قررت الجمعيات الثقافية والأسرة الفنية في الجزائر التكتل والدخول على الخط في حرب بالوكالة عن وزيرة الثقافة نادية لعبيدي، بعد أن استمرت زعيمة حزب العمال، لويزة حنون، في حربها بالوكالة أيضا عن الوزيرة السابقة خليدة تومي، كما يقال. حنون، التي لطالما واجهت "الإسلاميين" وهددت "الفاسدين الافتراضيين" وكالت الاتهامات للجميع تحت عنوان واحد وكبير "الجزائر في خطر"، لم نسمع لها صوتا لأكثر من عقد من الزمن عندما كان مجلس المحاسبة يشير ويؤكد بلغة الأرقام وجود ثغرات مالية في عدد من المؤسسات الثقافية وأيضا عندما سئم المواطن اللاهث وراء لقمة العيش تحت أسقف مهترئة من "التظاهرات الكبرى". لا نذكر أي خرجة "جادة" أيامها ولم نسمع لنواب "حزب العمال" أصواتا مرتفعة في قبة البرلمان تندد بتبديد المال العام. فجأة تحول حزب العمال إلى "حامي الحمى" .. الخائف على "الثقافة" في بلادنا والمطالب "بالتحقيق" في تظاهرة قسنطينة. كما تحول فجأة أيضا بعض الفنانين إلى "محامين" عن الوزيرة لعبيدي.. كنا في انتظار العرض المسرحي "الهايشة" للمخرج محمد شرشال بالمسرح الوطني فأطلت علينا الفنانة بهية راشدي والفنان عبد الحميد رابية والمطربة زكية محمد والقائمة تطول.. الإطلالة كانت لاستنكار تصريحات حنون في حق وزيرة القطاع وكانت أيضا للدفاع المستميت عن لعبيدي المنتجة والوزيرة. العرض لم يكن مشوقا لأن الجمهور سرعان ما قاطعهم منددا "بتسييس" المسرح ومطالبا بحقه في مشاهدة العرض المسرحي. اتضح فيما بعد أن وزيرة الثقافة- وعلى غير العادة- أصرت على أن يقرأ مدير الديوان رسالتها قبل العرض والتي فهمنا منها أن مسرحية "الهايشة" هي إسقاط على العنف المتفشي في المجتمع وعلى ابتعاد الناس عن الأخلاق والثقافة إلى سلوكات منحطة وحيوانية... و"الفاهم، أكيد أنه فهم". رفع الستار أخيرا عن العرض المسرحي "الهايشة" الذي بدوره لم يعف حزب العمال من الإشارة ضمنيا في أحد حوارات الممثلين إلى "الهوايش في البرلمان". لم تتوقف الحرب عند هذا، الحد فحنون حملت مسؤولية وفاة المخرج عمار العسكري لوزيرة الثقافة.. نعم.. لعبيدي كانت السبب في وفاته وربما ستثبت حنون كلامها بفحص طبي مثلما ستثبت الفساد بالوثائق "الافتراضية"...
الحروب الكلامية في نظري مجرد جعجعة بلا طحين.. والمساندات التي أعلنتها بعض الجمعيات الثقافية وبعض الشخصيات الفنية والثقافية في نظري هي وقود تحتاجه "الثقافة" في محطات أهم وأصعب.. لماذا تحول النقاش البرلماني من أسئلة نواب إلى وزيرة إلى مسألة شخصية بين الوزيرة وحنون؟ هل يعني هذا أن القضية في جوهرها شخصية ولا علاقة لها بالفساد "المزعوم"؟ هل تومي منزعجة من تصريحات لعبيدي حول سلبيات عهدتها؟ لماذا لم تخرج الوزيرة السابقة عن صمتها.. هل هو واجب التحفظ فقط؟ الأسئلة كثيرة وبعض الأجوبة معروفة ولكن الجواب المنتظر كان دخول لعبيدي إلى المحكمة وتحويل الواقعة إلى قاضي التحقيق لأنها تجاوزت الأسئلة إلى قذف وتشهير ومساس بالسمعة... دخلت القضية أخيرا إلى محكمة سيدي أمحمد، فهل لديك أدلة يا لويزة حنون؟