الجيل الرابع وواصل الخبير الدستوري أنه من مواصفات الدساتير الحديثة إحداث التوازن بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية. فهذا الدستور يوازن بين صلاحيات رئيس الجمهورية والوزير الأول ويمنح هذا الأخير الحق في التعيين والإقالة. وقد جاء بالعديد من مؤسسات البحث العلمي والأكاديمي. وأكد فادن أن قضية الحقوق والحريات هي الفيصل والمعيار للحكم على أي دستور فإذا احترمها فهو دستور جيد. ووصف الخبير الدستور الجديد الذي يضم 182 مادة بأنه تغيير كلي وليس مجرد تعديل لدستور 1996 فالمواضيع التي تطرق إليها شملت جميع الفصول تقريبا بأبعاده السياسية، الاجتماعية، الاقتصادية المتعلقة بالظروف الحالية، الاستثمار، محاربة الرشوة، في الشق الاجتماعي العلاج المجاني، التعليم المجاني. وعن تمرير الدستور عبر البرلمان، اعتبر الأستاذ فادن الحديث سابقا لأوانه. فمشروع التعديل الدستوري يمرر بطريقتين فوفق المادة 176 يعرض على المجلس الدستوري وإذا لم يكن يحتوي على مواد تمس بالحريات يُحال على البرلمان بغرفتيه للمصادقة عليه. أما في المادة 174 فيعرض على المجلس الشعبي الوطني كأي دستور والاستفتاء يكون بعد 50 يوما، وهو أمر يستبعده الخبير لأن الظرف غير مناسب لفتح نقاش حوله كما أنه لا يمس بالثوابت والمبادئ والحقوق والحريات.
تعديل بعض المواد الصماء يستدعي الاستفتاء يرى أستاذ القانون الدستوري عمار رخيلة أن التعديل الدستوري الجديد بمثابة إعادة لما كان يتضمنه دستور الجمهورية الفرنسية الثالثة لسنة 1876، فهذا الدستور بمثابة نسخة موازية منه تتضمن أحكاما دستورية إلى جانب أحكام قانونية. فالهدف منه الاستجابة لمقترحات الطبقة السياسية فيما يخص التداول السياسي، تأطير الشباب، المرأة، البيئة. فهذه الأطروحات برأيه تخص القانون وليس لها علاقة بالدستور على حسب المختص. وأوضح الأستاذ رخيلة أن أي فتوى قبل صدور رأي المجلس الدستوري هي سابقة لأوانها فكل من له اطلاع ودراية بالقانون الدستوري ودساتير العالم يعرف ذلك، مردفا أن الكثير من التعديلات الموجودة في النص المطروح للمناقشة تتجاوز الحدود التي من شأنها أن يقف عندها الاكتفاء بعرض المشروع على البرلمان بغرفتيه. وواصل الأستاذ رخيلة أن المادة 178 من القانون الجديد إضافة إلى بند المادة 74 المعدلة هي مادة صماء لا يجب أن يمس أي تعديل بالمواد الموجودة فيها، وتساءل المتحدث أنه في حال إعطاء ضمانة دستورية لاحترام عهدتين للحيلولة دون أن يمس أي رئيس بها أليس يستوجب الأمر الذهاب إلى استفتاء؟ وأضاف الأستاذ رخيلة أن للأمازيغية بعدا وطنيا، ثقافيا، وتاريخيا، ولكن ما حدث هو نصف دسترة ونصف ترسيم فكتابة "ترسيم اللغة الأمازيغية كلغة وطنية تدريجيا" يثبت ذلك.